مقدمة المحقق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف أنبياء الله محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
الانسان ما دام يحمل معه صفة الانسانية ويجعلها كالقطب من الرحا في حياته، فهو دائما يفكر في أنه فاقد لشئ عظيم لا بد وأن يصل إليه ليكمل ما فرضه على نفسه من حمل الانسانية، ألا وهو الوصول إلى الكمال والجمال الروحي والعرفان الحقيقي.
فعلى قدر ما يحمله الانسان من الانسانية يكون تفكيره للوصول إلى الكمال والجمال، إذ نستطيع أن نقول وبكل صراحة: إن بين الانسانية وبين الكمال تساويا، فلا يفرق لنا أن نقول: إنسانية، أو كمال.
لكن هنا سؤال يتبادر إلى ذهن كل طالب للحقيقة، وهو: كيف يمكن الوصول إلى هذه المرتبة التي هي أمنية كل حر صاحب قلب طاهر نقي، وفي هذا العالم ال………
سؤال في محله… لكن تكل الألسن عن جوابه، تتحير الأقلام عن الكتابة
(٧)
عنه وتكبو، بل تنكسر…
فكيف يمكن أن يصل الانسان إلى مرحلة العشق الحقيقي للحق؟ مع وجود الموانع الكثيرة في زماننا هذا وعدم وجود المربي الروحي، ا إذ الأكثر – إن لم نقل الكل – يريد أن يصل إلى مرحلة من العلم من دون أن يمزجه بالعمل والتقوى، فهل يا ترى علمه هذا ينفعه، ومن النار يخلصه؟ من دون التقوى، من دون أن يسلك مسلك عرفان أهل البيت عليهم السلام،
من دون أن يجد حلاوة العشق ولذة المناجاة!
نعم، كيف يمكن أن يصل الانسان إلى مرحلة الانسانية وهو واقع في زمن لا يوجد من يوصله إلى حكم الله الواقعي؟! مع وجود الشبهات الكثيرة التي هي أحد الموانع الرئيسية المانعة من الوصول إلى الحقيقة والحق، إلى السعادة الأبدية، هذا كله مع وجود إبليس الرجيم الذي ينتهز الفرص لكي ينشب مخالبه في كل شئ….
وهنا سؤال آخر يفرض وجوده على أذهان العشاق والمحبين الذين يسألون من هذا وذاك كي يصلوا إلى الكمال والجمال.
وهو: إذن ماذا نعمل؟ وهل توجد طريقة نستطيع بواسطتها أن نصل إلى الكمال أو نحوم حوله؟
نعم يبقى شيئان يستطيع الانسان بواسطتهما أن يبقى له رجاء للوصول إلى مراده وهدفه العالي، وهما:
أولا: الالتجاء والتوسل بمن وجد الوجود لأجلهم، بمن قدمهم الأنبياء والأولياء في دعواتهم وتوسلاتهم، ألا وهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، هم الذين توسل بهم آدم فتاب الله عليه، هم سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك وغرق، هم باب حطة الذي من دخله كان من الآمنين، هم آل يس، هم الذكر، هم الراسخون في العلم، هم آيات الله وبيناته وكتابه، هم أولوا الأمر، هم أنوار الله، هم المؤمنون، هم الأبرار والمتقون والسابقون و المقربون، هم السبيل والصراط، هم الصادقون والصديقون والشهداء والصالحون، هم نعمة الله وفضله ورحمته، هم حبل الله المتين والعروة الوثقى، هم الصافون والمسبحون، هم
(٨)
البحر واللؤلؤ والمرجان، هم السبع المثاني، هم العلماء، هم الشجرة الطيبة، هم الهداية والهدى…
هم النور نور الله جل جلاله *
هم التين والزيتون والشفع والوتر
مهابط وحي الله خزان علمه *
ميامين في أبياتهم نزل الذكر
وأسماؤهم مكتوبة فوق عرشه *
ومكنونة من قبل أن يخلق الذر
ولولا هم لم يخلق الله آدما *
ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو
ولا سطحت أرض ولا رفعت سما *
ولا طلعت شمس ولا أشرق البدر
ونوح به في الفلك لما دعا نجا *
وغيض به طوفانه وقضي الأمر
ولولا هم نار الخليل لما غدت *
سلاما وبردا وانطفى ذلك الجمر
ولولا هم يعقوب ما زال حزنه *
ولا كان عن أيوب ينكشف الضر
ولان لداود الحديد بسرهم *
فقدر في سرد يحير به الفكر
ولما سليمان البساط به سرى *
أسيلت له عين يفيض له القطر
وسخرت الريح الرخاء بأمره *
فغدوتها شهر وروحتها شهر
وهم سر موسى والعصى عندما عصى *
أوامره فرعون والتقف السحر
ولولا هم ما كان عيسى بن مريم *
لعازر من طي اللحود له نشر
سرى سرهم في الكائنات وفضلهم *
وكل نبي فيه من سرهم سر
فلا بد لكل من يريد الوصول إلى المراتب الراقية من أن يقدم هؤلاء الكرام في دعواته إلى الله ويتوسل بهم، فإنه السبب الأساسي الذي يبقي للانسان الرجاء للوصول إلى أمنيته السامية، وأحسن ما يذكرهم به هو
زيارتهم بالزيارة الجامعة الكبيرة،
وزيارة عاشوراء مع اللعن والسلام الكامل مع صلاة النافلة كما أكد عليه قائم آل محمد عليه وعليهم السلام في قصة السيد الرشتي المشهورة.
ثانيا: محاسبة النفس كل يوم وليلة، بل كل آن ولحظة، لأن النفس أمارة بالسوء تتبع الهوى بل تتخذه إلها، فبالمحاسبة ينجو الغارق ويتدارك المفرط عثراته
(٩)