أعلن وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى إدراج محترف متحف عساف في الورهانية (جبل لبنان 51 كلم عن بيروت) على لائحة المتاحف الوطنية اللبنانية.
الوزير النشط الذي لا يهدأ، شمل المحترف باهتمامه ورعايته، وحرص على زيارته شخصياً، مدققاً في حناياه الخلابة، متتبعاً كل تفاصيل تماثيله المنمنمة السالبة للألباب.
تلقائياً، انسحبت روعة المكان على مؤدى كلام المرتضى فقال ” هنا في هذا المكان الجبلي النحاتون الأشقاء اللبنانيين الثلاثة عساف ومنصور وعارف، قدّموا لوحات رائعة من الصخر، فبعثوا فيه الحياة”!
وكان للميادين نت تقرير موسّع حول محترف الأشقاء عساف.
اقرأ أيضاً: الصخر “ينطق” عباقرة في محترف عساف ! (صور)
المرتضى أعلنها ” كلّ لبنان لأن لبنان كلّه معنيٌّ بهذا الجمال الذي تنامُ فيه الطبيعة على رجاء القداسة، قداسة التاريخ في صيرورته التي تجمَّدت في الأمكنة وتحررت في الأزمنة.”
وأشار الى “أن نصف ما نراه من إبداع الإخوة عساف ومنصور وعارف لا يفي بالغرض من أجل الاعتزاز بلبنان فالمشاهدةُ هنا بحاجة لحاسَّة روحية أبعد من حاسة النَّظر. الحجارة هنا تخلَّت عن جلمودها لترتدي فستانًا تغازلُه نسائم الحرية لأنه لا فناً بلا حريّة ولا إبداعاً بلا حريّة ولا لبنانَ بلا حرية”.
وقال: “نحن أيها الأخوات والإخوة في هذا المتحف المحترف أمام طبيعة متأنسنة، طبيعة خام خلقَها الله وسلّط عليها أنامل الفنانين فاستحقَّتْ عظمتها عبر أيادي البشر. هنا قطعة سَما على ما كان يردِّد العظيم وديع الصافي عن لسان الشاعر الكبير يونس الإبن وربما أيضاً قطعةٌ تجمعُ الأرض بالسماء حيث يمكنُ تلمُّس عذوبةِ السواقي وحفيف أوراق الشجر وهل من بيئةٍ أرقى من هذه البيئة ليولد الفنُّ فيها؟”.
“كل ما في هذا المكان يعبق بالحياة كما نودّ أن نعيشها دون أن يُتاحَ لنا ذلك، الحياةُ بلا ضوضاء وبلا صخب وبلا ضجيج. من منّا لا يود العودة إلى بساطة المصدر وعمق الجذور وروعة الأشياء التي تربّينا عليها؟ حجارة مصقولة بلَون طفولتنا وما أجمل البيوت التي تردّنا إلى طفولتنا. نتحدَّث إلى جرنٍ ونعانق سطيحة ونتسامر مع قنديل”، أضاف المرتضى.
وتابع: “متحفكم ومحترفكم يردُ الناس أيّها الإخوة الثلاثة من غربتهم، من إقامتهم الجبرية في أشيائهم الآسرة. باتوا أسرى الحضارة الرقمية فأعدتموهم أنتم إلى الحضارة الثقافية .. هنا فيلسوف وهناك أديب. هنا شاعر وهنا عظيم من عظماء بلادي يستلقون هانئين على خصر تلَّةٍ أو في مُهجة صخرةٍ أو ينتصبون في قاماتهم وقيمتهم في كل أمكنة المتحف المحترف”.
وكانت كلمة الأشقاء المبدعين، التي عرضت لمسيرة المحترف وتطلعات القيمين عليه، مع شكرٍ لوزارة الثقافة على الاحتضان.
بعد ممرٍّ جميل، نلاحظ عدة قطع حجرية منحوتة ومرصوفة بطريقة هندسية، وفيما لا نجد تفسيراً لوجودها، يشير علينا المرشد بالنظر من كوّة مستطيلة (فتحة) في جدار غرفة… فينعقد اللسان فعلاً: القطع المذكورة اكتملت، فبان من هذه النقطة بالذات رأس تمثال الأديب اللبناني العالمي ميخائيل نعيمة!
مشاهدات رائعة
بيت حجريّ جميل أصفر منقّش بألوان بيضاء وبنّية وسوداء، تعلوه “سطيحة” إلى جانبها جرن “كبة” حجري مع مدقّته الحجرية.
هنا تشنّف الآذان أصوات رقرقات مياه عذبة تنساب على جنبات الطريق الضيّقة المزروعة بأشجار التفاح والإجاص والعنب وغيرها.
بعد ممرٍّ جميل، نلاحظ عدة قطع حجرية منحوتة ومرصوفة بطريقة هندسية، وفيما لا نجد تفسيراً لوجودها، يشير علينا المرشد بالنظر من كوّة مستطيلة (فتحة) في جدار غرفة… فينعقد اللسان فعلاً: القطع المذكورة اكتملت، فبان من هذه النقطة بالذات رأس تمثال الأديب اللبناني العالمي ميخائيل نعيمة!
يعمل الإخوة عساف بمقدار 10 ساعات يومياً. فكل منحوتة تستغرق عملاً ضخماً.
ولعل أهم شخصية جُسّدت خارج المحترف هي تمثال الأديب ميخائيل نعيمة، بارتفاع 5 أمتار وعمق 2,5 متر في قلب صخر جبل صنين (أحد جبال لبنان الغربية، ترتفع أعلى قممه 2695 متراً عن سطح البحر).
ويبدو تمثال المفكر والقيادي اللبناني الراحل كمال جنبلاط الضخم على كتف المحترف في الهواء الطلق، وهو مؤلف من 7 قطع كبيرة شكَّلت جدارية ضخمة.
تماثيل و”منمنمات”
وفي ردهات المنزل توزّعت تماثيل: الأمير فخر الدين، الأديب والفيلسوف جبران خليل جبران، الجرّاح اللبناني العالمي مايكل دبغي، الممثل حسن علاء الدين (شوشو)، الموسيقار والمطرب فريد الأطرش، الموسيقار فيليمون وهبي، الفنان نبيه أبو الحسن، الشاعر سعيد عقل، الصحافي غسان تويني، الشاعر طليع حمدان، الرسام وجية نحلة، “بطل الاستقلال” أديب البعيني، وشهيد الاستقلال الوحيد في لبنان سعيد فخر الدين، وغيرهم من الأدباء والمفكرين والفنانين والمخترعين.
الكمية لا تهم هنا بقدر نوعية العمل المُتقن المحترف، فقد لفتنا مثلاً الصولجان الحجري “المنمنم” الأسطواني الذي نُحت لتمثال القديس “مار مارون” في المحترف، وهو بالفعل أذهل النحاتين الإيطاليين، كما أدهشتنا دقة التفاصيل الصغيرة (شارب – عُرى الأزرار – الأسنان – رباط الحذاء) في بعض التماثيل للشخصيات المعروفة.
يبقى أن تجربة الأشقاء عساف، بتضافر جهودهم وتعاونهم، تعطي نموذجاً ساطعاً لنجاح الشباب اللبناني والعربي في الإبداع والتميّز.