الرئيسية / شخصيات أسلامية / مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام

والمسكنة، عرف ربه بالعزة والكبرياء، والعظمة. وقوله: أنا الطين، إشارة إلى أن العارف، لم يزل في مقام الفقر والإقرار بالحدوث والعجز. وقوله: من أنا؟ لما أقر الجسد بالمعرفة، والحدوث والإمكان، والموت، والرجوع إلى عنصره ومعدنه، وتلاشيه وتحلله بعد تركيبه.
وقوله: أنت أبو تراب، يشير به إلى معنيين: خاص، وعام. فالأول معناه أن المراد من الأب المربي والمرشد، والروح قيم هذا الجسد ومربيه، والثاني أن أبا تراب هو الماء، والمراد به: أنت أبو الأشياء ومبدأها وحقيقتها ومعناها، لأن الكلمة الكبرى عنها برزت الموجودات، وهي سر سائر الكائنات.
وقوله: فقلت له: أنا أنت. يعني أنا مثلك ميت ومركب. فقال: حاشاك، حاشاك، أنا أنا، وأنا أنا، يعني ابن التراب والنور.
وقوله: أنا ذات الذوات، والذات في الذوات للذات، صرح بإظهار السر المكنون، والكلمة المتعلقة بطرفي (كن فيكون)، وذلك أنه اسم الله الأعظم وحقيقة كل كائن وأنه ذات كل موجود لذات واجب الوجود لأنه سره وكلمته وأمره ووليه على كل شئ، وذلك أمر خصه الله به، لأنه هو هو، بل إنه كلمة الله وآيته وسره.
فبان بحل هذا المبهم كفر الغالي والقالي، وسلوك التالي والموالي، ووصول العارف العالي، فعلي سر الله في الكل ووليه على الكل، لأن الرب سبحانه سلم ما أوجده بإرادته، وخلقه بقدرته ومشيئته، إلى وليه وكلمته، فقد سلم ما صدر منه إليه لأن المولى الولي، مقامه في الخلق مقام الرب العلي، وإليه الإشارة بقوله: (لا فرق بينهم وبينك إلا أنهم عبادك وخلقك) (1).
وقوله في الدعاء: (جئت بك إليك) (2) يعني جئت بصفاتك إلى ذاتك، وبعدلك إلى عفوك.
وقوله له: فقال: عرفت، فقلت نعم، فقال: فامسك. هذا إشارة إلى أن الإنسان إذا عرف أن عليا هو السر الخفي، وجب عليه الامساك لقبول (3) العقول عن هذا الإدراك.
(1) الإنسان الكامل: 128، والرسائل الثمانية: 88.
(3) لنبو – خ ل.
(٤٤)

فصل (الصفات الإلهية) وذلك لأن الصفات الإلهية (٧) الحي وهو إمام الأئمة والعليم، والمريد والقادر والمتكلم والجواد والمقسط، ولهذه الأسماء مظاهر فمظهر ركن الحياة إسرافيل، ومظهر ركن العلم جبرئيل، ومظهر ركن الإرادة ميكائيل، ومظهر ركن القدرة عزرائيل، ولهذه الأصول سبع مظاهر كوكبية تسمى النيرات السبع، وكل كوكب منها خدم لاسم من هذه الأسماء، فمظهر تجلي الحياة الشمس، ومظهر تجلي العلم المشتري، ومظهر تجلي القدرة المريخ، ومظهر تجلي الإرادة الزهرة، ومظهر تجلي الكلام القمر، ومظهر تجلي الأقساط عطارد، ومظهر تجلي الجود زحل، والأسماء هي المؤثرة فيما تحتها من العوالم لكن بواسطة هذه المظاهر كما تقتضيه الحكمة الأزلية من ترتيب الأسباب على المسببات، وإليه الإشارة بقوله: ﴿وأوحى في كل سماء أمرها﴾ (1).
فصل (الأنبياء مظاهر أسماء الله) وكذلك الأنبياء فإنهم مظاهر أسماء الله فمن كان منهم مظهر اسم كلي، كانت شريعته كلية، وجميع الأسماء ترجع إلى الاسم الجامع الذي هو الله، وجميع الرسل والأنبياء ترجع إلى هذه الأسماء السبعة:
آدم وإدريس وإبراهيم ويوسف وموسى وهارون وعيسى عليهم السلام ومرجع هذه السبعة إلى الاسم الجامع الواحد وهو محمد صلى الله عليه وآله قادم مظهر الاسم الناطق وللخالق فيه أثر تام، ومحله فلك القمر وهو بيت العزة، وفيه جوامع الكلم الطيب.
(وإدريس) مظهر الاسم الحي وفلكه الشمس التي هي منبع الحياة الحيوانية والنباتية، ومن ثم أعطي العلم بأسرار المعادن والنبات.
(وإبراهيم) مظهر الاسم الجواد وللإله فيه أثر تام وفلكه زحل وهو أول من أطعم الضيف.
(ويوسف) مظهر الاسم المريد وللجميل فيه آثر عظيم وفلكه فلك الزهرة.
(١) فصلت: ١٢.
(٤٥)

(وموسى) مظهر الاسم القادر وللقوي وللشديد فيه أثر، وفلكه فلك المريخ.
(وهارون) مظهر الاسم العليم والآمر والناهي وفلكه فلك المشترى.
(وعيسى) مظهر الاسم المقسط وللحكيم فيه أثر ولذلك أبرأ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى وفلكه فلك العطارد.
ومحمد صلى الله عليه وآله له جملة هذه الأفلاك أو الأسماء والأعداد، وهو مظهر الاسم الجامع وفلكه قاب قوسين أو أدنى، وهو جامع الأسرار، ومظهر الأنوار، وجامع الكلم فهو كل الكل وجملة الجمال وخلاصة الأكوان، وخاصة الرحمن وهو كما قيل:
فما أعجز الأفكار عن كنه وصفه وما أقصر التفسير عن كل معناه وعدد اسم محمد صلى الله عليه وآله (132) لأنه م ح م د وفيه ميم مدغمة واسمه أمين، واشتقاق لفظ الأمين من الأمن، وعدده خطا لا رسما (92) وهو عدد يشير إلى اسمه م ل ك وأمان أم ان وهو (92) كما قيل:
لاسم خير الرسل فضل * عند ذي الفضل متين فهو في الخط أمان * وهو في اللفظ أمين

(٤٦)

شاهد أيضاً

برنامج لعلكم تتقون الحلقة (2)

برنامج لعلكم تتقون الحلقة (2) إقرأ المزيد الامام الخامنئي يهنئ بفوز المنتخب الايراني للمصارعة الرومانية ...