المجتمع الإسلامي
عندما نتحدّث عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكـر، قد يُبادر الكثير من الناس ليتساءل عن وجوب أداء هذه الفريضة في حال إمكانيّة تعرّض الإنسان لموقف سـلبيّ أو خـوف الضـرر، أو قد يُـبادر آخرون ليسألوا عن بعض الحالات الّتي لا أمل في إمكانيّة التأثير فيها، كما لو استنفدنا كلّ الطرق للنهي عن منكر ما ولم نصل إلى نتيجة، فهل يجب الاستمرار والنهي مرّة بعد أخرى رغم علمنا بعدم تأثر الطرف المقابل؟
عندما نتحدّث عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكـر، قد يُبادر الكثير من الناس ليتساءل عن وجوب أداء هذه الفريضة في حال إمكانيّة تعرّض الإنسان لموقف سـلبيّ أو خـوف الضـرر، أو قد يُـبادر آخرون ليسألوا عن بعض الحالات الّتي لا أمل في إمكانيّة التأثير فيها، كما لو استنفدنا كلّ الطرق للنهي عن منكر ما ولم نصل إلى نتيجة، فهل يجب الاستمرار والنهي مرّة بعد أخرى رغم علمنا بعدم تأثر الطرف المقابل؟
الله سبحانه وتعالى لا يُريد لنا الضرر، ولا يُريد لنا أن نشغل أنفسنا ونستنزف أوقاتنا في مورد معيّن لا فائدة منه. لذلك وضع قيوداً وشرائط لوجوب هذه الفريضة، فإن تحقّقت هذه الشرائط يجب على الإنسان أن يُبادر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإذا لم تتحقّق سقط عنه التكليف. وبالإضافة إلى الشروط العامّة الّتي تُشترط في كلّ تكليف كالبلوغ والعقل، وهناك شرائط أخرى خاصّة بهذا الباب يجب توفرها ويمكن تلخيصها بما يلي:
1 ـ العلم والمعرفة
العلم والمعرفة هما من الشرائط الأساس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الشرط يجب تحقّقه في طرفين:
أ- علـم الآمـر الـنـاهـي: فيجب عليك أن تتعلّـم أوّلاً ما هـو الحـلال وما هو الحرام وما هـو الـواجـب ومـا هـو المبـاح، فـإذا اسـتطعت أن تميّز بينها بشكل واضح عندها تتصدّى لمهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمّا مع عدم علمك وشكّك وترددك في أنّ هذا الأمر هـو واجب أو لا وذاك الآخر محرّم أم مباح، فلا تستطيع أن تأمر الناس مع شكّك به.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلّا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر به رفيق بما ينهى عنه، عدل فيما يأمر به عدل فيما ينهى عنه، عالم بما يأمر به عالم بما ينهى عنه”([1]).
وعن الإمام الصادق عليه السلام: “صاحب الأمر بالمعروف يحتاج إلى أن يكون عالماً بالحلال والحرام”([2]).
ب- علم مرتكب الحرام: فإذا فعل فعلاً محرّماً مع عدم علمه بحرمته، فعليك أن تعلّمه أوّلاً أنّه حرام.
ولكن إذا أصرّ على فعل المحرّم بعد علمه يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
ملاحظة: لو كان هناك مسألة مختلف فيها بين المراجع العظام وكان مرجعه يقول بالحرمة لم يجز له أن ينهى عن هذه المسألة الشخص الّذي يقلّد المرجع الآخر القائل بالجواز، وإذا لم يعرف من يقلّد لم يجب عليه ـ بل لم يجز له ـ نهيه أيضاً.
2 ـ احتمال التأثير
فإذا كان يائساً من إمكانيّة التأثير بأيّ أسلوب كان، سقط الوجوب عنه، ولا يكفي الظنّ بعدم التأثير إذا لم يصل إلى حالة اليأس من ذلك، فيجب عليه النهي عن المنكر حتّى لو ظنّ بعدم التأثير.
وهناك عدّة نقاط ينبغي الالتفات إليها:
أ- إذا كان التأثير لا يحصل إلّا مع تكرار النهي عن المنكر عدّة مرات وجب النهي عن المنكر.
ب- لو علم أو احتمل تأثيره في تقليل المعصيَة لا قلعها، يجب عليه ذلك.
ج- إذا كان التأثير لا يحصل إلّا إذا نهاه عن المنكر علناً وأمام الناس، فإنّ كان الفاعل متجاهراً بمعصيته جاز نهيه أمام الناس بل يجب ذلك، وأمّا إن لم يكن متجاهراً فيُشكل شرعاً نهيه أمام الناس.
د- إذا كان التأثير لا يحصل إلّا من خلال ارتكاب المحرّم في نهيه لا يجوز، ذلك وسقط وجوب النهي عن المنكر، إلّا إذا كان المنكَر مهماً جدّاً لا يرضى الله به كيفما كان كقتل النفس المحترمة، فإذا توقّف نهيه عن القتل على الدخول في الدار المغصوبة مثلاً، وجب الدخول.
3 ـ الأمن من الضرر
يجب أن لا يكون هناك ضرر مترتّب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا علم أو حتّى احتمل الضرر ـ احتمالاً يترتّب عليه الخوف عادةً ـ لم يجب عليه ذلك.
المقصـود مـن الضـرر هـو الضـرر المـاديّ المتوجـّه على النفـس أو العرض أو المال، سـواء كـان سـيصيب نفس الآمر الناهي أم غيره من المؤمنين.