تشهد محافظة الأنبار غربي العراق حالة استنفار صحي عقب رصد تفشٍ لفيروس الإنفلونزا سريع الانتشار داخل عدد من المدارس، ما دفع دائرة صحة المحافظة إلى مطالبة وزارة التربية باتخاذ قرار فوري بإغلاق تلك المؤسسات التعليمية مؤقتاً، في خطوة تهدف إلى كسر سلسلة العدوى ومنع تفاقم الوضع. وجاء التحرك بعد تسجيل ارتفاع ملحوظ في الإصابات بين الطلبة خلال الأيام القليلة الماضية.
وبحسب وثيقة صادرة عن مديرية الصحة، فقد أوصت بـ”منح الطلبة والكوادر التعليمية إجازة إجبارية لمدة سبعة أيام في المدارس التي ظهر فيها تفش للفيروس”، مؤكدة أن “الانتشار الحالي يتميز بسرعة انتقاله بين الأطفال داخل الصفوف المغلقة والمساحات المكتظة”.
وقالت الدائرة في مخاطبتها لوزارة التربية، إن “الاستمرار بفتح تلك المدارس قد يؤدي إلى مضاعفة أعداد الإصابات خلال فترة قصيرة جداً، ما يتطلب اتخاذ قرار بإغلاقها”، مطالبة بـ”تدخل مباشر لحسم قرار الإغلاق على المستوى الوزاري، لتوحيد الإجراءات وضمان الالتزام بها”.
وحتى الآن لم يصدر أي توضيح رسمي من وزارة التربية، إلا أن وزارة الصحة تراقب الوضع في الأنبار عن كثب، وقال المسؤول في قسم الصحة المدرسية في الوزارة، محمود الجميلي، لـ”العربي الجديد”، إن “فرق الرقابة الصحية على تواصل مستمر مع الدوائر المحلية لتقييم حجم الإصابات، وإن الإغلاق المؤقت يبقى خياراً مطروحاً في حال أثبتت البيانات الوبائية أن الانتشار قد يتسع”.
وأشار إلى أن “الوزارة كانت قد أطلقت في بداية العام الدراسي حملة إجراءات وقائية مشددة في عموم مدارس العراق، من بينها إلزام الطلبة بارتداء الكمامات، وإجراء عمليات تفتيش عن بوابات المدارس للتأكد من الالتزام، إلى جانب توجيهات تتعلق بزيادة التهوية داخل القاعات الدراسية”. وأكد المسؤول الصحي أن “التعاون بين وزارة الصحة ووزارة التربية ضروري في مثل هذه المرحلة”، مضيفاً أن “تطبيق الإجراءات الوقائية بشكل صارم يقلل نسبة تفشي الفيروسات الموسمية بنسبة قد تصل إلى 40%”. العراق: أطباء يحذرون
من جهتهم، حذّر أطباء متخصصون من الاستهانة بالوضع، معتبرين أن سرعة الانتشار داخل الفئة العمرية الصغيرة قد تعقد السيطرة على الفيروس. وقال الطبيب المختص بالأمراض التنفسية في مدينة الرمادي، همام السلماني، إن الفيروس “يظهر نمطاً سريعاً في الانتقال داخل البيئات المغلقة”، مؤكدا لـ”العربي الجديد”، أن “الأطفال غالباً ما يكونون أكثر عرضة للمضاعفات بسبب ضعف جهازهم المناعي وعدم اتخاذهم إجراءات وقائية”. تلاميذ بحصة دراسية في مدرسة ابتدائية ببغداد، سبتمبر 2024 (الأناضول) صحة
الأمراض الموسمية تهدّد مدارس العراق: إجراءات وقائية وتحذيرات
وأوضح أن “معظم الحالات المسجلة حتى الآن خفيفة إلى متوسطة”، لكنه شدد على ضرورة “عزل الحالات التي تظهر عليها الأعراض فوراً، ومنح الإجازات المرضية دون تردد، ووقف الدوام في القاعات التي تسجل نسب إصابة مرتفعة”. وطالب بـ”تفعيل الفرق الجوالة داخل المدارس لإعطاء الإرشادات الصحية المباشرة، وتوزيع الكمامات، وإجراء فحوصات دورية”.
وأثار الموضوع قلقا واسعا بين أولياء الأمور، الذين أعرب كثير منهم عن خشيتهم من تكرار سيناريو السنوات الماضية حين أدت الأوضاع الصحية إلى إغلاق المدارس لفترات طويلة. وقال الحاج أبو عبد الرحمن، وهو والد تلميذ في المرحلة الابتدائية في مدينة الرمادي، إنه تلقى اتصالاً من إدارة المدرسة تخبره بأن “عدة طلاب ظهرت عليهم أعراض الإصابة”، مؤكداً لـ”العربي الجديد”، أن “الخوف الأكبر هو أن تنتقل العدوى إلى الأطفال داخل المنازل، خاصة إذا كانوا يعيشون مع كبار السن”. ودعا وزارة التربية إلى “اتخاذ قرار موحد وواضح بدل ترك الأمور لاجتهاد إدارات المدارس”، مضيفا: “إذا كان الإغلاق ضرورياً فليعلن رسمياً، وإن لم يكن كذلك فعلى الوزارة أن تطمئن الأهالي وتوضح حجم الخطر”.
ومع حالة الترقب والقلق، تؤكد الجهات الصحية أن السيطرة على الموقف ما زالت ممكنة إذا ما تم الالتزام بالتعليمات الوقائية، لكن وبالرغم من محدودية عدد المدارس المتأثرة حتى الآن، إلا أن المخاوف من توسع دائرة الإصابات تحتم على الجهات المختصة التحرك السريع لتجنب سيناريوهات أكثر تعقيداً.