41 ) مع كل موجودٍ دون حلولٍ ولا إتحاد:
المعيّة: تعني الكينونة مع الله حيث يقول عز وجل في القرآن الكريم: (وهو معكم أينما كنتم) (57/4) فقيُّوم عالم الوجود هو الله كلّنا قائمون به، وبه نحن موجودون أو يعقل وجود الظّل دون من يسببه.
في نفس هذه الخطبة المباركة من نهج البلاغة يقول: (مع كل شيء لا بمقارنة) أي أنّ الله موجود مع كل موجودٍ ولكن لا على سبيل الإقتران بهذا الموجود أو القرب الظاهري منه فلو فرض أنّ وجود أي موجودٍ كان منفصلاً عن وجود الله لما وجد الوجود أصلاً.
فذلك الوجود موجودٌ لأن الله منحه الوجود. باختصار إنه تعالى مع كل شيء ولكن لا يكون على نحو القرين لذلك الشيء.
فمعيّة الله تعالى لزيد مثلاً ليست على نحو أنّ يكون لكلٍ منهما ذاته المستقلة عن الآخر أو أن يكون ـ أي زيد ـ وإلهه في عرض بعضهما البعض. ثم إنّه إذا ما نحّينا الوجود الذي منحه إيّاه الله جانباً لما عاد شيئاً يُذكر.
إن الممكن من شأنه أنّ يكون ليس ومن علته أنّ يكون أيس إنّ كل موجودٍ بما هو هو، لا شيء ولكنه موجود من حيث أنّ وجود الله معه.
في القول المنسوب إلى مولانا الإمام أمير المؤمنين(ع) يقول: (ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله وبعده ومعه). أي رأيت الله مع كل ما رأيت. إن الإنسان يجب أن يبلغ ذلك الحدّ الذي تصبح فيه رؤية الله أمراً عادياً بالنسبة له.
أو فليبلغ على الأقل درجة علم اليقين. وإذا لم يكن بلوغ درجة حق اليقين أو عين اليقين متيسّراً له فليعلم أَنه أينما وجد موجود ما فإنّ وجوده نابع من وجود الله لا على سبيل الحلول ولا على سبيل الإتحاد فكلاهما كفر وإلحاد. لا الله موجود في أحد ولا هو حل في شيء.
كما أنه لا وجود لموجود مركّب من نفسه ومن إلهه. فهذان الإثنان ـ الحلول والإتحاد ـ خطأ وكفر بل إن وجود كّل موجود مستمر من الله ولا أحد يملك شيئاً من نفسه.
يا من بك وجد الوجود كله واستمد التراب الضعيف قدرته