الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي
وجدت بخط بعض البغداديين ما صورته : للشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي
الشيعي المتوفى سنة عشرين ومائتين وألف من الهجرة منظومة في علم الكلام ،
وكان بغدادي المسكن .
أقول : كان قد فر من بلاده من ظلم الجزار وأقام بدمشق ، ولما غلب احمد
الجزار على دمشق تركها الشيخ وهاجر إلى العراق ، كان سكن بغداد . والرجل
من أجلاء العلماء والمتكلمين والأدباء المشاهير والشعراء المجيدين ( 1 .
ومن منظومته في الكلام قوله ” ره ” :
ولا تقل كلامه قديم * فإنه شرك به عظيم
لأنه مركب من أحرف * حادثة حروفها غير خفي
وكل ما يذكره الجمهور * من الكلام فرية وزور
ومنها قوله :
وما نسبناه من الصفات * له تعالى فهو عين الذات
ومنها قوله :
فان هذا يقتضي علانيه * بأن تكون الشركا ثمانية
ومنها قوله :
وهي على التحقيق شئ واحد * والعقل والنقل بذاك شاهد
ومنها قوله :
ومقتضى الحكمة كل حين * وجود شخص كافل للدين
وكل ما يلزم في النبي * من صفة يلزم في الوصي
فحاله كحاله وانفردا * بالوحي من كان النبي المرشدا
ومنها قوله :
الحسن والقبيح عقليان * عند ذوي العقول والعرفان
وليس ينفي ذين الا قاصر * عن رتبة الادراك أو مكابر
ألا ترى حكم ثقات الدين * والشرع بالتقبيح والتحسين
الجبر والتفويض دل العقل * أنهما خلف ودل النقل
وكيف لا وأول القولين * يقضي على الله بكل شين
مقالة أقبح بها مقاله * نعوذ بالله من الضلالة
والقول بالتفويض شر قيل * لأنه يفضي إلى التعطيل
والحق أمر بين أمرين كما * رواه عن آل النبي العلما
ومنها في المهدي عليه السلام :
امامنا الحي الذي لا يجحد * حياته الا الغوي الملحد
وكيف ينفى كونه أو يدفع * والعقل والنقل بذاك يصدع
ومن شعره في التشوق إلى وطنه :
من لي برد مواسم اللذات * والعيش بين فتى وبين فتاة
ورجوع أيام مضين بعامل * بين الجبال الشم والهضبات
عهدي بهاتيك المعاهد والدمى * فيهن مثل الحور في الجنات
والشمل مجتمع واخوان الصفا * أحنى من الاباء والأمهات
والروض أفيح والجناب ممنع * والورد صاف والزمان مواتي
إذ لا ترى الا كريما كفه * والوجه عين حيا وعين حياة
أو مولعا بالجود تفهق قدره 1 ) * ويداه بالمعروف في اللزبات 2 )
تختال في المغنى الرحيب ضيوفه * ان الكرام رحيبة الساحات
أو فارسا يغشى الوغى بمهند * ينقض مثل النجم في الهبوات
يجلو بهمته الخطوب إذا دجت * ان الهموم تزول بالهمات
ما دام في قيد الحياة فدهره * يومان يوم وغى ويوم هبات
( وإذا مضى لم يبق غير مكرم * ومطهم ومخذم وقناة ) ( 1
أو عالما حبرا إذا خضخضته * حشد المحيط عليك بالغمرات
وإذا اقتبست النور من مشكاته * أهدى إليك البدر في الظلمات
أو عابدا لله تعظيما له * لم يعن بالرغبات والرهبات
يخشى الاله وما أصاب محرما * فكأنما يخشى من الحسنات
( حتى إذا سيم الهوان رأيته * كالليث أيقظه نطاح الشاة )
أو شاعرا ذرب اللسان تخاله * قحا ترعرع في الزمان العاتي
يأتي بكل غريبة وحشية * نشأت مع الارآم في الفلوات
ويصوغ كل بديعة حضرية * مصقولة الجنبات كالمرآة
( ان قال بذ القائلين وقصروا * عن درك سباق إلى الغايات )
لهفي على تلك الديار وأهلها * لو كان تنفع غلتي لهفات
خطب دعاني للخروج من الحمى * فخرجت بعد تلوم وأناة
وتركته خوف الهوان وربما * ترك النمير مخافة الهلكات 2 )
كان الشيخ إبراهيم تخرج في العلم على السيد أبو الحسن ابن السيد حيدر
الأمين صاحب المدرسة في قرية شقرا التي قيل إنها حوت من الطلاب فوق
الثلاثمائة فيهم الفضلاء الاجلاء .
وله ابن اسمه الشيخ محمد من العلماء الاجلاء ، ذكره بعض علماء جبل
عامل فيما كتبه فيه ذيلا على أمل الآمل .
الصورة :لـ .. اية الله العظمى السيد ابو القاسم الخوئي قدس الله نفسه الزكية