الرئيسية / بحوث اسلامية / الغدير في الكتاب والسنة والأدب – الشيخ الأميني

الغدير في الكتاب والسنة والأدب – الشيخ الأميني

09-نعم: شذ عنهم (الدكتور ملحم إبراهيم الأسود) في تعليقه على ديوان أبي تمام فإنه قال: هي واقعة حرب معروفة. ولنا حول ذلك بحث ضاف تجده في ترجمة أبي تمام من الجزء الثاني إنشاء الله. العناية بحديث الغدير كان للمولى سبحانه مزيد عناية بإشهار هذا الحديث، لتتداوله الألسن وتلوكه أشداق الرواة،

 

 

حتى يكون حجة قائمة لحامية دينه الإمام المقتدى صلوات الله عليه، ولذلك أنجز الأمر بالتبليغ في حين مزدحم الجماهير عند منصرف نبيه صلى الله عليه وآله من الحج الأكبر، فنهض بالدعوة وكراديس الناس وزرافاتهم من مختلف الديار محتفة به، فرد المتقدم، وجعجع بالمتأخر، وأسمع الجميع وأمر بتبليغ الشاهد الغايب ليكونوا كلهم رواة هذا الحديث، و هم يربون على مائة ألف ولم يكتف سبحانه بذلك كله حتى أنزل في أمره الآيات الكريمة تتلامع مر الجديدين بكرة وعشيا، ليكون المسلمون على ذكر من هذه القضية في كل حين، و ليعرفوا رشدهم، والمرجع الذي يجب عليهم أن يأخذوا عنه معالم دينهم.

 

 

ولم يزل مثل هذه العناية لنبينا الأعظم صلى الله عليه وآله حيث استنفر أمم الناس للحج في سنته تلك، فالتحقوا به ثبا ثبا، وكراديس كراديس، وهو صلى الله عليه وآله يعلم أنه سوف يبلغهم في منتهى سفره نبأ عظيما، يقام به صرح الدين، ويشاد علاليه، وتسود به أمته الأمم، ويدب ملكها بين المشرق والمغرب، لو عقلت صالحها، وأبصرت طريق رشدها (2) ولكن..

 
(1) روى النسائي في إحدى طرق حديث الغدير عن زيد بن أرقم في الخصايص ص 21 وفيه: قال أبو الطفيل: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه. و صححه الذهبي كما في تاريخ ابن كثير الشامي ج 5 ص 208، وفي مناقب الخوارزمي في أحد أحاديث الغدير ص 94: ينادي رسول الله بأعلى صوته، وقال ابن الجوزي في المناقب: كان معه صلى الله عليه وآله من الصحابة ومن الأعراب وممن يسكن حول مكة والمدينة مائة وعشرون ألفا وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة

(2) أخرج أحمد في مسنده 1 ص 109 عن زيد بن يثيع عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث: وأن تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم. وروى الخطيب البغدادي في تاريخه ج 1 ص 47 بإسناده عن حذيفة في حديث ” حرف صدره وزيد عليه ” عن النبي صلى الله عليه وآله: وإن وليتموها (الخلافة) عليا وجدتموه هاديا مهديا يسلك بكم على الطريق المستقيم =
[13]
ولهذه الغاية بعينها لم يبرح أئمة الدين سلام الله عليهم يهتفون بهذه الواقعة، ويحتجون بها لإمامة سلفهم الطاهر، كما لم يفتأ أمير المؤمنين صلوات الله عليه بنفسه يحتج بها طيلة حياته الكريمة، ويستنشد السامعين لها من الصحابة الحضور في حجة الوداع في المنتديات ومجتمعات لفائف الناس، كل ذلك لتبقى غضة طرية، بالرغم من تعاور الحقب والأعوام ولذلك أمروا شيعتهم بالتعيد في يوم الغدير والاجتماع وتبادل التهاني والبشائر، إعادة لجدة هاتيك الواقعة العظيمة، كما ستمر عليك تفاصيل هذه الجمل في هذا الكتاب إنشاء الله تعالى، فإلى الملتقى. وللإمامية مجتمع باهر يوم الغدير عند المرقد العلوي الأقدس، يضم إليه رجالات القبائل ووجوه البلاد من الدانين والقاصين، إشادة بهذا الذكر الكريم، ويروون عن أئمة دينهم ألفاظ زيارة مطنبة فيها تعداد أعلام الإمامة، وحجج الخلافة الدامغة من كتاب وسنة، وتبسط في رواية حديث الغدير، فترى كل فرد من أفراد تلكم الآلاف المألفة يلهج بها، رافعا عقيرته، مبتهجا بما اختصه الله من منحة الولاية والهداية إلى صراطه المستقيم، ويرى نفسه راويا لتلك الفضيلة، مثبتا لها، يدين الله بمفادها، ومن لم يتح له الحظوة بالمثول في ذلك المشعر المقدس
= وفي رواية أبي داود: إن تستخلفوه (عليا) ولن تفعلوا ذلك يسلك بكم الطريق وتجدوه هاديا مهديا. وفي حديث أبي نعيم في الحلية ج 1 ص 64 عن حذيفة قال: قالوا: يا رسول الله ألا تستخلف عليا ؟ قال: إن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم وفي لفظ آخر: وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم، وفي كنز العمال ج 6 ص 160 عن فضايل الصحابة لأبي نعيم، وفي حليته ج 1 ص 64

 

 

إن تستخلفوا عليا وما أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجة البيضاء، وأخرجه الحافظ الكنجي الشافعي في الكفاية ص 67 بهذا للفظ وبلفظ أبي نعيم الأول، وفي الكنز ج 6 ص 160 عن الطبراني وفي المستدرك للحاكم إن وليتموها عليا فهاد مهدي يقيمكم على طريق مستقيم، وروى الخطيب الخوارزمي في المناقب ص 68 مسندا عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أصحر فتنفس الصعداء، فقلت: يا رسول الله مالك تتنفس ؟

 

 

قال: يا بن مسعود نعيت إلي نفسي، فقلت: يا رسول الله استخلف، قال: من ؟ قلت: أبا بكر فسكت، ثم تنفس، فقلت ؟ مالي أراك تتنفس ؟ قال: نعيت إلي نفسي. فقلت: استخلف يا رسول الله، قال: من ؟ قلت: عمر بن الخطاب. فسكت، ثم تنفس قال فقلت: ما شأنك يا رسول الله ؟ قال نعيت إلي نفسي، فقلت: يا رسول استخلف قال: من ؟ قلت: علي بن أبي طالب قال: أوه ولن تفعلوا إذا أبدا، والله لئن فعلتموه ليدخلنكم الجنة، ورواه ابن كثير في البداية ج 7 ص 360 عن الحاكم أبي عبد الله النيسابوري عن أبي عبد الله محمد بن علي الآدمي عن إسحاق الصنعاني عن عبد الرزاق عن أبيه عن ابن ميناء عن عبد الله بن مسعود.

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية من وجهة نظره

رؤية الهلال س833: كما تعلمون فإن وضع الهلال في آخر الشهر (أو أوّله) لا يخلو ...