ليالي بيشاور – 44 حوارات اسلامية و بحوث هادفة
1 يوليو,2018
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
912 زيارة
مقام الإمام عند الشيعة الإمامية:
الإمام في اصطلاح الشيعة يختلف عن الإمام في اصطلاحكم ، فإن الإمام عندكم بمعناه اللغوي وهو : المقتدى ، كإمام الجمعة والجماعة .
ولكن الإمام عندنا ـ كما هو ثابت في علم الكلام ـ هو صاحب الرئاسة العامة الإلهية خلافة عن رسول الله (ص) في أمور الدين والدنيا ، إذ يجب على الأمة كافة اتباعه ، ولذا نعتقد بأن الإمامة من أصول الدين .
الشيخ عبد السلام : الإمامة عند علمائنا لا تعد من أصول الدين ، بل أثبتوا أنها من فروع الدين ، وهم فندوا قول الشيعة بالأدلة القطعية ، فقولكم : إن الإمامة من أصول الدين كلام بلا دليل.
قلت : كثير من علمائكم وافقونا في هذه العقيدة وأثبتوا صحتها ، وردوا كلام القائلين بأن الإمامة من فروع الدين .
منهم : القاضي البيضاوي ، وهو من أشهر مفسريكم ، قال في كتابه ” منهاج الأصول ” : إن الإمامة من أعظم مسائل أصول الدين التي مخالفتها توجب الكفر والبدعة .
ومنهم : العلامة القوشجي ، وهو من أشهر الكلاميين عندكم ، قال في كتابه ” شرح التجريد” في مبحث الإمامة : وهي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا خلافة عن النبي (ص) .
ومنهم : القاضي روزبهان ، وهو من علمائكم الذي اشتهر بالتعصب ضد الشيعة قال : الإمامة عند الأشاعرة هي : خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة .
ثم إذا كانت الإمامة من فروع الدين لما كان رسول الله (ص) يؤكد على أهميتها بقوله المروي في كتبكم المعتبرة ، مثل : ” الجمع بين الصحيحين ” للحميدي و ” شرح العقائد النسفية” لسعد التفتازاني .
قال (ص) : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .
من الواضح أن عدم المعرفة بفرع من فروع الدين لا يوجب التزلزل في أصل الدين حتى يخرج صاحبه من الدنيا بالجاهلية قبل الإسلام . ولذا صرح البيضاوي : بأن مخالفة الإمامة توجب الكفر والبدعة .
فالإمامة في معتقدنا ، مرتبة عظيمة هامة ، نازلة منزلة النبوة ، والإمام قائم مقام النبي (ص) ، وبهذا يظهر الفرق بين أئمتنا الاثنى عشر من أهل البيت عليهم السلام وبين الأئمة عندكم ، فأنتم تطلقون كلمة الإمام على علمائكم ، كالإمام الأعظم ، والإمام مالك ، والإمام الشافعي ، والإمام أحمد ، والإمام الفخر الرازي ، والإمام الغزالي وغيرهم ، وهو عندكم كإمام الجمعة والجماعة ، والإمام بهذا المعنى يخرج عن الحد والحصر .
ولكن الإمام بالمعنى الذي نقوله نحن فهو في كل زمان واحد لا أكثر ، وهو أفضل أهل زمانه في جميع الصفات الحميدة ، فهو الأعلم والأتقى والأشجع والأورع والمعصوم بفضل الله ولطفه من الخطأ والسهو ، فيكون حجة الله في الأرض ، ولا تخلو الأرض من حجة لله عز وجل ، يعين بالنص ، كما وردت نصوص من النبي الأكرم (ص) في إمامة الاثنى عشر من أهل البيت عليهم السلام ، وأمر أمته بطاعتهم والأخذ منهم .
والأئمة الاثنا عشر عليهم السلام بعد جدهم خاتم النبيين وسيد الخلق أجمعين يكونون أعلى رتبة وأرفع درجة من جميع الخلق حتى الأنبياء العظام عليهم تحيات وصلوات الملك العلام .
الحافظ : الله أكبر ! قبل هذا كنت تذم الغلاة وتطردهم من مذهب الشيعة ، والآن ثبت أنكم أيضا مغالون في حق أئمتكم إذ تجعلونهم أعلى وأرفع من الأنبياء العظام ، والقرآن يصرح بأن مقام النبوة أعلى المراتب التي يمنحها الله سبحانه لأحد من عباده المكرمين ، فكلامكم مخالف للقرآن الكريم والعقل السليم .
قلت : مهلا … لا تتسرع في ردنا ، ولا تعجل في تخطئة كلامنا ، ولا تقل بأن كلامنا يخالف القرآن الحكيم ، بل لنا دليل على صحة كلامنا واعتقادنا من القرآن الكريم ، واعلم بأننا أبناء الدليل ، حيثما مال نميل .
الحافظ : بينوا دليلكم حتى نعرفه ! فإن كلامكم غريب جدا !
قلت : إن الله سبحانه بعد أن يذكر امتحان أبي الأنبياء إبراهيم الخليل (ع) وابتلاءه في نفسه وأمواله وولده ، وبعد نجاحه وفوزه في كل تلك الامتحانات ، أراد الله تعالى أن يمنحه مقاما أعلى من النبوة والرسالة والخلة والعزم ، لأنه كان آنذاك نبيا رسولا من أولي العزم ، وصاحب الخلة ، فرفعه إلى مقام الإمامة وجعله إمام للناس ، فقال سبحانه : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )(5). فظهر أن الإمامة أعلى مرتبة من النبوة والرسالة والعزم والخلة .
الحافظ : فعلى هذا ، إن الإمام علي ( كرم الله وجهه) يكون مقامه عندكم أعلى من مقام سيدنا محمد (ص) وأي غلو أعظم من هذا ؟!
قلت : ليس كذلك ! وإنما بين النبوة العامة والنبوة الخاصة فرق كبير ، والإمامة أعلى مرتبة من النبوة العامة ودون النبوة الخاصة ، والأخيرة هي درجة خاتم الأنبياء وسيد الخلق أجمعين ، محمد المصطفى ، حبيبنا وحبيب إله العالمين (ص) .
النواب : أرجو المعذرة من التدخل في البحث ، فإني حريص على اكتساب المعلومات وفهم هذه المسائل ، ولذا حينما تخطر مسألة في بالي أطرحها فورا لأني أخاف أن أنساها ، فسؤالي عن الآية الكريمة التي تقول : ( لا نفرق بين أحد منهم )(6) ـ أي : الرسل ـ فالأنبياء كلهم في رتبة واحدة ومقام الجميع عند الله على حد سواء ، فكيف قسمتم النبوة إلى قسمين عامة وخاصة ؟! أرجو التوضيح .
قلت : هذه الآية صحيحة في محلها ، أي لا نفرق بين أحد من الرسل بأنهم مبعوثون من عند الله عز وجل إلى الناس ، وكلهم يدعون إلى الله سبحانه وحده لا شريك له ، وإلى المعاد والقيامة ، ويدعون إلى المعروف والحسنات ، وينهون عن المنكرات والسيئات .
الامام الخامنئي الكيان الصهيوني 2018-07-01