الشهيد طاهر حسين هاشم ولد عام1948م، في محافظة العمارة من أسرة مفطورة على الإيمان الصادق وحب النبي وأهل بيته، ربته على الأخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة، مما جعله يمتاز بمزايا خاصة قل نظيرها عند غيره.
أڪمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدينته. انتمى إلى صفوف حزب الدعوة الإسلامية عام1979م، فكان داعيا بأخلاقه الرفيعة وحسن معاشرته للآخرين، لهذا اڪتسب حب الناس، فكان ناجحا وفقه الله للتأثير في الأوساط التي عاش فيها.
بعد انتقاله إلى بغداد انخرط تحت ظروف خاصة في السلك العسكري، وتخصص في أحد الصنوف المعقدة، وكان ماهرا في اختصاصه مما أهله للمشاركة في دورات خاصة خارج العراق. وتحت مختلف الظروف التي عاشها السيد أبوحسين سواء في العمارة أم في بغداد أم في الإتحاد السوفيتي آنذاك وهو محل دورته العسكرية، بقي متمسكا بدينه والتزامه برسالته المحمدية الأصيلة وكان مثالا للإنسان المتدين،
لم يضعف ولم يكل بل يزداد نورا وبصيرة حتى قررت زمر المخابرات الصدامية التي كانت ترصد تحركاته منذ زمن بعيد أن تعتقله وهو في الغربة عن بلده وأثناء مشاركته في تلك الدورة خارج العراق، لكنه بلطف الله سبحانه وبما أوتي من وعي وذكاء أحس بالأمر واختفى عن عيون الجلاوزة وتنقل من بلد إلى بلد ليحل مهاجرا في أرض إيران في مطلع الثمانينات.
ومنذ وصوله إلى الجمهورية الإسلامية ارتدى زي الجهاد وصار جنديا وفيا من جند الإسلام مخلصا في الدفاع عنه.
التحق بقوات الشهيد الصدر عام1981م وظل رابضا هناك وشارك في عدة مواقع جهادية دفاعا عن الإسلام.
عند تشكيل قوات بدر كان السيد أبوحسين في طليعة الذين انضموا إلى دورتها الأولى بتاريخ20/2/1983م، ليتوجه بعدها في الواجب الأول الذي كُلِفَت به شرق مدينة البصرة، وانتخب في حينها على رأس مجموعة الاستطلاع التي تمتاز عادة بالشجاعة والذكاء والدقة وقوة الملاحظة، ومن خلال عمله هذا طبع في ذاڪرة المجاهدين صورا لاتنسى من الإقدام والتضحية والفداء والتفاني في سبيل الله.
عند تشكيل لواء الإمام الصادق من الأفواج الثلاثة اختير أبوحسين الهاشمي آمرا للفوج الثالث، ولم يكن اختياره لهذه المهمة اعتباطا بل كان أحق بها لما يمتلكه من مؤهلات.
كلفت الأفواج بواجب في هور الحويزة وانتشرت متخذة مواقع لها في مناطق: باب الهوى، برگة سيد نور، طريق البرمائية، الكسر([1])، وبعد أن عززت تواجدها استطاعت التكيف مع ظروف الهور الصعبة وأجوائه القاسية.
كان السيد أبوحسين الهاشمي أخا كبيرا لكل المجاهدين، فتح لهم قلبه الكبير واحتل المكان الأعز في قلوبهم، كان ينادي على إخوته بأحلى ما يحبون من الأسماء، ولطالما أدخل السرور على قلوب الذين معه، حيث كان يُعرف بالنكتة الحاضرة في اللحظات المناسبة، وفوق كل هذا كان مدرسة إسلامية تجمع في ثناياها الأطروحة النموذجية للشخصية الإسلامية، ففي وسط الناس كان مؤمنا واعيا، أما في حقل الفكر فهو عقلية يقظة تدرس المسائل بعمق وتأمل من خلال رؤية واقعية،
وفي العقيدة والسياسة كان يملك وضوحا وإيمانا كاملا بخط الإمام وولاية الفقيه، وعلى مستوى النفس إنسانا متعبدا ملتزما مراقبا لنفسه أشد المراقبة وخصوصا التصرف في بيت المال حاثا إخوته على عدم الإهدار والإسراف والتبذير فيه، بينما كان في علاقاته مع إخوته المجاهدين أخا وصديقا وأستاذا وقائدا ومرشدا وخادما كانت ساحات الجهاد والحرب تتحدث بصدق عن بطولاته وشجاعته وبراعته في التخطيط والقتال وإنه بحق مصداق الآية الكريمة ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾ (الأحزاب: من الآية23).
يقول عنه المجاهد غانم المياحي([2]) (بعد عملية تحرير مخفر الترابة، كنا مع المدرسة المتجولة والعقلية النيرة والبعد الواسع في التفكير، ومع الخبرة العسكرية في نظم الصفوف، ومع الحنان الغزير الذي يعطف به على جنوده وكافة التشكيلة التي كانت بإمرته، ذلك هو الشهيد السعيد أبوحسين الهاشمي تغمده الله بواسع رحمته…، كنت معه في كل جولة على القوات أثناء العمليات المذكورة…، ففي أحد الأيام ونحن في منطقة البنيّات([3]) وأمام مخفر الترابة وبعد مرور يومين على نفس العمليات وهي مستمرة في حدتها قال لي وفي آخر يومين من حياته: إني أطلب من الله سبحانه أن يرزقنا التوفيق في هذه العمليات ودوامها حتى النصر…)،
وينقل عنه في موضع آخر أنه قال (لا أبقاني الله ليوم أحرم فيه من الجهاد ومن ورائنا صدور حرى وعيون عبرى في عراقنا الجريح…)، وقال فيه أيضا (كان له الباع الطويل في تحمل الصعاب، وكان يمتاز بالهدوء والرزانة، وكان يتحاشى أن يعيش بين إخوانه كمسؤول، ويتمنى دائما أن يرى العراقيين في المهجر تسودهم الوحدة والوئام… ولقد أعجبني منه تقواه والورع الذي يتحلى به…).
أما عن شهادته فقد كان ذلك في بدايات تشكيل لواء بدر في العمليات التي خاضها المجاهدون في هور الحويزة، عندما شارك السيد أبوحسين مع سرية من فوجه في العمليات، وعندما كان القصف المعادي يحاڪي نزول المطر طالته قذيفة غادرة مع أربعة من إخوته المجاهدين وهم أبوحسن التركماني وأبوفاضل الحيدري وأبومهدي الكاظمي وأبوجعفر الكاظمي بتاريخ22/3/1985.
سلام عليه وعلى إخوته وهم أحياء عند ربهم يرزقون
[1]) مناطق وممرات مائية في هور الحويزة.
[2]) هو المجاهد أبو عمار المياحي.
[3]) البنيّات: إحدى مناطق هور الحويزة بالقرب من منطقة الترابة.