07 المجاهيل الكثيرة
كثيرة هي الأشياء التي يتصورها الإنسان معدومة لكنها موجودة أنا وأنت أجانب عنها.
الآن يقولون أن هناك مجهولات اتضحت، فمثلا النباتات التي كان الجميع فيما مضى يقولون بأنها صامتة، يقولون الآن بأنه يمكن سماع ضجيج – بواسطة أجهزة وهوائيات خاصة – ينطلق من جذور الشجرة التي توضع في ماء مغلي، أنا لا أعلم هل هذا صحيح أم كذب ؟! ولكن العالم مليءٌ بالضجيج وجميع ما فيه حي وجميعها اسم الله أيضا كل شيء هو اسم الله، أنتم أنفسكم أسماء الله، ألسنتكم أسماء الله أيضا وكذلك أيديكم.
الحركة بسم الله
{بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ} عندما تحمدون الله فهنا اسم الله أيضا، عندما تتحرك ألسنتكم فهنا اسم الله، وعندما تقومون وتذهبون إلى منازلكم فباسم الله أيضا تفعلون ذلك، لا يمكنكم عزل اسم الله، فأنتم أنفسكم أسماء الله، ونبضات قلوبكم اسم الله، النسمات المتحركة هي اسم الله وانطلاقا من هذا، فلعل ما تريد قوله الآية الكريمة هو هذا المعنى، وهو وارد في الكثير الآيات الأخرى، حيث يكون باسم الله كذا وكذا، فكل شيء اسم الله يعني الحق وأسماء الله، فكل شيء هو، فالاسم فانٍ في المسمى، نحن نتوهم أننا مستقلون وأننا “شيء” وما نحن بشيء، فلو انقطع لحظة شعاع الوجود، ذاك الذي تكون الموجودات موجودة به وبتلك الإدارة وذلك التجلي، لو انقطع لحظة لعادت جميع الموجودات إلى “اللاشيئية” ولخرجت من الحالة الوجودية
إلى حالتها الأولى إذ أن استمرارية الموجودية أيضا هي قائمة بنفس هذا التجلي، وبتجلي الحق تعالى وجد عالم الوجود كافة، وذاك التجلي والنور هو أصل حقيقة الوجود وهو أسم الله {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }(النور35). أي أنها تجلي الله، يعني النور، فكل شيء له تحقيق إنما هو ظهور ذلك النور، نحن نسمي هذا نوراً لأن له ظهور، والإنسان ظاهر فهو النور، وكذلك الأمر مع الحيوانات فهي نور أيضا، وجميعها نور الله {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ويعني أن وجود السموات والأرض – وهو عبارة عن نور – هو من الله، وهو فان إلى درجة أن {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ} وليس أن ” بالله تتنور السموات” لأن هذه الصيغة تشير إلى نمط من الاستقلالية: أما {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} فهي تعني أنها – السموات والأرض – جميعا لاشيء، فليس لدينا في العالم موجود له نحو من الاستقلال.
إن معنى الاستقلال هو الخروج من حدّ الإمكان إلى حدّ الوجوب في حين لا موجود غير الحق تعالى، ولذا يقول عز وجل {بِاِسْمِ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} أو {بسم الله.. قل هو الله أحد} فباسم الله قل إذ أن المراد هو – احتمالاً – أن قل بسم الله الرحمن الرحيم أن هذه الحقيقة هي هذه الصورة أي بمعنى ليكن قولك بسم الله {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } (الجمعة1). وليس ” من في السماوات والأرض “.
كل ما في الأرض والسماء يسبح لهذا الموجود وباسم الله وهو تجليه تعالى وبهذا التجلي تتحقق جميع الموجودات وكافة الحركات هي من نفس التجلي.