15 المشيئة هي الظهور الأول
والمشيئة هي عبارة عن الظهور الأول الذي خلقه بنفسه أي بدون واسطة، ويكون خلق كافة الأشياء الأخرى بالمشيئة ويحتمل أن يكون الوجود الذي هو ظهر الوجود، تتعلق به البسملة التي لا تتعلق بالسورة بل بشيء خارجي وهذا ما يراه أهل الأدب مناسبا لمثل الحالة مع “أستعين” وأمثالها فلو كانت استعانة بالله – ولو أن أهل الأدب لا يلتفتون – فهي استعانة بالله – ولو أن أهل الأدب لا يلتفتون – فهي استعانة باسم الله فكل من يستعين إنما يستعين باسم الله فلا يمكن لأحد أن يستعين بغير اسم الله، لا أن يكون اسم الله أمرا لفظيا وشكليا بل هو حقيقة واقعية فاسم الله في كل شيء (راجع في هذا المجال المقاطع التي ورد فيها ذكر “إسم الله” في الأدعية المروية عن أهل بيت العصمة عليهم السلام خاصة دعاء كميل بن زياد ودعاء السمات) والاستعانة هي باسم الله،
بهذا الظهور، وكل شيء يكون بهذا الظهور وهي ترجع إليه ولو لم يتلفت الأديب.
“الله” هذا الذي يرتبط بالمتعلق ما هو؟! فيما يرتبط بالإسم قلت سابقا أنه علامة المسمى فأي شئ موجود لا يكون علامة على هذا الاسم؟ أي شيء تفرضون له وجوداً بنحو ما هو ظهورٌ له بنحو ما وعلامة له.
مراتب الأسماء
الاسم هو العلامة، وغاية الأمر أنّ له مراتب، فهناك اسم يجسد تمام معنى العلامة وهناك اسم دونه حتى يصل إلى مرتبة سائر الموجودات، فجميعها علامات وجميعها ظهور للاسم على مراتب ورد في الحديث الشريف ” نحن الأسماء الحسنى (يرويه الكليني في الكافي بسنده عن معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه السلام ونص الحديث هو “نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد إلا بمعرفتنا ” راجع تفسير الميزان ج 8 ص 384) فالاسم الأعلى في مقام الظهور هو النبي الأكرم والأئمة الأطهار أولئك الذين وصلوا في مرتبة السير – في مرتبة الحركة من النقص – وصلوا إلى حيث تحررهم من جميع الطبيعيات من كل شيء أولئك ليسوا أمثالنا حيث نحن في هذه البئر العميقة.
هجرة إلى الله
نحن لم نتحرك هناك أشخاص تحركوا وخرجوا من هذه البئر وهاجروا { وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ
الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}(النساء/100).
أحد الاحتمالات هو أن هذه الهجرة هي من النفس إلى الله و”البيت” هنا هو نفس الإنسان فهناك طائفة خرجوا وهاجروا عن هذا البيت الظلماني {مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى أن وصلوا إلى منزل: “أدركه الموت” وصلوا مرتبة لم يعد لهم فيها شيء من أنفسهم موت مطلق وعندها “وقع أجرهم على الله” فهنا أجر آخر ما هو الجنة ولا أشكال النعيم الأخرى هنا “الله” فقط”.
إن من يتحرك ويخرج من بيت نفسانيته ويهاجر إلى الله وإلى رسوله – وهذه أيضا هي هجرة إلى الله – يصل إلى مرتبة “أدركه الموت”(يقول مولى الموحدين الإمام على عليه السلام في الخطبة 201 من نهج البلاغة “وأخرجوا من الدنيا قلوبكن قبل أن تخرج منها أبدانكم ” ويقول عليه السلام في الخطبة 218 “قد أحيا وأمات نفسه …” ) وعندها لا يكون هناك شيءٌ من نفسه، كل ما هو موجود هو من الله، هذا ما يشاهده في هذه الهجرة وأجره على الله.
طائفةٌ هاجروا هذه الهجرة ووصلوا إلى المنتهي وأجرهم أيضا على الله وآخرون مهاجرون على الدوام فهم طائفة في حالة هجرةٍ مستمرة لكنهم لم يصلوا إلى “آيات الهجرة” وهي ” أدركه الموت ” وهناك طائفة مثلنا لا هجرة لنا أصلا فنحن في هذه الظلمات أسرى هذه الدنيا والطبيعة و؟أشد منها أسرى “أنانية” أنفسنا سجناء هذه البئر العميقة سجناء في بيت النفسانية، وبناء على هذا الاحتمال فإننا لا نرى إلاّ أنفسنا وكل ما نريده هو لأنفسنا ليس لدينا غير النفس ولم نفكر أصلا ولم نسع للهجرة فكل ما نفكر به هو في بيت النفسانية.