1ـ سلامته من التحريف:
من الخصائص المهمّة للقرآن الكريم أنّه محفوظ عن التحريف، وهذا بخلاف الإنجيل والتوراة الّلذَين حُرِّفا حذفاً وإضافة، يقول سبحانه: ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾11.
وهناك كتب وبحوث كثيرة أثبتت تحريفهما ما أزال صفة الوحي والقدسيّة عنهما.
أمّا القرآن الحكيم فقد بقي مصوناً محفوظاً بحفظ الله ورسوله، وإليكم بعض ما يدلّ على بقائه كما أنزله الله تعالى:
1ـ القرآن نفسه: وذلك لتواتره بين المسلمين، وعدم الاختلاف فيه، وقد نزل على قلب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في 23 سنة دون تراجع أو تقدّم في البلاغة والفصاحة وحسن البيان، يقول تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾12.
ويقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾13، وبهذه الآية المتواترة القطعيّة ثبت أن لا زيادة فيه، فهل فيه نقيصة؟
________________________________________
11- سورة النساء، الآية: 46.
12- سورة النساء، الآية: 82.
13- سورة فصّلت، الآيتان: 41 ـ 42.
يقول تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾14.
فالذكر هنا هو القرآن، والمراد من حفظه إبقاؤه على ما كان عليه وكما نزل على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. فلو فرض إسقاط آية منه فلا يكون حينئذ محفوظاً من قبل الله، جلّ الله عن ذلك وعلا علوّاً كبيراً.
2- الروايات الصحيحة عن بيت العصمة والطهارة، حيث تدلّ على أنّ ما بين الدفّتين تمام ما أنزل، من دون نقيصة أو تحريف، وهي على أنواع، منها:
أـ الأخبار الواردة في بيان الثواب لسور القرآن الكاشفة عن عدم تحريف السور لأنّه لا معنى للثواب على قراءة السور المحرّفة.
ب ـ الأخبار الدالّة على لزوم عرض الأخبار مطلقاً، أو عند تعارضها، على كتاب الله، حيث إنّه لا معنى لعرض الأخبار على القرآن المحرّف، ما يكشف عن صحّته وعدم وقوع التحريف فيه.
ج ـ الأخبار الدالّة على وجوب التمسّك بالقرآن، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي”15. وأسانيدها لا تقبل المناقشة عند أحد من المسلمين. فلو كان الكتاب محرّفاً لما كان للتمسك به معنى.
3- إنّه لو سقط من القرآن شيءلم تبقَ ثقة في الرجوع إليه.
4- إنّ شدّة الاهتمام والضبط في عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبعده في حفظ الكتاب أخرج سقوط شيء منه عن مجرى العادة.
2ـ القرآن كتاب عالميّ:
لا يختصّ القرآن بالعرب أو بالمسلمين،إنّما هو كتاب لكلِّ الناس بجميع ألوانهم وأعراقهم، يقول تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾16.
________________________________________14- سورة الحجر، الآية: 9.
15- سنن الترمذي: ج 5 ص 662 ح 2786 و 2788، صحيح مسلم: ج 4 ص 1874 ح 36 و 37، ينابيع المودة: ج 1 ص 95 ح 126، الكافي: ج 2 ص 415 باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أو كافرا أو ضالا من كتاب الإيمان والكفر ح 1، وغيرها من مصادر الفريقين.
16- سورة ص، الآية: 87.
ويقول سبحانه: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ﴾17.
3ـ القرآن كتاب شامل:
ففيه كلّ ما يحتاج إليه الإنسان في سيره التكامليّ نحو السعادة من أسس العقائد إلى تنظيم المجتمع وأخلاق المعاملة وأدب العبادة وتنظيم حياة الناس. يقول تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾18.
4- القرآن كتاب لكلّ زمان ومكان:
يقول تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾19.
القرآن هدفه تعريف الإنسان بنفسه وبربّه ودنياه وآخرته والسبل الآيلة لخلوصه من هذه الدنيا سعيداً وحياته فيها معافى، وهذا غير متعلّق بزمان أو مكان، ففي القرآن الحقائق الثابتة، الّتي لا يتطرّق إليها البطلان ولا تنسخ بمضيّ القرون والأعوام، يقول تعالى: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾20.
________________________________________
17- سورة المدّثر، الآيتان: 35 ـ 36.
18- سورة النحل: الآية 89.
19- سورة الطارق، الآيتان: 14 ـ 15.
20- سورة الإسراء، الآية: 105.
خلاصة الدرس
رسم القرآن مناهج الإنسان الحياتيّة باعتماد المقدّمات التالية:
1- السعادة غاية الإنسان.
2- ضرورة القوانين والأنظمة.
3- ضرورة موافقة القوانين للفطرة الإنسانيّة.
وجعل أساس المنهج معرفة الله، وجعل الاعتقاد بوحدانيّته أوّل الأصول الدينيّة، ومنه تفرّعت باقي الأصول.
ويحوي القرآن الكريم منابع أصول الإسلام الثلاثة كما يلي:
1 – أصول العقائد، وهي تنقسم إلى أصول الدين التوحيد والنبوّة المعاد وما يتفرّع عليها من الإمامة والعدل.
2 – مكارم الأخلاق.
3 – الأحكام الشرعيّة والقوانين العمليّة.
من خصائص القرآن الكريم
1- سلامته من التحريف.
2- القرآن كتاب عالميّ.
3- القرآن كتاب شامل.
4- القرآن كتاب لكلّ زمان ومكان.