أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات
13 يوليو,2019
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
1,032 زيارة
44)
المعنى التفصيلي
وجود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للأمة:
فالقرآن يقول: من حسن حظّكم أنّ فيكم رسول الله وهو مرتبط بعالم الوحي، فمتى ما بدت فيكم بوادر الانحراف فسيقوم بإرشادكم عن هذا الطريق، فلا تتوقّعوا أن يطيعكم ويتعلّم منكم ولا تصرّوا وتلحّوا عليه، فإنّ ذلك فيه عنت لكم وليس من مصلحتكم… فمن خلال وجوده المبارك تتصل السماء بالأرض صلة دائمة حية مشهودة, فتقول السماء للأرض, وتخبر أهلها عن حالهم وجهرهم وسرهم، وتقوّم خطاهم أولاّ بأول، وتشير عليهم في خاصة أنفسهم وشؤونهم. ويفعل أحدهم الفعلة ويقول أحدهم القولة، ويسر أحدهم الخالجة, فإذا السماء تطلع، وإذا الله – جل جلاله – يُنبئ رسوله بما وقع، ويوجهه لما يفعل وما يقول في هذا الذي وقع.. إنّه لأمر. وإنه لنبأ عظيم. وإنها لحقيقة هائلة. قد لا يحسّ بضخامتها من يجدها بين يديه. ومن ثم كان هذا التنبيه لوجودها بهذا الأسلوب: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾.. اعلموا هذا وقدّروه حقّ قدره، فهو أمر عظيم. ومن مقتضيات العلم بهذا الأمر العظيم أن لا يقدِّموا بين يدي الله ورسوله. ولكنّه يزيد هذا التوجيه إيضاحاً وقوة، وهو يُخبرهم أن تدبير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم بوحي الله أو إلهامه فيه الخير لهم والرحمة واليسر. وأنّه لو أطاعهم فيما يعنّ لهم أنّه خير لعنتوا وشقّ عليهم الأمر. فاللّه أعرف منهم بما هو خير لهم، ورسوله رحمة لهم فيما يُدبّر لهم ويختار: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾.. وفي هذا إيحاء لهم بأن يتركوا أمرهم لله ورسوله، وأن يدخلوا في السلم كافة، ويستسلموا لقدر الله وتدبيره، ويتلقّوا عنه ولا يقترحوا عليه[1].
واعلم أنّ في قوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ إشعاراً بأنّ قوماً من المؤمنين كانوا مصرّين على قبول نبأ الفاسق الذي تشير إليه الآية السابقة، وهو الوليد بن عقبة أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني المصطلق لأخذ زكواتهم فجاء إليهم فلمّا رآهم هابهم ورجع إلى المدينة وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم ارتّدوا فعزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قتالهم فنزلت الآية فانصرف وفي القوم بعض من يصرّ على أن يغزوهم.
[1] في ظلال القرآن، سيد قطب، ج6، ص 3342.
طاعتنا للامام الخامنئي . لبيك يارسول الله 2019-07-13