06 القرآن كتاب كامل :
القرآن الكريم يحتوي على الغاية الأسمى التي يهدف إليها الانسانية ويبينها بأتم
الوجوه ، لأن الوصول إلى الغاية الأسمى لا يمكن الا بالنظرات الواقعية للكون والعمل
بالأصول الأخلاقية والقوانين العملية ، وهذا ما يتولى شرحه القرآن بصورة كاملة حيث
يقول : ( يهدي إلى الحق والى طريق مستقيم ) ( 1 ) .
ويقول في موضع آخر بعد ذكر التوراة والإنجيل : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما
بين يديه من الكتاب ومهيمنا ) ( 2 ) .
وبيانا لاشتماله على حقيقة شرائع الأنبياء يقول : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا
والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ) ( 3 ) .
وفي احتوائه على سائر الأشياء يقول : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ) ( 4 ) .
ومختصر ما في الآيات السابقة : ان القرآن يحتوي على الحقائق المبينة في الكتب
السماوية وزيادة ، وفيه كل ما يحتاج اليه البشر في سيره التكاملي نحو السعادة من أسس
العقائد والأصول العملية .
القرآن كتاب دائم :
الفصل السابق يتكفل باثبات أن القرآن الكريم كتاب دائم ، وذلك لأن كلاما ما لو صح
وتم بصورة مطلقة لا يحد بوقت من الأوقات أو زمان من الأزمنة . والقرآن ينص على تمامية
كلامه وكماله ، فيقول : ( انه لقول فصل . وما هو بالهزل ) ( 1 ) .
وهكذا تكون المعارف الحقة ، حقيقة خالصة وواقع محض ، والأصول الأخلاقية والقوانين
العملية التي بينها القرآن هي نتيجة تلك الحقائق الثابتة ، ولا يتطرق إليها البطلان
ولا تنسخ بمضي الأعوام والقرون ، يقول تعالى : ( فماذا بعد الحق الا الضلال ) ( 3 ) .
ويقول : ( وانه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) ( 1 ) .
ولا يخفى أن أبحاثا كثيرة كتبت حول أحكام القرآن وأنها دائمة لا تختص بوقت من
الأوقات ، الا أنها خارجة عن موضوع بحثنا الذي نحاول فيه معرفة مكانة القرآن عند
المسلمين كما يدل عليها القرآن نفسه .
القرآن مستقل في دلالته :
القرآن الكريم كلام كسائر ما يتكلم به الناس ، ويدل دلالة واضحة على معانيه المقصودة
وليس فيه خفاء على المستمعين .
ولم نجد دليلا على أنه يقصد من كلماته غير المعاني التي ندركها من ألفاظه وجمله .
أما وضوحه في دلالته على معانيه فلأن أي انسان عارف باللغة العربية بامكانه أن يدرك
معنى الآيات الكريمة كما يدرك معنى كل قول عربي .
وبالإضافة إلى هذا نجد في كثير من الآيات يخاطب طائفة خاصة كبني إسرائيل والمؤمنين
والكفار ، وفي آيات منه يخاطب عامة الناس ( 2 ) ويحاججهم ويتحداهم ليأتوا بمثله لو
كانوا في شك
أنه من عند الله تعالى . وبديهي أنه لا يصح التكلم مع الناس بما لا مفهوم واضح له ، كما
لا يصح التحدي بما لا يفهم معناه .