جاء إعلان د. “أحمد الطيب” شيخ الأزهر باستعداده الذهاب إلى العراق ولقائه بعلماء الشيعة في مبادرة جديدة من الأزهر للتقريب بين السنة والشيعة لجمع شمل الأمة والتصدي لأعدائها، ليبشر بجولة جديدة من جولات التقريب بين المذاهب التي بدأها الشيخ شلتوت شيخ الأزهر السابق.
وقد لاقت دعوة الطيب ترحيبا من جانب رموز شيعية من بينها أحمد مبلغى، رئيس جامعة المذاهب الإسلامية وممثل إيران في مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقده الأزهر أواخر العام الماضى، قائلا إن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إنسان عالم وعاقل، قام بخطوة للأمام”، مضيفا أنه “ينبغى علينا أن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد”، وتابع قائلا، إن الأزهر من الممكن أن يلعب دورًا أساسيًا في تهدئة وإزالة التوترات، لذلك ينبغى على الحوزة الشيعية في إيران أيضا أن تضع في اعتبارها عدة محاور يرتكز عليها هذا الحوار.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني قد انتقد سب الشيعة للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، والاحتفال بمقتل الصحابي والخليفة عمر بن الخطاب، لكونها أحد الأسباب التي أدت إلى ظهور التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” ومن قبل “القاعدة”.
“البوابة نيوز” التقت عددًا من رجال الدين لتناول مبادرة الطيب في التقريب بين السنة والشيعة..
د. حامد أبوطالب عضو مجمع البحوث الإسلامية أوضح أن التقريب بين المذاهب هو تقريب بين أتباع المذاهب وليس المذاهب نفسها لأن المذاهب بينها خلاف جوهري في أصل العقيدة، وهو أمر ممكن، غاية الأمر أن هناك عقبات شديدة تقف في هذا السبيل وقد لخص الأزهر الشريف موقفه من تبني محاولة جديدة للتقريب وهو ضرورة إصدار فتاوى من المراجع الدينية في إيران تنهي وتحرم سب الصحابة، اما أن يتقرب أتباع المذاهب إلى بعض ويسمع السني سب الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما أو غيرهما من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فهذا أمر بعيد المنال.
وبين “أبوطالب” أن أهل السنة كانت لهم محاولات سابقة عديدة للتقريب بين المذاهب حيث جعلوا المذهب الجعفري من مذاهب الشيعة من المذاهب المعتمدة في الأزهر ويعتمد عليها في الرسائل العلمية كمذهب معتبر، لكن بكل أسف تجد على الجانب الآخر أن الدستور الإيراني ينص على عدم استعمال أو الأخذ بأي مذهب آخر غير المذهب الجعفري.
وطالب عالم الأزهر بأن تخرج فتوى ملزمة من الجانب الإيراني، بأن يتم اقرار عقوبة في القانون لمن يرتكب أي إهانة للصحابة خصوصا عمر وأبوبكر رضي الله عنهما، عندئذ يمكن الحديث عن جولة جديدة من التقريب مع الشيعة.
ترحيب واسع بمبادرة
الصباغ: نحتاج إلى نبذ التعصب ونقلب الصفحة ونبدأ من جديد.. الفتنة بين الطرفين مفتعلة.. الوحدة بين فرقاء الأمة أصبحت مطلبًا ضروريًّا..
..على الطرف الآخر، بدأ الكاتب والمفكر الشيعي “سالم الصباغ” حديثه بالترحيب بالخوض في محاولة جديدة للتقريب بين السنة والشيعة، قائلاً: إن هذا هو الوقت الأنسب لمثل هذا الحوار في ظل التحديات التي تواجه الأمة ويعاني منها الطرفان، موضحًا أن دعاة الفرقة هم شواذ في كل طائفة وأقلية يجب عدم الالتفات إليهم، وللأسف صوتهم مرتفع في الإعلام وتقف خلفهم أجندات لا تريد للنار أن تنطفئ.
وعبر “الصباغ” عن رغبته في حدوث التقريب بين السنة والشيعة قائلاً: إننا نحتاج إلى نبذ التعصب وقلب الصفحة ونبدأ من جديد لأن القضية هي قضية وجود للأمة كلها، وعدم الفهم الصحيح لتاريخ العلاقة بين السنة والشيعة أحد أسباب الفرقة بين الفريقين فعلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك سنة أو شيعة والاختلاف منشأه سياسي وليس دينيًّا أو عقائديًّا، كاشفًا أن قضية الشيعة والتشيّع والمد الشيعي مفتعلة.
وأبدى المفكر الشيعي ترحيبه بدور الأزهر في الإشراف على تلك المحاولات لأنه الأنسب والأقدر بما يملكه من أدوات عملية وفكرية أهمها الوسطية، مثنيًا على المحطات السابقة التي قام بها مشايخ الأزهر السابقون.
وأكد “الصباغ” أن الوحدة بين فرقاء الأمة أصبحت مطلبًا ضروريًّا الآن من الناحية الوجودية وآيات القرآن في ذلك كثيرة وقد أمرنا الله بالاعتصام بحبله المتين، وعدم إزكاء نار الفتن المصنوعة في معامل مخابراتية لدول تكرهنا ولا تريد الخير للمسلمين.
وكصوت محايد يدعم مبادرات التقريب بين السنة والشيعة ويبدي استعداده للخوض فيها بما له من علاقات ومعرفة أصيلة بأطراف وطوائف الأمة، جاء رأي د. أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر، الذي نوّه إلى أن أصل الأمر أن نجتمع ولا نفترق وأن نتحد ولا نتشرذم، والمذاهب العلمية مقبولة إذا كانت في إطار التعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر أحدنا أخاه فيما اختلفنا فيه، أما المذهبية الطائفية فممنوعة ومحرمة وبالاستقراء في الواقع المعاصر في العالم الإسلامي نجد هناك عدة مذاهب رئيسية هي مذهب أهل السنة والجماعة ومذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية والشيعة الزيدية والمذهب الإباضي.
وبين “كريمة” أن المذاهب هي آراء واجتهادات لكن تحولت إلى طائفية بغيضة وقد كان من رواد التقريب الشيخ الراحل محمود شلتوت وعبدالمجيد سليم والسيد القمني من علماء الشيعة، مشيرًا إلى أنه: “وأزعم إني الوارث لاتجاه التقريب بين المذاهب لاسيما بالاطلاع على تلك المذاهب وتخصصي فيها واختلاطي بأتباع ومفكري ورموز تلك المذاهب وقد أنشأت (منتدى الوسطية وتجمع دعاة المسلمين) ومقره في الجيزة لقطع الطريق على المخطط الإسرائيلي الأمريكي والذي أكده الرئيس أوباما عندما قال إن الصراع في المنطقة كان عربيًّا إسرائيليًّا ثم أضبح سنيًّا شيعيًّا”.
وأوضح أن هناك من يغذي نار الفتنة بين تلك الأطراف مثل السفلية المدعومين من جمعية معروفة في الكويت بحجة مناهضة التشيع، وفي المقابل أنشأ الشيعة في مصر جمعيات ومراكز خيرية لنصرة آل البيت ودخلوا في صراع وتركوا الإلحاد يتغذى وينتشر، وأبدى الأستاذ بجامعة الأزهر استعداده في المساعدة في تلك المبادرات قائلا: “أنا مستعد بكل إمكاناتي -ولا أمثل الأزهر- وقد بدأت بالفعل لقاءات جمعتني برموز الشيعة الإمامية والزيدية وأتباع المذهب الإباضي إضافة إلى رموز من السنة بدون ضجيج إعلامي وكان في مصر وتحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية