إنّني أشعر أنّ الإنسان إذا أراد أن يبقى على الصعيدين المعنوي والثقافي غضّاً ومتجدّداً ، فلا مناص له من الارتباط بالكتاب. الإمام الخامنئي دام ظله.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾
(سورة العلق1-5)
جاءت فكرة تعريب هذا الكتاب ضمن الجهود المبذولة لدعم وتحكيم بيئة تنمو فيها استعدادات الناس في مجتمع مقاوم, يسير نحو العزّة والكرامة.
إنّ طرح وتبليغ آراء الإمام الخامنئي دام ظله وآماله الكبيرة في المجتمعات الإسلامية الناهضة لهي من المهام العظيمة الّتي يتحمّلها من على أكتافهم مسؤولية تبليغ الدِّين وقيادة الناس وحمايتهم.
ليست رؤية الإمام الخامنئي دام ظله غريبة وجديدة فيما يتعلّق بالكتاب والمطالعة وشؤونهما، كما تبدو للوهلة الأولى, إنّما هي موجودة في روح تعاليم الدِّين وفي متن تشريعاته وهي من مقدّمات وسبل الإيمان بمبادئه والالتزام بحدوده.
فالحامل للواء الإسلام والمسلمين في عصر الغيبة, على عاتقه هموم الأمّة وآلامها ويؤرّقه اشتغالهم في غير قضاياهم ووظائفهم, يؤكّد على حيثية الكتاب والمطالعة وموقعهما، ويرى ذلك مسؤولية كبيرة يترتّب عليها الكثير
من عوامل نهضة المجتمع وانتصاره.
يحتضن هذا الكتاب برامج كلّية وتفصيلية, تحدّث عنها سماحته في مناسبات عديدة, ودعا إليها بكل حزم, وما غوصه في تفاصيلها إلا تأكيداً على قيمتها ودورها في النهضة وتطوّر المجتمع, وقد صرّح بأنّ الاهتمام والاستثمار في الشأن الفكري والثقافي يرتّب آثاراً كبيرة على مصير أي شعب وأي بلد ولو على المدى البعيد.
يلاحظ القارئ العزيز ورود الكثير من المحطّات الّتي تستدعي المباشرة، والتخطيط، وإعادة النظر في بعض الأولويّات والأعمال في الشأن التبليغي، والثقافي، والعمل الفني والإعلامي, وذلك:
أوّلاً: لأنّ من يتحدّث هو الإمام الخامنئي دام ظله والولي الفقيه نفسه, وليست كلماته هنا خطابات حماسية لبثّ المعنويات, إنّما ينطلق ــ كما يتبيّن ــ من يقين تكتنفه هموم وآلام ومشاعر قوية تجاه واقع متأخّر.
ثانياً: ينطلق في كلامه برؤية ثابتة وعين بصيرة بعيوب الأمّة، واضعاً يده على جرح مبتلى به عموم الناس حتّى خواصهم والمسؤولين عنهم.
ثالثاً: يعدّ هذا الكتاب مصدراً غنيّاً ملهماً للكثير من البرامج والأعمال التثقيفية والتبليغية, ويُستفاد منه في برامج على مستوى الثقافة العامّة والفنون التربوية والتوجيهية والإعلامية.
وقد استخلصنا من كلمات سماحته مجموعة من الأصول والقواعد ــ وليس على سبيل الحصرــ, يمكن البناء عليها في وضع برامج ومشاريع ثقافية متنوّعة:
1- اعتبار الكتاب قيمة والتعامل مع المطالعة كأمر حياتي يومي.
2- جعل المطالعة عادة, حتّى مع أصعب الظروف وأثقل المسؤوليات.
3- الترويج للكتاب والمطالعة مسؤولية الجميع دون استثناء.
4- إنتاج الكتاب الجيّد, المنسجم مع الأهداف, والمواكب للمشاريع, سواء أكان تأليفاً أم ترجمةً..
5- تطوير فنون الكتابة ووضع القصص والروايات, ولو بالاستعانة بتجارب الآخرين.
6- تأصيل الكتابة القصصية والروائية, في تخليد الآثار والمنجزات.
7- لا شيء يحلّ محلّ الكتاب, ولا تطوّر من دون الفن.
8- المطالعة في مرحلة الصبا أجدى منها في المراحل اللاحقة.
9- ضرورة تدوين خواطر وذكريات الثورة والمقاومة في قالب القصّة والرواية والنثر.
10- الكتابة القصصية للأطفال.
11- الترجمة إلى اللغات الأخرى.
12- الروايات العالمية حفظت تضحيات وتاريخ ثورات وشعوب.
13- القصّة وسيلة إعلام المقاومة والثورة, والرواية حاوية لكلّ شروط العمل الفني.
14- الحروب توفّر فرصة للكتابة.
15- طباعة الكتب صدقة جارية, وتحسين شروط الطباعة والنشر أمر لازم.
16- اعتماد برامج لترويج الكتاب وعرضه في: المدارس, الإدارات والمراكز, الأماكن الشعبية.
17- اعتماد كتاب الجيب وتعبئة الأوقات الضائعة.
18- إقامة مسابقات المطالعة, والمعارض الدائمة وأسبوع المطالعة.
19- الاستثمار في الثقافة ينتج أرباحاً اقتصادية أيضاً.
20- القراءة المشتركة, بين الأهل وأولادهم, بين الأخوة مع بعضهم.
في الختام
نضع هذا العنوان في متناول الجميع, وخاصّة أهل الفكر والثقافة والمربّين والطلّاب, كخطوة مهمّة على طريق البناء الثقافي والحضاري لمجتمعات قاومت وانتصرت، وحملت في طيّات انتصاراتها كنوزاً ومفاخر زاخرة بالمعنويات والتضحيات الّتي لا تُرى في أيّ ثورة وأيّ مقاومة, قد تعجز الأقلام, حتّى عن بيانها, في كثير من الأحيان, وسيأتي يوم تدوِّنها تلك الأقلام الصادقة الوفية, لتقرأها الأجيال جيلٌ بعد جيل.
للتذكير: الكتاب من العناوين التي طبعت أكثر من مرّة بالفارسية وقد تجاوزت الـ(20 طبعة), وهو من إصدار مؤسّسة (حوزه هنرى). قمنا بتعريبه وأضفنا إليه ملحقاً, هو عبارة عن حديث للدكتور حداد عادل (رئيس البرلمان الإيراني السابق), يحكي فيها عن علاقة القائد بالكتاب, ذائقته وطريقته في المطالعة وخواطر لافتة في هذا الشأن….
في الختام يشكر مركز نون للتأليف والترجمة الأخت فاطمة شوربا التي قامت بنقل الكتاب الى اللغة العربية، كما ويشكر كل الّذين ساهموا بمراجعة النص وتقويمه ومن بذل جهداً في إخراج الكتاب إلى المكتبة العربية، ونخصّ بالذكر الأخوة في مركز مداد للبرامج الثقافية.
مركز نون للتأليف والترجمة