خامسا: تغيير شخصية القيادة في إيران هدف مركزي للحرب الناعمة
شرح كل من الباحث الإستراتيجي في مركز بوش الابن والوكيل السابق لوزارة الخارجية الأميركية لشوؤن الدبلوماسية العامة جيمس غلاسمان ومايكل دوران نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤون الدبلوماسية (2007 – 2008) وهما من رجالات الإدارة الأميركية كيفية تصميم شن حرب ناعمة على إيران بالفكرة الآتية “يجب على أميركا دعم المعارضة الإيرانية لتحقيق هدف سياسي يتمثل في تغيير شخصية القيادة الإيرانية”. وأضافا معا “يجب أن تكون كل الخطوات المعلنة وغير المعلنة منسقة ضمن حملة لتحقيق هذا الهدف”1.
وعللا ذلك بما أن الخيار العسكري مستبعد في المواجهة مع إيران، وترك إيران تتقدم أمر مستبعد أيضا، وكذلك عقد تسوية معها أمر مستبعد فيجب حتما اعتماد خيار الحرب الناعمة بهدف تغيير شخصية القيادة في النظام الإسلامي في إيران من خلال سلسلة خطوات ومهمات ذكر منها2:
________________________________________
1- مقالة في صحيفة وول ستريت جورنال 21 يناير 2010 منشورة على صفحات موقع عراق المستقبل وهو موقع ذا توجه اميركي بريطاني www.iraqfuture.net ترجم المقالة علي الحارس.
2- نفس المصدر السابق. مقالة منشورة في صحيفة وول ستريت جورنال 21 يناير 2010.
1ـ تقديم الدعم المعنوي والتنظيري للثورة الخضراء، أي تعليم وتدريب كوادر الثورة المضادة وتزويدهم بالأفكار والتجارب العالمية كتلك التي حصلت في أوروبا الشرقية وجورجيا وأوكرانيا بما يساعدها على النجاح، وينبغي أن يسند الدور الرئيس في هذه المهمة إلى فريق ثالث، لا إلى أميركا.
2ـ فرض عقوبات لشلّ الاقتصاد الإيراني وربط العلاقة ما بين “عدوانية النظام وشعاراته وبين علل الإقتصاد الإيراني” أي دفع الناس للإعتقاد بأن سبب المشاكل المعيشية والإقتصادية هي أفكار وشعارات النظام الإسلامي في إيران وليس العقوبات الدولية.
3ـ بذل كل الجهود لزيادة التواصل المفتوح بين الرأي العام الإيراني والعالم.
4ـ شن حملات إعلامية لدحض الأفكار التي يروجها النظام الإسلامي في إيران حول جدوى العداء للغرب وعدم أهمية البرنامج النووي للشعب الإيراني من النواحي الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية وغيرها أي يجب ضرب شعارات الثورة وتجويفها وإثبات فشلها.
وخلصا إلى أن أي برنامج تواصل استراتيجي جاد يمكنه أن يحتوي على العشرات بل المئات من البرامج، ويجب أن تشارك فيه الوكالات الحكومية الأمريكية والقطاع الإعلامي الأميركي الخاص.
نشير إلى أن مصطلح “تغيير الشخصية” أستعمل في عدة حقول
في الولايات المتحدة الأميركية، وهو جاء إلى قاموس الدوائر السياسية والإستخباراتية الأميركية من مناهج علم النفس السلوكي، فاستعمل اولا من قبل وكالة الاستخبارات المركزية CIA في وثيقتها الخاصة في بند التحقيقات والإستجوابات، كما أستعمل في الإقتصاد السياسي تحت بند تغيير شخصية إقتصاديات الدول الخارجة من المنظومة الشيوعية ونقلها عبر أسلوب الخصخصة وبيع القطاع العام نحو الرأسمالية وإقتصاد السوق، والآن استعمل هذا المصطلح في مجال الإستراتيجيات والعلاقات الدولية بهدف تغيير شخصية القيادة في النظام الاسلامي في ايران، وتغيير الشخصية حسب علم النفس السلوكي يعني “تعديل وظيفة الشخصية من خلال إزالة ومحو وتنظيف المكونات الذهنية والنفسية السابقة والبدء بعملية القيادة النفسية والفكرية لهذه الشخصية نحو أفكار ومفاهيم وإتجاهات جديدة”3.
وبناء عليه فعندما يتحدث الأميركيون عن ” تغيير شخصية القيادة في النظام الاسلامي في ايران” فهذا يعني محو وإزالة وتنظيف المكونات الذهنية والنفسية السابقة لشخصية القيادة والنظام في إيران من خلال حرب ناعمة وحملات تواصل إستراتيجي تستمر لأعوام، ومباشرة
________________________________________
3- نعومي كلاين. عقيدة الصدمة. شركة المطبوعات للنشر والتوزيع ط. 2009. ص 31 وص42
القيادة الفكرية والسياسية والنفسية لهذا النظام لإنتاج وزرع مكونات شخصية جديدة مع ما يستتبعه ذلك من إستبدال للمفاهيم والأفكار والتوجهات والشعارات”..
ويمكن هنا للمراقب أن يلاحظ حجم التطابق بين الأفكار والشعارات التي رفعت في شوارع طهران من قبل ما سمي بالثورة الخضراء وبين نظرية “تغيير شخصية القيادة في النظام الإسلامي في إيران”.