إنّني أشعر أنّ الإنسان إذا أراد أن يبقى على الصعيدين المعنوي والثقافي غضّاً ومتجدّداً ، فلا مناص له من الارتباط بالكتاب. الإمام الخامنئي دام ظله.
اليوم، يومٌ جديد، وعصرٌ جديد بالنسبة لنا، وعلينا جبران هذا النقص.
…القراءة عادة غير رائجة بين أبناء شعبنا, حتّى بين المتعلّمين والّذين تابعوا دراستهم, الأشخاص الّذين يأنسون بالكتاب، ويخصّصون في حياتهم اليومية وقتاً للمطالعة هم بالتأكيد قلّة قليلة، في حين نرى الأمر مغايراً في الكثير من الدول الّتي تعدّ اليوم ممتازة في مجال التقدّم العلمي… إنّ لروحية المطالعة بين الناس والأنس بالأخبار والمعارف والتقدّم العلمي للبلاد على المستويات كافّة، ارتباطاً بعضها ببعض, وينبغي اعتبارها كذلك، وترويج هذه الروحية بين الناس .
عدم الاهتمام بالمطالعة
شعبنا ليس شعباً قارئاً، وعدم المطالعة هذا هو نقصٌ فادح. كثيرٌ من أبناء شعبنا لا يقرؤون حتّى الصحيفة اليومية. وإذا ما ألقوا نظرة على الصحيفة اليومية، فإنّهم يكتفون بقراءة العناوين العريضة. الكثير من الناس، يستمعون إلى المذياع من أجل التسلية فقط، لا من أجل التعلّم وسماع الأخبار والتعرّف على الحياة والمسائل الثقافية. ينبغي علينا أن نزيل هذا النقص .
المطالعة متخلّفة عن النشر
فضلاً عن أنّنا متأخّرون في مجال نشر الكتب، نحن متأخّرون في مجال المطالعة أيضاً. إنّ مطالعة الكتب في بلدنا، وللأسف، هي عمل خاصّ, مختصّ
بفئة من الناس، وليست مرتبطة بالجميع. في حين أنّ المعارف والعلوم والفنّ والذوق وكل ما يدور في فلك الثقافة، هو لكلّ الناس، وليس مختصّاً بفئة خاصّة. الجميع بحاجة إلى ما يقدّمه الكتاب، هذا, في الوقت الّذي لا يستفيد الجميع منه.
على شعب إيران ــ اليوم ــ أن يجبر هذا التأخّر. إنّها فرصة لا نظير لها تحقّقت نتيجة حاكمية الدِّين والعلم على إيران، والتي يجب الاستفادة منها في إعلاء فكر هذا البلد وثقافته. إنّ المطالعة والتعلّم اليوم، ليسا مسؤولية وطنية فحسب، بل هما واجب ديني. وعلى الناشئة والشباب أن يشعروا بالمسؤولية أكثر من الجميع. فإذا ما جاء الوقت وراج الأنس بالكتاب، فلن تكون المطالعة تكليفاً، بل سوف تُتلقّى كأمر عذب وحاجة لا تقبل التسويف، ووسيلة لتقويم الشخصية. وليس الشباب فقط من سيُقبل عليها، بل ستقبل عليها جميع الأجيال والشرائح برغبةٍ وشوق .
الكتاب جزء من لوازم الحياة
هذه العادة لم تجد لها إلى الآن مكاناً بين أبناء شعبنا، بأن يذهبوا ويشتروا كتاباً، فيقرؤوه، ومن ثمّ يعطوه لأصدقائهم أو أبنائهم ليقرؤوه أيضاً، ولربّما اشتروا كتاباً، وألقوه جانباً, أو على سبيل المثال، يهدي صديق إلى آخر كتاباً، فيرميه جانباً! في الواقع، لم تجد القراءة لها مكاناً في بلدنا, وهذا مدعاةٌ للألم الكبير. إنّنا غافلون عن مدى هذا الألم وشدّته, في حين أنّ كلّ هذه المطالب الموجودة في الأذهان، والجارية من الأقلام على الأوراق، والتي تُطبع بنفقاتٍ
عالية، إذا ما وُزّعت بين جميع الناس، لاحظوا كم سيرتفع مستوى ثقافة المجتمع، وما هي المنافع الّتي ستتحقّق من هذه الجهة. تعالوا والتحقوا بفرق العمل المؤثّرة بنحوٍ ما، والتي ابتدأت منذ عدّة سنوات بحثّ الناس على المطالعة, تكلّموا عنها في دعاياتكم وتصريحاتكم. ألّفوا الكتب والمقالات، انشروا… فلتُكتب القصص… ولتُنجز الأعمال الفنية، لحثّ الناس على المطالعة… وليصبح الكتاب جزءاً من لوازم الحياة .
مع كلّ هؤلاء الشعراء والكتّاب
أرى في مجتمعنا أنّ الكتاب، وللأسف، غير رائج بالمقدار الّذي يقتضيه شأن هذا المجتمع. لو كنّا مجتمعاً بلا تاريخ، مجتمعاً لا ماضي له، لا ثقافة له، ليس فيه أشخاص علماء وبارزون في المجال الثقافي، ليس فيه أناس لائقون وأذكياء ويتمتّعون برؤية ومنهج تفكير راقٍ، كبعض المجتمعات المنتشرة في أطراف العالم، لقلنا إنّ عدم ميلنا إلى الكتاب مبرّر, لكن، لماذا ينبغي أن يكون مجتمعنا على هذا النحو فيما يتعلّق بالأنس بالكتاب، وفيه كلّ هؤلاء المثقّفين البارزين والكبار، والأساتذة، والمؤلّفين، والعالمين بالكتاب، والشعراء، والكتّاب، والعلماء الكبار، والجامعيّين النوابغ؟ إنّنا ذوو سابقة في الثقافة والتاريخ. ومجتمعنا مجتمع ناضج وبالغ, وليس مجتمعاً بدائياً. وعلى شعبنا أن يكون أكثر معرفة بالكتاب .
كالأكل والنوم
لا تُعدّ المطالعة للأسف، عملاً شائعاً ويومياً، سوى بين قلّة من أهل العلم والتحصيل والأشخاص الّذين اشتغلوا بالكتاب بشكل اضطراري, في حين أنّه ينبغي للمطالعة أن تدخل حياة الناس كالأكل والنوم وسائر الأمور اليومية .
لا ينبغي للكتاب أن يبقى مختصّاً بمجموعة من أفراد المجتمع, مثلما كان في السابق حيث اقتصر الأمر على جماعة من القرّاء، وأهل الكتاب ومن يراجع الكتب, والأكثرية بعيدة عن الكتاب وفارغة البال من الاهتمام به، هذا ليس صائباً. بالطبع، قد تحسّن الوضع اليوم، ويمكن للمرء أن يستشعر ذلك .