الرئيسية / الاسلام والحياة / بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

بداية الطريق شذرات من عبق الإمام الخامنئي دام ظله

روي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُول:” جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَ جُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: حَرَامٌ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا”.1
________________________________________

1- الكافي، الكليني، ج2، ص 128، باب ذم الدنيا والزهد فيها، ح2.

عظمة الخواص في العبودية واجتناب المعاصي:
وهنا تكمن عظمة أمثال عمّار بن ياسر، فعظمة خواصّ أمير

المؤمنين عليه السلام تكمن في أنّهم لم يرتكبوا الأخطاء تحت أيّ ظرف من الظروف، ولم يُضلُّوا جبهتهم. وقد ظهرت هذه العظمة في العديد من المواقف خلال حرب صفّين، كما إنّها لم تكن منحصرة في هذه الحرب فقط، بل في العديد من المواقع التي التبست فيها بعض الأمور على جمعٍ من المؤمنين، وكان عمّار بن ياسر هو من يرفع الشبهة ببصيرته النّافذة وبيانه الواضح. وهنا نرى هذا الإنسان – صاحب القلب النيّر وعظيم الشأن – في العديد من القضايا المتعلّقة بأمير المؤمنين عليه السلام ، ومن بينها حرب صفّين.

لقد استمرّت حرب صفّين لأشهرٍ عدّة، وكانت حرباً عجيبة، لأنّ النّاس كانوا يرون في مقابلهم أشخاصاً يُقيمون الصّلاة ويتعبّدون ويقرؤون القرآن، حتّى إنّهم رفعوا المصاحف على الرماح. وليكون باستطاعة إنسانٍ إشهار سيفه في وجه أفرادٍ يُقيمون الصلاة، يحتاج إلى قلبٍ شجاع وجرأة عالية.

جاء في الرّواية عن الإمام الصّادق عليه السلام “كان في قتال عليّ عليه السلام على أهل القبلة بركة، ولو لم يقاتلهم عليّ لم يدرِ أحد بعده كيف يسير فيهم”15، فعليّ بن أبي طالب عليه السلام هو من فتح الطريق، وأشار للجمع بكيفيّة التصرّف.

عندما كان أبناؤنا – أثناء الحرب المفروضة – يجتاحون مواقع الأعداء المهاجمين ويأسرونهم، كانوا يجدون في متاريسهم المسابح والسّجدات!
________________________________________
15- الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام, ج6, ص145, ح250.

تماماً كالذين وقفوا مقابل أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانوا يُقيمون الصلاة، ولذلك وقعت مجموعة في الخطأ آنذاك، والشخص الذي تصدّى لهم كان “عمّار بن ياسر”، وهذا يحتاج إلى الفطنة والبصيرة، يحتاج إلى شخص مثل عمار.

فإذا لم تنجلِ للإنسان حقيقة الأعمال وروح العبادات – وهي هذا التوجّه والعبودية لله -، وإذا لم يَسعَ – في كلّ واحدة من هذه الواجبات – ليقرّب نفسه من العبودية لله، فأعماله تبقى سطحيّة. وإنّ العمل والإيمان السطحيّين معرّضان للخطر، وهذا ما نراه على امتداد تاريخ الإسلام.

الزُّهَّاد بلا بصيرة, ألعوبة بيد السلاطين:
ذكرتُ سابقاً أنّ بعض المتديّنين المقدّسين من العُبّاد والزهّاد، كانوا يذهبون إلى الخليفة الظالم الغاصب الفاجر الخبيث الكاذب والمتلوّن، فيجلسون عنده وينصحونه بعدّة كلمات، ويُحدّثونه بحديثٍ يَبكي له، وكان بكاؤه إمّا خداعاً ورياء، أو لعلّ شيئاً في زاويةٍ من قلبه كان يهزّه فيبكي. حتّى إنّ بعضهم يكون مخموراً وفي حالةٍ من السّكر الشّديد، فيقوم بإظهار بعض المشاعر, فيأتي بأحدهم ليحدّثه ببضع كلماتٍ فيبكي لها. في هذه الحال يصبح هؤلاء البسطاء الجهلاء – ولو كانوا عالمين بظواهر الدين – من مُريدي هذا الخليفة.

في تاريخ الإسلام, نرى الكثير من هذه الأمور العجيبة، فعمرو بن عُبيد، ذلك العابد الزّاهد المعروف، كان الخليفة العبّاسي (المنصور) يتظاهر بمحبّته له، فقال: “كلّكم طالب صيدْ، كلّكم يمشي رويدْ، غير

عمرو بن عبيدْ”16، لكن إذا شاهدتم “عمرو بن عبيد” و”محمّد بن شهاب الزّهري” وأمثالهما، ترون أنّهم كانوا في زمانهم من المعوّقات الكبرى في طريق الحقّ، فهؤلاء كانوا بحضورهم يدعمون جبهة الباطل، ويتركون جبهة الحقّ – أي أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وحيدة مظلومة، وبسبب هذا الجهل كان الأعداء يتجرّؤون عليهم…

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...