الرئيسية / من / “ومن يُؤْت الْحِكْمة فقدْ أُوتِي خيْرًا كثِيرًا وما يذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبابِ”

“ومن يُؤْت الْحِكْمة فقدْ أُوتِي خيْرًا كثِيرًا وما يذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبابِ”

إنّها الوثيقة الأخلاقيّة الجامعة، والتي حملها إلينا التراث من زمن الإمام الكاظم عليه السلام، وهي الوصيّة التي أوصى بها لصاحبه هشام بن الحكم. لقد تضمنت الوصيّة هذه كماً هائلاً من المضامين الثقافيّة المتنوّعة، والتي انطلقت من العقل، ودوره وتأثيره في بناء الأخلاق الإنسانيّة، وما يكمل به المرء حين يتّصف بالحسن منها.

 

بين العبادة والعقل

 

يستشف من الروايات الشريفة عن أهل البيت عليهم السلام أنّ للعقل دوراً أساساً في فهم معنى العبادة والقيام بها بالشكل الذي يدرك الإنسان فيه أنّ عمله هذا ليس مجرّد حركات أو لقلقة لسان، فبوعي الإنسان للمضامين العالية التي تتضمّنها العبادات تصبح الصلاة بالنسبة له رادعاً حقيقياً عن الفحشاء والمنكر، وكذلك يصير الصوم مثبتاً للإخلاص في نفسه، والزكاة تطهيراً لماله، أما من لا يُعمل العقل في إدراك هذه المعاني فإنّه يقوم بمجرّد حركات، وإن كانت تسقط الفريضة عنه إلا أنّها لا ترتقي بروحه لما يريده له الله تعالى، ففي الرواية عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: “قلت له: جعلت فداك إنّ لي جاراً كثير الصلاة، كثير الصدقة، كثير الحج لا بأس به، قال: فقال: يا إسحاق كيف عقله؟ قال: قلت له: جعلت فداك ليس له عقل، قال: فقال: لا يرتفع بذلك منه”17.


خلاصة الدرس

 

معنى العقل المشهور أنّه محل تحليل الأفكار والصور التي يختزنها المرء.

 

عرّف أهل البيت عليهم السلام العقل بأنّه: ما يدعو الإنسان إلى الله ومعرفته وعبادته، التي توصل في النهاية إلى السعادة الأخرويّة.

 

والشيطنة قوةٌ ظلمانيّة… تدعو إلى ملازمة الشرور واكتساب المنافع الدنيوية الموجبة للشقاوة السرمدية واقتراف زهراتها الزائلة الفانية بالمكر والحيل والوساوس الشيطانية، وكلما زادت تلك الشرور والمنافع زادت ظلمتها وكثرت كدورتها حتى تصير ظلمة صرفة وشيطنة محضة.

 

 

17- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية – طهران – الطبعة الخامسة – ج 1 ص 24


إنّ نسبة التعقل بين البشر ليست على حدٍّ واحد، فكلّ إنسان له قدرة معيّنة على تعقّل الأمور، فبعض الناس يصل بالعلم إلى مستوى عالٍ جدّ، وبعضهم يمتلك قدرات عقليّة محدودة جدّ، ولهذا كان العقل معياراً في الحساب.

 

لا يواجه العقل الشهوات الجامحة للنفس الأمّارة لوحده، بل سخر الله تعالى له العديد من الجنود المساعدة وهي الأخلاق والصفات الحميدة الداعية للخير والعمل الصالح.

 

إنّ الأخلاق لا تنفكّ عن العقل، فحيثما يكون العقل تكون بإزائه سائر الخصال الحميدة.

 

إنّ للعقل دوراً أساساً في فهم معنى العبادة والقيام بها بالشكل الذي يدرك الإنسان فيه أنّ عمله هذا ليس مجرد حركات أو لقلقة لسان، فبوعي الإنسان للمضامين العالية التي تتضمنها العبادات تصبح الصلاة بالنسبة له رادعاً حقيقياً عن الفحشاء والمنكر.

 

أسئلة حول الدرس

1- ما المراد من العقل حسب ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام؟

2- ما المقصود بالشيطنة ؟

3- هل للعقل علاقة بالأخلاق؟

4- بماذا تختلف صلاة العاقل عن غير العاقل ؟

 


للحفظ

 

“وإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لاّ إِله إِلاّ هُو الرّحْمنُ الرّحِيمُ * إِنّ فِي خلْقِ السّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللّيْلِ والنّهارِ والْفُلْكِ الّتِي تجْرِي فِي الْبحْرِ بِما ينفعُ النّاس وما أنزل اللهُ مِن السّماء مِن مّاء فأحْيا بِهِ الأرْض بعْد موْتِها وبثّ فِيها مِن كُلِّ دآبّةٍ وتصْرِيفِ الرِّياحِ والسّحابِ الْمُسخِّرِ بيْن السّماء والأرْضِ لآياتٍ لِّقوْمٍ يعْقِلُون”18.

شاهد أيضاً

بالصور.. مهرجان الشعر المقاوم بتوقيت طهران

بالصور.. مهرجان الشعر المقاوم بتوقيت طهران  إحتفاءً بالرد الإيراني الثوري المبارك أقامت “جمعية إبداع” بالتعاون ...