الرئيسية / الاسلام والحياة / محاضرات في الدِّين والاجتماع للشهيد مرتضى المطهّري

محاضرات في الدِّين والاجتماع للشهيد مرتضى المطهّري

العقل ومعرفة الله‏

الله نور مطلق، نور ليس في أكنافه ذرّة ظلام، هو نور العالم كلّه.
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ…﴾1.

إنّه نور أزليّ سرمديّ، لا غروب له ولا أفول، نور عمّ‏َ كلّ‏َ الأشياء،
﴿… فَأينمَا تُولُّوا فثَمَّ وجهُ اللهِ… ﴾2.

فهو الظاهر بشكل دائم ومطلق، بل ظهور كلّ شي‏ء به:
________________________________________
1- النور:35.
2- البقرة:115.

“وبنور وجهك الذي أضاء له كلّ شي‏ء..”3.

وجهاز إدراك الإنسان الذي لا يدرك الأشياء إلا بمقابلها كما سلف وذكرنا ، فإنّه لن يكون في مقدوره أن يدرك هذا النور الإلهيّ الدائم بنفسه، ولن يدرك الذات الإلهيّة الظاهرة بنفسها، إنّه يحتاج إلى المقابل والضدّ دائماً.

لو كانت الذات الإلهية تظهر مرة وتأفل أخرى جلّ الله وعلا عن ذلك لأدركها الإنسان وعرفها بنفسها، أمّا والنور الإلهي دائم.

﴿.. لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ… ﴾4.

فسيكون العقل البشريّ قاصراً عن إدراكه بنفسه، فالأمر مشابه تماماً لما تقدم ذكره: لعاش في نور دائم من غير ظلمة لما أدرك هذا النور، لو كان يشتمّ نوعاً واحداً من الرائحة لما أحسّ بها، ولو لم يطرق سمعه سوى نغمة واحدة لما تنبّه إليها…
________________________________________
3- دعاء كميل لأمير المؤمنين عليه السلام (راجع: مفاتيح الجنان، الباب الأوّل: الفصل السادس، في ذكر نبذ من الدعوات، دعاء كميل).
4- البقرة:255.

كذلك فإنّ مدارك البشر القاصرة لن تكون قادرة على إدراك نور ذات الله الدائم المحيط، الأزلي الأبديّ، بنفسه…

وهذا معنى قول الحكماء الذين يقولون: “إنّ شدّة ظهوره جلّ وعلا ظهور في خفاء”..

يا من قد اختفى لفرط نوره ‏ الظاهر الباطن في ظهوره‏

فكيف يمكن للعقل أن يعرف الله؟

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...