الرئيسية / بحوث اسلامية / الاسئلة و الأجوبة » الارتداد » ردّ على دعوى عدم وجود حكم للمرتدّ في الإسلام

الاسئلة و الأجوبة » الارتداد » ردّ على دعوى عدم وجود حكم للمرتدّ في الإسلام

علي / امريكاالسؤال: ردّ على دعوى عدم وجود حكم للمرتدّ في الإسلام

مارأيكم بهذه الشبهة؟

 

في كتابه (لا إكراه في الدين).. شخص يؤكّد خلو القرآن من حدّ الردّة عن الإسلام، ويرى أنّ القرآن خالٍ من حدّ الردّة عن الإسلام، مناقضاً بذلك ما يقال عن (وجوب) قتل المسلم إذا اعتنق ديناً آخر، أو اختار الإلحاد، استناداً إلى أقوال تنسب إلى النبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومنها: (من بدَّل دينه فاقتلوه)(1).
وينفي أن يكون في الشرع الإسلامي نصّ يشير إلى أيّ عقوبة توقع على المرتدّ قائلاً: إنّه (لا وجود لهذا الحدّ في القرآن المجيد، وهو المصدر والمنشأ الأوحد لأحكام الشريعة).

 
إنّه يرى في كتابه (لا إكراه في الدين)، والذي حمل عنواناً فرعياً هو: (إشكالية الردّة والمرتدّين من صدر الإسلام إلى اليوم): أنّ الذي يستبدل بالإسلام ديناً آخر مجرم، لكنّه في الوقت نفسه لا يشير في المقابل إلى أنّ غير المسلم إذا بدَّل دينه واعتنق الإسلام يرتكب جريمة.
وينفي الكتاب وجود أيّ واقعة في عصر النبيّ محمّد (تشير إلى ما يمكن أن يقوم دليلاً على قيام رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتطبيق عقوبة دنيوية ضدّ من يغيّرون دينهم، مع ثبوت ردّة عناصر كثيرة عن الإسلام في عهده (النبيّ) ومعرفة رسول الله بهم).

 
ويضيف: إنّ عهد النبيّ شهد (مئات) من المرتدّين أو المنافقين الذين عمدوا إلى إيذائه، والكيد للمسلمين، لكنّه (ترفّع تماماً عن المساس بهم) حتّى لا يقال: إنّه يكرههم على الإسلام.
ويستشهد بآيات قرآنية، منها: (( كَيفَ يَهدِي اللَّهُ قَوماً كَفَرُوا بَعدَ إِيمَانِهِم وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ )) (آل عمران:86)، وفي سورة النساء تقول: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازدَادُوا كُفراً لَم يَكُنِ اللَّهُ لِيَغفِرَ لَهُم وَلَا لِيَهدِيَهُم سَبِيلاً )) (النساء:137) ويقول معلّقاً: إنّ فيها نفياً لوجود حدّ شرعي دنيوي للردّة.

 
ويقول المؤلّف: إنّه يأمل أن يتمثّل الباحثون كتابه في (معالجة القضايا الجادّة المستقرّة في ضمير الأُمّة (الإسلامية) وثقافتها دون تفريق لكلمتها)، حتّى يسود منهج في مراجعات التراث (بحيث نجعل تراثنا ممّا يصدّق القرآن عليه ويهيمن. إنّ أهل التراث الإسلامي هم الأولى والأحقّ بمراجعته من داخله وبآلياته، وإن الضغط الخارجي أيّاً كان سوف يؤدّي إلى مزيد من التشبّث بالتراث بخيره وشرّه).
ويقول: إنّ بعض الفقهاء حين ذهبوا إلى: (وجوب قتل المرتدّ)، لم يستندوا إلى آيات القرآن، (وقد تبيّن أنّ الفقهاء كانوا يعالجون جريمة غير التي نعالجها؛ إذ كانوا يناقشون جريمة مركّبة اختلط فيها السياسي والقانوني والإجتماعي، بحيث كان تغيير المرتدّ عن دينه أو تديّنه نتيجة طبيعية لتغيير موقفه من الأُمّة والجماعة والمجتمع والقيادة السياسية والنظم التي تتبنّاها الجماعة، وتغيير الانتماء والولاء تغييراً تامّاً)

*************************

(1) دعائم الإسلام 2: 480 حديث (1717)، مسند أحمد 1: 217.
الجواب:
الأخ علي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: لا يخفى على كلّ مسلم بصير بأمر دينه أنّ الأحكام الشرعية لا تؤخذ فقط من القرآن الكريم، وإنّما تؤخذ من السُنّة الشريفة أيضاًَ؛ لِما ورد من الأمر في الأخذ بها، بحسب النص القرآني الذي يقول: (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا )) (الحشر:7).
وأيضاً لما ورد في القرآن من أنّ من مهام النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيان لما يرد مجملاً أو عامّاً في القرآن الكريم؛ قال تعالى: (( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ )) (النحل:44).
فمن المعلوم أنّ الصلاة وردت في القرآن مجملة؛ إذ لم تذكر تفاصيل عدد الركعات، أو ما يجب قوله في الركعة الواحدة، أو كيفية الركوع، أو السجود، أو كيفية التشهّد، أو التسليم، وهكذا بقية الشرائط والفرائض فيها، وإنّما تكفّل ببيان ذلك النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ إذ قال للمسلمين: (صلّوا كما رأيتموني أُصلّي)(1)، وكذلك بقية فروع الدين من: الصيام، والزكاة، والحجّ، والخمس، وباقي التفاصيل التي تتعلّق بالعبادات والمعاملات التي تكفّل ببيانها النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة المعصومون(عليهم السلام) بحسب عقيدة الإمامية التي تفسّر السُنّة بأنّها: فعل المعصوم(عليه السلام)، أو قوله، أو تقريره، وهي تشمل المعصومين الأربعة عشر.
وعليه، فمن غير المعقول التصريح: ((بأنّ حدّ الردّة لم يرد في كتاب الله، وبهذا لا يوجد للردّة حدّ في الإسلام))، فهذا كلام ينمّ عن جهل وعدم التفقّه في الدين، بل جهل بالنصّ القرآني أيضاً؛ فقد أرشدنا القرآن الكريم إلى الأخذ بما جاء عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأوضح أنّه المبيّن لِما ورد في آيات عامّة أو مجملة في القرآن، وقد جاء في شأن الردّة في القرآن الكريم ما بيّن خطرها وسوء عاقبة صاحبها.. فأضاف النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك بياناً أوجب فيه قتل المرتدّ عن دينه، وهو(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى )) (النجم:3-4).
قال تعالى في بيان خطر الردّة وسوء عاقبتها: (( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا وَمَن يَرتَدِد مِنكُم عَن دِينِهِ فَيَمُت وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَت أَعمَالُهُم فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ )) (البقرة:217).

وقد روى أهل السُنّة في أحكام المرتدّ عن عثمان بن عفّان: أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: (لا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس)(2)، وأيضاً رووا عن ابن عبّاس: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (من بدّل دينه فاقتلوه)(3).

وأمّا الإمامية فقد أجمع علماؤهم على وجوب قتل المرتدّ الفطري بلا شرط الاستتابة؛ استناداً إلى النصوص المستفيضة في هذا الجانب عن أهل بيت العصمة(عليهم السلام)..
ففي صحيحة علي بن جعفر، عن أخيه الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)، قال: سألته عن مسلم تنصّر؟ قال: (يُقتل ولا يستتاب). قلت: فنصراني أسلم ثمّ ارتدّ عن الإسلام؟ قال: (يستتاب، فإن رجع، وإلاّ قُتل)(4)، وهكذا وردت أحاديث أُخرى في هذا المضمون يمكن مراجعتها في كتاب (الكافي)، أو غيره من كتب الحديث.
وقد فصّل الفقهاء بين المرتدّ الفطري، وهو الذي يرتدّ عن الإسلام الذي ولد عليه، والمرتدّ الملّي وهو الذي يرتدّ عن الإسلام الذي تحوّل إليه بعد أن كان على ديانة أُخرى، فالأوّل يُقتل من دون استتابة بخلاف الثاني..
فقد أفتى فقهاء الإمامية – استناداً إلى نصوص المعصومين(عليهم السلام) -: إنّ المرتدّ الفطري يُقتل ولا يستتاب. بينما صرّح فقهاء العامّة وأبو حنيفة ومالك والشافعي بأنّه: يستتاب، سواء كان مسلماً في الأصل أو كافراً، فمتى لم يتب وجب قتله(5).

وعن هذا قال علماء الإمامية: أنّ فقهاء العامّة اشترطوا استتابة المرتدّ الفطري من دون دليل، وقد مرّ ذكر الدليلين الواردين عن عثمان وابن عبّاس – من مصادرهما – وهما مطلقان لم يرد فيهما شرط الاستتابة، فمن اشترطها في هذا الموضوع فعليه الدليل(6).
وهو على أيّة حال: إجماع من الأُمّة على وجود حدّ للمرتدّ، ذكرته المتون الحديثية عند السُنّة والشيعة على حدّ سواء، وأفتى بموجبه فقهاء الفريقين وإن اختلفا في بعض التفاصيل بحسب استفادات الفقهاء من النصوص.. وبهذا نردّ على دعوى مؤلّف الكتاب ونقول له: بل هناك إجماع من الأُمّة على وجود حدّ للمرتدّ عن الإسلام وقد مرّ بيانه.

ثانياً: أمّا عن نفي الكاتب لوجود أي واقعة في عصر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تكون دليلاً على تطبيقه لعقوبة دنيوية ضد من يغيّرون دينهم..
نقول: قد أباح الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دم عبد الله بن أبي سرح ولو تعلّق بأستار الكعبة، وذلك حين ارتدّ عن دينه، وافترى على الله الكذب، ونزلت فيه آية: (( وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُوَ يُدعَى إِلَى الإِسلَامِ )) (الصف:7).

وأيضاً روى مسلم: عن أبي سعيد الخدري، قال: ((بعث عليّ – وهو باليمن – بذهبة في تربتها إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقسّمها رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن علاثة العامري، ثمّ أحد بني كلاب، وزيد الخيل الطائي… فذكر الحديث، وفيه: فجاء رجل كثّ اللحية، مشرف الوجنتين، غائر العينين، ناتئ الجبين، محلوق الرأس، فقال: اتّقِ الله يا محمّد. قال: فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟!)، قال: ثمّ أدبر الرجل، فاستأذن رجل من القوم في قتله – يرون أنّه خالد بن الوليد – فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ من ضئضئ هذا قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد) ))(7).

وفي رواية أُخرى لمسلم تؤكّد أنّ الذي طلب قتل هذا المرتدّ هو عمر، فأبى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ تكلّم بكلامه المتقدّم(8).
وهو يكشف بكلّ وضوح بأنّ قتل المرتدّ كان معروفاً لدى المسلمين، ولكن قد يمنع عنه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمصلحة ما؛ وإلاّ لَما صحّ قوله: (لأقتلنّهم)، وقد بيّن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) علّة عدم قتله لهذا المرتدّ أو المنافق – بحسب رواية مسلم الأُخرى -: (معاذ الله أن يتحدّث الناس أنّي أقتل أصحابي)(9)، وهذا يكشف عن علّة مرحلية اقتضتها ضرورة الدعوة في بدايتها، وجهل الناس بحقيقة الإسلام، وخشية التأثير المضاد للدعاية الكافرة، في تنفير الناس عن الإسلام..
فلا يعدّ عدم تنفيذه أو تطبيقه للحدّ على المرتدّ في زمنه دليلاً على عدم وجود الحدّ للمرتدّ عن الإسلام، كيف وهو الذي قال بصريح العبارة: (من ارتدّ عن دينه فاقتلوه)(10)؟!

وأمّا عن استشهاد المؤلّف بالآيات القرآنية التي يقول أنّها تفيد عدم وجود حدّ شرعي دنيوي للردّة..
فجوابه: ما بيّنّاه في أوّل كلامنا هنا: بأنّ الشرع هو وحدة متكاملة طرفيها الكتاب والسُنّة، ولا يحقّ لأحد أن يكتفي بالقرآن لوحده، ويستنتج الأحكام منه ويترك السُنّة الشريفة وراءه، وقد قال تعالى: (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيماً )) (النساء:65).
لذا ننصح المؤلّف وأشباهه بالعودة إلى السُنّة الشريفة عند الفريقين السُنّة والشيعة، ليجد فيها نصوصاً واضحة في حدّ المرتدّ عن الإسلام، وقد ذكرنا بعضها في ما تقدّم، ولا حاجة بنا إلى مراجعة التراث مراجعة لا تقوم على أُسس علمية مسلّمة، ممّا يؤدّي إلى الاجتهاد مقابل النصّ، أو التغاضي عن الأحكام الثابتة بإجماع الأمّة..
ولينظر المؤلّف إلى تعامل الغرب اليوم مع الإسلام والمسلمين في شنّ الحروب عليهم، وإبادتهم ومحاربتهم بكلّ وسائل الحرب الاقتصادية والفكرية والثقافية، ممّا يجعل أمثال هذه الأحكام – كالحكم بقتل المرتدّ – شيئاً صغيراً وضئيلاً أمام الحرب الصليبية على الإسلام.
ودمتم في رعاية الله

(1) عوالي اللآلي 1: 198 الفصل (9) حديث (8)، السنن الكبرى للبيهقي 2: 345.
(2) انظر: سنن أبي داود 2: 366 حديث (4502) باب الإمام يأمر بالعفو عن الدم، مسند أحمد بن حنبل 1: 61، 70 مسند عثمان بن عفّان، سنن الدارمي 2: 171 باب ما يحلّ به دم المسلم، سنن النسائي 7: 92 ذكر ما يحلّ به دم المسلم.
(3) انظر: مسند أحمد بن حنبل 1: 217، 282، 283، 323 مسند عبد الله بن عبّاس، صحيح البخاري 4: 21 باب دعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الإسلام والنبوّة، و 8: 50 كتاب استتابة المرتدّين والمعاندين.
(4) فروع الكافي 7: 257 كتاب الحدود باب حدّ المرتدّ، حديث (10).
(5) انظر: الخلاف للطوسي 5: 353 كتاب المرتدّ مسألة (3)، كتاب الأمّ 1: 295 المرتدّ عن الإسلام، مواهب الجليل 8: 373 باب الردّة، المبسوط للسرخسي 1: 98 باب المرتدّين، بدائع الصنائع 7: 134 كتاب السير والجهاد.
(6) انظر: جامع الخلاف والوفاق: علي بن محمّد القمّي: 499.
(7) صحيح مسلم 3: 110 باب ذكر الخوارج وصفاتهم.
(8) صحيح مسلم 3: 111 باب ذكر الخوارج وصفاتهم.
(9) صحيح مسلم 3: 109 باب ذكر الخوارج وصفاتهم.
(10) المصنّف للصنعاني 10: 114 حديث (18563)، المعجم الكبير 17: 186.

محمد عليتعليق على الجواب (1)
لكن الا يمكن المناقشة في جوابكم ب :
1- الاجماع المدعى ليس تعبديا حتى يكون حجة بل هو مدركي.
2- الاخبار الواردة اخبار احاد ودليل حجيتها مبتن على سيرة العقلاء وهي بدورها مشروطة بالقطع بها، ويمكن ان يدعى اننا غير قاطعين بانعقاد سيرة العقلاء على الاخذ باخبار الاحاد في استحلال الدماء والنفوس، ولا اقل اننا نشك في ذلك والشك كاف في سقوط السيرة لاشتراط القطع كما تقدم.
3- المرتد في زماننا يختلف عن زمان النص فان ذلك الزمان كانت تتقاطعه النظم الدينية التي تجتمع فيها السلطة الدينية والدنيوية في شخص واحد او في اتجاه واحد، ومن هنا فان المرتد عندما يرتد عن الدين فانه يخرج بالضرورة عن الواقع الاجتماعي والسياسي اذ لا يكون حينئذ داخلا تحت عنوان من العناوين المعروفة التي يشكلها الواقع الديني والسياسي( الا اذا كان تحوله الى دين كتابي) وبالتالي يكون عنصرا غريبا عن مجتمعه دينيا وسياسيا الى حد التمرد عليه -حكما- فانه ينفي مشروعية النظام السياسي والديني الذين يحكمان ذلك المجتمع ومثل هكذا شخص يجب ان ينفى من هذا المجتمع.
وبكلمة اخرى: اننا نحتمل ان يكون حكم المرتد ناظرا الى طبيعة مجتمع النص ومحكوميته بالدين بحيث انقسم العالم على هذا الاساس وبالتالي فلا يطبق الا في مجتمع مشابه لمجتمع عصر النص(قضية خارجية).
4- ان القران الكريم يؤكد على (( ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وهو تصريح من الاية الشريفة بان العذاب لن يكون بل ولا يليق بالله تعالى مالم تكن الحجة تامة على العبد على نحو الفعلية او الشأنية وهناك ادلة اخرى تؤدي هذا المضمون، وكلا الامرين كان موجوداً في عصر النص بوجود المعصوم -ع- بخلاف كثير من الازمان التي خلت من وجوده الظاهر المبارك او التي كثرت فيها الشبهات التي جعلت من اتمام الحجة شيئا عزيزا، والروايات التي ذكرتموها لا يمكن التعويل على اطلاقها او عمومها لنفي التفصيل الذي ذكرنها لانه يمكن دعوى عدم كونها في مقام البيان من هذه الناحية .
الجواب:
الأخ محمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- نحن لم نذكر الاجماع كدليل مستقل بحاله حتى يرد الاشكال وانما نريد القول بان جميع علمائنا استندوا الى النصوص الشرعية في الحكم وهذا ليس اجماعا كما هو واضح .
2- ان الخبر حجة بسبب سيرة العقلاء التي لم يرد ردع من الشارع في الاخذ بها والعقلاء يأخذون بالخبر بغض النظر عن المحتوى الذي يحتويه المضمون وهم لا يفصلون في المضامين ودليل قتل المرتد قد ثبت باخبار صحيحة لذا فالاخبار حجة واما اذا فرضنا انه لم يرد لنا خبر في ذلك كان للاحتياط مجال للمحافظة على الدماء .
3- ان ما ذكرتم من احتمال كون حكم المرتد ناظرا الى خصوص عصر النص شيء لايمكن المصير اليه اذ الادلة مطلقة من هذه الناحية تشمل عصر النص وغيره والاحكام مشرعة على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية .
4- لا يمكن القول ان حكم قتل المرتد خاص بزمن الحضور فهذا لا دليل عليه والاية المشار اليها لا تصلح دليلا على ذلك اذ معناها ان الذي لم يعلم بالاحكام لا نعاقبه فيبقى الحكم شاملا لزمن الغيبة والظهور بمقتضى اطلاق الادلة .
ودمتم في رعاية الله

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية من وجهة نظره

رؤية الهلال س833: كما تعلمون فإن وضع الهلال في آخر الشهر (أو أوّله) لا يخلو ...