الرئيسية / من / طرائف الحكم / آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

دلالة المقطع:
الآثار التكوينية والتشريعية لارتكاب الذنوب:
1- ذنوب تجرّ ذنوباً:
لارتكاب الذنوب آثار في هذه الدنيا، ولا يختصّ أثر الذنب بالعقوبة الأخروية.
ولذا، يبيّن لنا هذا المقطع من الدعاء بعضاً من آثار الذنوب التي يَسأل الداعي الله عزّ وجلّ مغفرتها؛ وأوّلها دعاء بمغفرة الذنوب التي تكون سبباً في زوال مِنْعَة العبد عن الوقوع في المعاصي:
عن الإمام زين العابدين عليه السلام: “والذنوب التي تهتك العصم: شرب الخمر، واللعب بالقمار، وتعاطى ما يُضحِك الناس؛ من اللغو، والمزاح، وذكر عيوب الناس، ومجالسة أهل الريب”11.
وهذه ذنوب تجرّ ذنوباً؛ فشارب الخمر لا يدري ما يفعل، فشربه للخمر يجرّه إلى ارتكاب ذنوب أخرى، وكذلك الحال في الذنوب الأخرى التي وردت في الرواية؛ فإنّ اللغو والمزاح يجرّان إلى أذيّة الناس أو الكذب، ومجالسة أهل الريب تجرّ إلى الانحراف وزوال الإيمان.
والتقوى؛ هي العصمة التي لا بدّ أن يتمسّك بها الإنسان لتحصين نفسه وضمان منعتها؛ فإذا زالت تتالت الذنوب عليه وأقعدته عن المسير في طريق الكمال والسعادة الأبدية.

2- ذنوب تنزل النقم وتستوجب العقاب:
إنّ من الذنوب ما يُعاقب عليه الإنسان في الدنيا قبل الآخرة:
________________________________________
11- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين: معاني الأخبار، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، لاط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المقدّسة، 1379هـ.ق/ 1338هـ.ش، باب معنى تفسير الذنوب، ح2، ص271.

ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام: “والذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي، والتطاول على الناس، والاستهزاء بهم، والسخرية منهم”12.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “خمس بخمس: ما نقض قوم العهد؛ إلا سلّط عليهم عدوّهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله؛ إلا نشأ فيهم الفقر، ولا ظهر فيهم الفاحشة؛ إلا فشا فيهم الموت، ولا طفقوا المكيال؛ إلا مُنِعُوا النبات، وأُخِذُوا بالسنين، ولا مَنَعوا الزكاة؛ إلا حُبِسَ عنهم القطر”13.

3- ذنوب تزيل النعم:
إنّ الله عزّ وجلّ يُنعم بكرمه على هذا الإنسان، ولكنّ الإنسان بارتكابه للذنوب يفقد هذه النعم؛ فزوال النعم مرتبط بزوال الاستقامة. والانحراف سبب لزوال النعمة:
قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾14. وهذه سنّة إلهية ثابتة.
وروي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام بيان تلك الذنوب الُموجِبَة لزوال النعم، حيث يقول: “الذنوب التي تغيِّر النعم: البغي على الناس، والزوال عن العادة في الخير، واصطناع المعروف، وكفران النعم، وترك الشكر. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾”15.
وكما تذكر الرواية، فإنّ أوّلها هو الظلم؛ وأدنى مراتبه منع الحقوق؛ وهو في صورة اشتغال ذمّته بردّ حقوق الناس وعدم وفائه بذلك.
________________________________________
12- الصدوق، معاني الأخبار، م.س، باب معنى تفسير الذنوب، ح2، ص270-271.
13- المتقي الهندي، علاء الدين علي: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ضبط وتفسير بكري حياني، تصحيح وفهرسة صفوة السقّا، لاط، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج16، ح44006، ص79.
14- الأنفال: 53.
15- الصدوق، معاني الأخبار، م.س، باب معنى تفسير الذنوب، ح2، ص270.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...