الرئيسية / القرآن الكريم / الخُنَّس الجَوارِ الكُنَّس

الخُنَّس الجَوارِ الكُنَّس

لنتأمل هذه الآية الكونية التي حدثنا الله تعالى عنها, بل وأقسم بها أن القرآن حق, وأن الرسول(صلى الله عليه وآله) على حق.

الهدف من ذكر هذه الحقيقة في كتاب الله تعالى:

قال تعالى:{ فلا أقسم بالخُنَّس * الجَوارِ الكُنَّس * والليلِ إذا عَسْعَسْ * والصُّبْحِ إذا تَنَفَّس * إِنَّهُ لقولِ رسولِ كريم} التكوير(15-19)

هذه الآيات تحدثنا عن مخلوقات قرآنية سمّاها القرآن(الخُنَّس).

عندما رصد العلماء هذه المخلوقات التقطت كاميراتهم الموجودة في المراصد المثبتة على مدارات حول الأرض مثل مرصد(هابل الفضائي) هذا المرصد الموجود خارج الأرض في الفضاء وهو يلتقط صوراً دقيقة جداً للمجرات والأجسام البعيدة, لقد التقط هذا المرصد صوراً عديدة ,وجدوا أن هنالك سحابة من الغبار الكوني تدور حول نفسها, تدور بحركة عنيفة جداً, وبعد إجراء الحسابات وجدوا أن سبب دوران هذا الدخان والغبار الكوني هو وجود ثقب أسود يبتلع هذه الغيمة من الدخان, فعندما يبتلعها تماماً يتشكل إعصار ودوّامة ويدور هذا الغاز والغبار الكوني بسرعة هائلة حول هذا الثقب, وفي النتيجة يمتص هذا الثقب كامل هذا الغبار الكوني, ولذلك قالوا إن هذه الأجسام تعمل مثل المكنسة الكهربائية كأنها تشفط وتجذب أي شيء يقترب منها لمسافة معينة فهي كُنَّس , والخُنَّس هي الأشياء المخفية التي لا تُرى.

أما (الجَوارِ) فتعني تجري من فعل “جرى” فهي جَوارٍ تجري, هذه هي الصفات الثلاث لهذه المخلوقات التي حدثنا عنها القرآن.

وعندما ينفد وقود النجم , وعندما يستهلك وقوده فإنه يُشرف على الموت أو الهلاك, وهنا آية عظيمة تتجلى عندما أقسم الله تعالى بهذه الظاهرة ظاهرة سقوط النجم على ذاته, يقول تبارك وتعالى:{ والنَّجمِ إذا هوى * ما ضلَّ صاحبكم وما غوى}النجم(1-2)

فكل نجم في الكون لا بد أن تكون له نهاية , وهذه الآية (والنجم إذا هوى) ليست خاصة بنجم واحد، بل تنطبق على كل نجوم الكون.

إن النجم عندما يتهاوى على نفسه وينغلق وينضغط يتشكل ما يسمى بالثقب الأسود. في الأساس هي هذه النجوم عندما تنهار على نفسها تشكل الثقوب السوداء.

يقول العلماء: إن جاذبية الثقب الأسود كبيرة جداً ولكنها تؤثر فقط على الأجسام القريبة, وهكذا تعمل هذه الثقوب مثل المكنسة حيث تجذب وتبتلع كل ما يقرب منها, ولذلك ومن رحمة الله تعالى بنا أن هذا الثقوب لا تعمل على المسافات الطويلة وإلا لكانت أرضنا قد اختفت منذ زمن بعيد لأن مجرتنا تحوي ملايين الثقوب السوداء! يقول العلماء إن هذه الثقوب تعمل عمل المقابر الكونية لأنها تمثل المرحلة الأخيرة من موت النجوم عندما يتشكل هذا الثقب الأسود وينضغط على نفسه يصبح حجمه صغيراً جداً, لأن المادة تنضغط بشكل كبير وهائل, وترتفع درجة حرارته إلى درجات قصوى, وتزداد جاذبيته بصورة لا يتصورها عقل لدرجة أن الضوء الذي يصدره هذا النجم أو هذا الثقب الأسود يعود فيرتد إليه من شدة الجاذبية يجذب الضوء إليه , لا يدع شيئاً ينفلت منه , ولذلك يقول العلماء إن أهم صفة تميز هذه الثقوب السوداء أنها لا ترى, ولا يمكن رؤيتها مهما تطورت الأجهزة وحتى لو خرجنا خارج الأرض إلى الفضاء الخارجي لن نستطيع رؤية هذه الأجسام.

هذه هي الصفات التي تكلم عنها القرآن خُنَّس , جَوار , كُنَّس

ما هو الهدف من هذه الحقيقة الكونية؟

ما الذي يريده الله منا أن نتعلمه أو ندركه من هذه الحقائق؟ هل مجرد أن ندرك أن هنالك أجساماً في السماء هي ثقوب سوداء, أو أن الهدف مجرد أن القرآن سبق علماء الغرب.. لا.. إنها أهداف ولكن الهدف الرئيسي عندما نقرأ هذا النص الكريم(فلا أُقْسِمُ بالخُنَّس * الجَوارِ الكُنَّس) وهكذا.. آيات كونية يسوقها الله تبارك وتعالى يختمها بقوله:(إنَّه لقول رسولٍ كريم) وهنا ندرك الهدف أن الله تبارك وتعالى كأنه يريد أن يقول لنا: كما أنكم أدركتم وجود هذه الأجسام التي لا تُرى , والله تعالى يرى كُلَّ شيء وقد حدّثَكم عنها , وكما أنكم بأجهزتكم وقياساتكم أدركتم أن القرآن حدّثكم عن اكتشافات استغرقت عشرات السنين والقرآن نزل قبل ألف وأربعمائة سنة في زمن لم يكن أحدٌ على وجه الأرض يتخيل شيئاً عن هذه المخلوقات الكونية, وكما أنكم تدركون أن هذه الأجسام موجودة لا شك ينبغي عليكم أن تدركوا أن هذا القرآن هو قول رسول كريم ليس كلام بشر, ليس بقول شاعر أو كاهن, ليس من تعليم بشر!

اكتفي بهذا القدر وأترك لكم البحث في هذا الموضوع وأتمنى أن يكون قد نال إعجابكم ويزيدكم قراءةً وتفكراً في كتاب الله الكريم.

هبة الموسوي – العراق