الرئيسية / الاسلام والحياة / القدوة الاهمية وتحولات الدور

القدوة الاهمية وتحولات الدور

الوعي واليقظة:

 

تتمتع الحوزات العلمية وعلماء الدين بدعم وتأييد الشعوب. ومادام هذا الدعم والتأييد قائمين فمن غير الممكن سحق الحوزات والقضاء عليها أبدا. وفي الحقيقة أن الحكومات تخشى الشعوب، ولهذا فهي تحتمل إذا ما أهانت وتجاسرت وتعرضت إلى أحد علماء الدين، أن ذلك سوف يثير سخط الأمة ويفجر غضبها ضدها.. ولكن إذا ما كان علماء الدين مختلفين فيما بينهم ويسيء بعضهم لبعض، ولم يكونوا متأدبين بآداب الإسلام، فإنهم سيفقدون اعتبارهم ويخسرون ثقة الأمة بهم.

 

من هذا المنطلق، يحذر الإمام من التقليل من أهمية البرامج التربوية والأخلاقية. ومن الأيادي الخبيثة التي تبث السموم ودعايات السوء والأفكار الخبيثة في الحوزات لكي تجردها من المعنويات والأخلاقيات، فتصوّر مثلا ارتقاء المنبر للوعظ والإرشاد على أنه يتنافى مع المكانة العلمية, غافلين عن أن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان منبريا، وكان يعظ الناس ويرشدهم من على المنابر..

 

ان الله تبارك وتعالى وضع الدين الإسلامي المقدس بمثابة أمانة بين أيدينا. فالقرآن الكريم أمانة الله الكبرى، والعلماء هم المؤتمنون عليها، وإن واجبهم الحفاظ على هذه الأمانة الكبرى وعدم خيانتها. وما التشتت والاختلاف واللغط والضجيج الذي لا طائل من ورائه، إلا خيانة للإسلام ولنبيه الأعظم  صلى الله عليه وآله وسلم.

 


أنا لا أدري لم هذه الاختلافات والتحزبات؟! فإن كانت من أجل الدنيا، فأنتم لا تملكون شيئا في الدنيا! وإن كنتم تتمتعون باللذائذ والمنافع الدنيوية، فإن ذلك لا يستحق الاختلاف. ألستم روحانيين، أم أنكم لم ترثوا من الروحانية غير العمامة والعباءة؟! إن عالم الدين الذي يؤمن بما وراء الطبيعة.. عالم الدين الذي يتحلى بتعاليم الإسلام الحية وأحكامه البناءة.. عالم الدين الذي يعتبر نفسه من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام.. إن عالم الدين هذا من غير الممكن أن يهتم بشهوات الدنيا، ناهيك أن يثير الخلاف بسببها.. إن مثل هذه الصراعات والنزاعات تبدو مبررة طبقا لمنطق أهل الدنيا مع تلك العقول الملوثة. أما نزاعاتكم فإنها تفتقد للتبريز حتى بمنطق هؤلاء.

 

فإذا سئلوا لماذا تتنازعون، سيقولون إننا نسعى للاستيلاء على البلد الفلاني، ولابد من فرض سيطرتنا على ثروات وموارد البلد العلاني. ولكن إذا سئل منكم: لم تتنازعون، ومن أجل أي شيء، ماذا ستجيبون؟ فما الذي تملكون من الدنيا ويستحق التنازع من أجله؟ إن مرتب أحدكم الشهري الذي يأخذه من المراجع، أقل مما ينفقه الآخرون على سجائرهم في الشهر الواحد. لقد قرأت في إحدى الصحف عن الميزانية التي يدفعها “الفاتيكانًً لقسيس في واشنطن، فعندما حسبت ذلك وجدت أنه أكثر من جميع الأموال التي تمتلكها الحوزات العلمية لدى الشيعة! فهل من المعقول مع هذه الحال التي عليه حياتكم من بساطة وزهد، أن تختلفوا

 


فيما بينكم وتتكالبوا على الدنيا ويعادي أحدكم الآخر؟.. إن جذور كل الاختلافات التي تفتقد إلى الهدف المحدد والمقدس، تعود على حب الدنيا. وإذا ما وجدت الاختلافات في أوساطكم فهو لأنكم لم تخرجوا حب الدنيا من قلوبكم. ونظرا لأن المنافع الدنيوية محدودة، فإن كل واحد يتنافس مع الآخر للاستحواذ عليها. أنت تريد المقام الفلاني وغيرك أيضا يكافح من أجله، فمن الطبيعي أن يقود ذلك إلى التحاسد والاختلاف..

 

إن هذه الاختلافات خطيرة وتترتب عليها مفاسد لا تعوض. إنها تسيء إلى الحوزات العلمية وتدمرها، كما أنها تفقدكم مكانتكم الاجتماعية وتحقركم في عيون المجتمع.. إن هذه التحزبات والفئويات لا تنتهي بضرركم فحسب، ولا تسيء إلى سمعتكم وحدكم, بل تسيء إلى سمعة المجتمع وكيانه.. تسيء إلى الأمة وإلى الإسلام. وإن المفاسد التي تترتب على اختلافاتكم ذنوب لا تقبل العفو والغفران، وهي عند الله تبارك وتعالى أعظم من كثير من المعاصي، لأنها تفسد المجتمعات وتفتح الباب واسعا أمام تسلط الأعداء وبسط نفوذهم.. فليس مستبعدا أن تعمل أيادٍ خفية على إيجاد الفرقة والاختلاف لتداعي أركان الحوزات العلمية، وزرع النفاق والشقاق، وتسميم الأفكار والأذهان حتى يصبح التكليف الشرعي مشوبا بالنزاعات مثقلا بالاختلافات، وبذلك يوجدوا الفساد في الحوزات، وبهذه الوسيلة يتم تسقيط الأشخاص الذين يعلق الإسلام عليهم الآمال، لكي لا يكون بمقدورهم خدمة الإسلام والمجتمع الإسلامي في المستقبل.

 

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...