كان واضحا منذ اليوم الاول للعدوان السعودي على اليمن ، ان الهدف منه كان تركيع الشعب اليمني واذلاله ، عبر الترويع والتجويع ، لاعادته الى بيت الطاعة السعودي ، وان كل ما قيل عن اهداف هذا العدوان ، مثل الدفاع عن الشرعية واعادة الرئيس اليمني المستقيل والهارب عبدربه منصور هادي الى عدن ، ليس الا مزاعم اُريد منها التغطية على الهدف الحقيقي.
الدمار الهائل الذي تعرض له اليمن ، والعدد الكبير من الشهداء والجرحى الذين سقطوا جراء القصف الجوي والصاروخي والمدفعي ، واستخدام اسلحة محرمة دولية ، والاصرار على فرض حظر بري وبحري وجوي شامل ، هو جانب من نتائج العدوان السعودي على اليمن ، وهي نتائج وضعت المواطن اليمني بين خيارين لا ثالث لهما ، إما القتل وإما التجويع.
عمليات القتل والتجويع الممنهجة للشعب اليمني ، التي مارستها السعودية بدم بارد و دون اعتناء للقانون الدولي او القيم الانسانية ، مستغلة نفوذها واموالها والدعم الهائل الذي تتلقاه من امريكا وبريطانيا وفرنسا ، جعلت السكوت عن هذه الجرائم المروعة اشبه ما يكون بالتواطؤ مع المعتدين، و وضعت المنظمات الدولية والحكومات والشعوب في العالم اجمع ، امام مسؤولياتها التاريخية ، ازاء ما يواجهه الشعب اليمني من ابادة جماعية .
ايران ، بوصفها دولة اقليمية كبرى ، وتربطها مع الشعب اليمني روابط دينية وثقافية واجتماعية عريقة ، وقفت منذ اليوم الاول موقفا رافضا للعدوان على اليمن ، ودعت الى وقف العدوان فورا ، وعدم التدخل في الشأن اليمني ، والعمل على مساعدة اليمنيين للجلوس حول طاولة واحدة لتسوية خلافاتهم والوصول الى صيغة للحكم مقبولة من الجميع ، تجنب اليمن والمنطقة ازمات هما في غنى عنها.
للاسف الشديد تجاهلت السعودية ، وبتحريض ودعم امريكيين ، نصائح ايران ، واخذتها العزة بالاثم ، فاوغلت بالدم اليمني دون رحمة ، وتفننت في عمليات قتل وتجويع اليمنيين ، الامر الذي جعل الصبر على هذه الممارسات اللانسانية ، غير مبرر ، لذلك ارسلت ايران ، انطلاقا من وشائج الدين والجيرة التي تربطها بالشعب اليمني المسلم ، سفينة محملة ب2500 طن من المساعدات الانسانية ، كالغذاء والماء والدواء والوقود ، الى اليمن.
السعودية ، المزهوة بقتل الجياع ، يبدو انه غاضها ارسال ايران سفينة مساعدات انسانية الى اليمن ، ورأت في ذلك تحديا للحظر الظالم الذي تفرضه على الشعب اليمني ، كما رات في ذلك تحديا لارادتها في توزيع الجوع على من تريد من الشعب اليمني ، فاخذت تهدد بالتعرض للسفينة الايرانية ، وهي تهديدات كررتها امريكا ايضا.
ايران التي رأت في المساعدات الانسانية ، بانها الحد الادنى مما هو مطلوب تقديمه للشعب اليمني المنكوب بالعدوان السعودي الامريكي ، اعتبرت التهديدات الامريكية والسعودية بالتعرض لسفينة المساعدات ، نوعا من الطغيان الذي لا يمكن السكوت امامه ، فحذرت وعلى لسان مساعد رئيس الاركان العامة المشتركة للقوات المسلحة في جمهورية ايران الاسلامية العميد مسعود جزائري ، من أن اي تعرض لسفينة المساعدات الايرانية قد يشعل نارا في المنطقة لا يمكن لاميركا والسعودية احتواؤها والسيطرة عليها ، داعيا امريكا الى عدم خلق المتاعب لايران على صعيد ايصال المساعدات الانسانية.
ليس سرا القول ان المساعدات الانسانية المُرسلة الى اليمن لايمكن ان تصل الى جميع ابناء الشعب اليمني وفقا للحاجة ، اذا ما اشرفت السعودية او امريكا على هذه المساعدات ، فمن المؤكد ان ابناء المحافظات التي نالها النصيب الاوفر من الحظر والقصف والدمار والقتل ، سيحرمون من هذه المساعدات استمرارا لسياسة التجويع ، لذلك فإن من مصلحة امريكا الا تمتحن صبر ايران ، بعد كل المجازر التي نفذتها السعودية ضد الشعب اليمني ، بإيعاز وتحريض ودعم امريكي ، فلم يعد السكوت ممكنا ولا الصبر محمودا.