أكد مفتي الجمهورية اللبنانية لأهل السنة الشيخ محمد رشيد قباني ، اليوم الاثنين ، أن التطرف الذي يعصف بلبنان ليس من الإسلام و المسلمين في شيء ، و من يفجر نفسه ليودي بالضحايا والأبرياء من أبناء دينه ووطنه فهو يزهق نفسه والأرواح البريئة بغير وجه حق ، وهو أمر حرام .
جاء ذلک فی رسالة وجهها الیوم إلى اللبنانیین عن الأوضاع الراهنة فی لبنان والمنطقة العربیة قال فیها : إن «النزاعات التی تجری فی وطننا لبنان، ویجری مثلها فی بلدان عربیة هی نزاعات خطیرة جدا ، وکلنا قلقون منها علی أوطاننا ومصائرها ، وینذر استمرارها بخطر أشد وأفظع قتلا وخرابا ودمارا و تفککا ، یخطط له الأجنبی لیضعف مقاومتنا الفلسطینیة واللبنانیة والعربیة لـ«إسرائیل» .
ویجهض رفضنا للعدو «الإسرائیلی» علی أرض فلسطین ، و یقسم منطقتنا من جدید، ویجزئها إلی دویلات طائفیة ومذهبیة ضعیفة ومتناحرة، فی مشروع إعادة تشکیل المنطقة العربیة فیما یسمیه الأجنبی الشرق الأوسط الجدید» . و أضاف الشیخ قبانی : «ولتحقیق ذلک المخطط، درست الولایات المتحدة الأمیرکیة طریقة تفکیر وغرائز الجماعات التی تتألف منها مجتمعاتنا، ونجحت فی إدخال الفتن إلی ثمانی دول عربیة وإسلامیة، مستخدمة وسائلها وإمکاناتها الکبیرة، واستطاعت إیقاع التقاتل بین أبنائها، ولکنها مهما خططت، ومهما أنفقت فی سبیل ذلک من أموال فلن تحصد فی النهایة إلا الفشل» .
و رأى “أن ما یحدث الیوم فی لبنان بالذات ، وفی العالم العربی من حوله لیس بالأمر العادی، بل هو مقدمات الفوضی الخلاقة التی بشرت بها وزیرة الخارجیة الأمیرکیة السابقة کوندولیزا رایس ، لإعادة تشکیل المنطقة العربیة من جدید ، و تقسیمها إلی دویلات طائفیة ومذهبیة ضعیفة ومتناحرة فی مشروع الشرق الأوسط الجدید، الذی وضع وثیقته وخریطته الیهودی الأمیرکی برنارد لویس ، وأصبح جزء من سیاسة أمریکا الاستراتیجیة ، وهو یهدف إلی جعل «إسرائیل» الدولة الأقوى و المهیمنة فی المنطقة العربیة ، والمنتدبة من الغرب علی بلدان الشرق الأوسط وأمنها فیه” . و طالب قبانی القادة العرب والمسلمین، بأن ینقذوا بلدانهم من الاقتتال والنزاعات، ومن الخراب والدمار، وأن ینقذوا مستقبل شعوبهم، ویمنعوا الأجنبی من التدخل فی شؤونهم وفرض الحلول علیهم .
کما طالب المسؤولین اللبنانیین بالعمل بمیثاق العیش المشترک، والوحدة الوطنیة؛ والتقارب، والحوار لإیجاد الحلول، وتحقیق القوة والمنعة للدولة اللبنانیة عبر الجیش اللبنانی وتعزیز قدراته؛ وصناعة قوة الردع الحقیقیة فی وجه العدو الصهیونی والمحافظة علیها . وقال : «أیها اللبنانیون، إن التطرف الذی یعصف بنا وعلی مساحة وطننا لبنان لیس من الإسلام والمسلمین فی شیء, ومن یفجر نفسه لیودی بالضحایا والأبریاء من أبناء دینه ووطنه فهو یزهق نفسه والأرواح البریئة بغیر وجه حق، وهو أمر حرام .
وقد قال الله تعالی فی القرآن الکریم: من قتل نفسا بغیر نفس أو فساد فی الأرض فکأنما قتل الناس جمیعا*ومن أحیاها فکأنما أحیا الناس جمیعا» . و إذ أکد أن «نمو التطرف الیوم فی لبنان بین أبنائه لیس صدفة بل هو بفعل مخطط»، عزا هذا التطرف إلی أمرین أساسیین ساهما فی نموه أولهما «ملف الموقوفین الإسلامیین، الذی کان أداة للاعتقال التعسفی المنظم للشباب المسلم» .
والثانی «الإسقاط الممنهج، للدور المعتدل لدار الفتوی وعلمائها، من خلال محاولات إسقاط مهابتها ورمزیتها باستهدافها باستمرار بسلاح الإفک والإشاعات والتحریض»، مشیرًا بذلک إلی الحملات المنظمة التی شنها علیه «حزب المستقبل» لإجباره علی التخلی عن منصبه . و ختم المفتی قبانی داعیًا لتشکیل «حکومة جامعة فی لبنان, فی هذا الزمن الدقیق والخطیر بالذات, زمن الفتن والمتغیرات», وکذلک إلی إجراء الانتخابات الرئاسیة فی موعدها، محذرًا من الوقوع فی فخ الفراغ «لأن الفراغ یملؤه أی شیء, وکأننی بالفوضی تتحین فرصتها لتملأه بامتیاز، وحینها یا ویل لبنان من الأسوأ القادم».