الرئيسية / من / طرائف الحكم / آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

وقفة تأملية
التدبّر في مخاطر العُجُب:

عن الإمام الصادق عليه السلام: “أتى عالم عابداً، فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يُسأَل عن صلاته؟! وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا، قال: فكيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتى تجري دموعي، فقال له العالم: فإنّ ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدلّ، إنّ المدلّ لا يصعد من عمله شيء”23.

وعنه عليه السلام -أيضاً-: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بينما موسى عليه السلام جالساً إذ أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنى من موسى عليه السلام خلع البرنس، وقام إلى موسى، فسلّم عليه، فقال له موسى: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قال: أنت! فلا قرّب الله دارك. قال: إنّي إنّما جئت لأسلِّم عليك؛ لمكانك من الله، قال: فقال له موسى عليه السلام: فما هذا البرنس؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم، فقال موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجَبَتُه نفسه واستكثر عمله وصغر في عينه ذنبه”24.

إنّ العجب خُلُق رديء يتسلّل إلى النفس من خلال الطاعات والعبادات؛ حيث إنّ الإنسان بفعل التزامه بادائهما قد يحصل لديه عجب بنفسه؛ بما تؤدّيه من طاعة وعبادة وأفعال حسنة، ويجد من نفسه القوّة والاستقلال في أدائها والاهتداء إليها؛ ما يؤدّي إلى انقطاعه عن ربّه، واحتجابه عن نور الهداية، وسلبه التوفيق، وبطلان عمله وزوال أثره.

ويحصل الانتباه من هذا الفخ المُهلِك من خلال التفكّر في النفس، وضعفها، وفقرها، واحتياجها إلى الله تعالى، والتي لولا رحمته ولطفه وعنايته؛ لما تمكّنت من الاهتداء إلى صالح الأعمال.
________________________________________
23- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب العجب، ح5، ص313.
24- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب العجب، ح8، ص314.

4- دوافع المعاصي

اَللّهُمَّ عَظُمَ بَلائي وَاَفْرَطَ بي سُوءُ حالي، وَقَصُرَتْ بي اَعْمالي وَقَعَدَتْ بي اَغْلالى، وَحَبَسَني عَنْ نَفْعي بُعْدُ اَمَلي، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها، وَنَفْسي بِجِنايَتِها.

مفاهيم محوريّة:
1. أعظم البلاء ارتكاب المعاصي والآثام.
2. الإفراط في المعاصي.
3. قصور عمل الإنسان عن الوفاء بحقّ الله تعالى.
4. أبرز دوافع المعاصي:
• إقعاد النفس بأغلال المعاصي.
• طول الأمل.
• الاغترار بالدنيا الخدّاعة.
• اتّباع النفس الأمارة.
• المماطلة والتسويف في التوبة.

شرح المفردات:
أفرط: أصلها فَرَطَ: “الفاء والراء والطاء: أصل صحيح يدلّ على إزالة شيء عن مكانه وتنحيته عنه… فهذا هو الأصل، ثمّ يقال: أفرط إذا تجاوز الحدّ في

الأمر. يقولون: إياك والفرط؛ أي لا تجاوز القدر؛ وهذا هو القياس؛ لأنّه إذا جاوز القدر فقد أزال الشيء عن جهته. وكذلك التفريط؛ وهو التقصير؛ لأنّه إذا قصر فيه فقد قعد به عن رتبته التي هي له”1. “قوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ﴾(يوسف: 80)؛ أي ما قصّرتم في أمره…”2.
قصرت: أصلها قَصُرَ: “القاف والصادّ والراء: أصلان صحيحان، أحدهما: يدلّ على ألا يبلغ الشيء مداه ونهايته، والآخر: على الحبس. والأصلان متقاربان.
فالأوّل: القصر خلاف الطول… وقصرت عنه قصوراً؛ عجزت. والأصل الآخر… إذا حبسته؛ وهو مقصور؛ أي محبوس. قال الله تعالى: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾”3.
قعدت: أصلها قَعَدَ: “القاف والعين والدال: أصل مطّرد منقاس لا يخلف؛ وهو يضاهي الجلوس، وإن كان يتكلّم في مواضع لا يتكلّم فيها بالجلوس… والإقعاد والقعاد داء يأخذ الإبل في أوراكها فيميلها إلى الأرض”4. “ويعبّر عن المتكاسل في الشيء بِالْقَاعدِ نحو قوله: ﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾(النساء: 95)”5.
الأغلال: أصلها غَلَّ: “الغين واللام: أصل صحيح يدلّ على تخلّل شيء وثبات شيء؛ كالشيء يغرز”6. و”الغَلَلُ: تدرّع الشيء وتوسّطه… فالْغُلُّ مختصّ بما يقيّد به فيجعل الأعضاء وسطه، وجمعه أَغْلَالٌ، وغُلَّ فلان: قيّد به. قال تعالى: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾(الحاقة: 30)، وقال:﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾(غافر: 71)”7.
________________________________________
1- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج4، مادّة”فَرَطَ”، ص490.
2- الطريحي، مجمع البحرين، م.س، ج4، مادّة”فَرَطَ”، ص264.
3- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، مادّة”قَصُرَ”، ص96-97.
4- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، مادّة”قَعَدَ”، ص108-109.
5- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة”قَعَدَ”، ص678-679.
6- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج4، مادّة”غَلَّ”، ص375.
7- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة”غَلَّ”، ص610.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...