حبسني: أصلها حَبَسَ: “الحاء والباء والسين. يقال: حبسته حبساً. والحبس: ما وقف”8. و”الحَبْس: المنع من الانبعاث، قال عزّ وجلّ: ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ﴾(المائدة: 106)”9.
خدعتني: أصلها خَدَعَ: “الخاء والدال والعين: أصل واحد ذكر الخليل قياسه. قال الخليل: الإخداع إخفاء الشيء”10. و”الخِدَاع: إنزال الغير عمّا هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه، قال تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللّهَ﴾(البقرة: 9)؛ أي: يخادعون رسوله وأولياءه، ونسب ذلك إلى الله تعالى؛ من حيث إنّ معاملة الرّسول كمعاملته”11.
غرورها: أصلها غَرَّ: “الغين والراء: أصول ثلاثة صحيحة، الأوّل: المثال، والثاني: النقصان، والثالث: العتق والبياض والكرم”12. و”غَررْتُ فلاناً: أصبت غِرَّتَه ونلت منه ما أريده. والغِرَّةُ: غفلة في اليقظة. والْغِرَارُ: غفلة مع غفوة، وأصل ذلك من الْغُرِّ؛ وهو الأثر الظاهر من الشيء… قال تعالى: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾(الانفطار: 6)”13.
جنايتها: أصلها جَنَى: “الجيم والنون والياء: أصل واحد؛ وهو: أخذ الثمرة من شجرها، ثمّ يحمل على ذلك… ومن المحمول عليه: جنيت الجناية؛ أجنيها”14.
________________________________________
8- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج4، مادّة”حَبَسَ”، ج2، ص128.
9- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة”حَبَسَ”، ص216.
10- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج2، مادّة”خَدَعَ”، ص161.
11- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة”خَدَعَ”، ص276.
12- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج4، مادّة”غَرَّ”، ص381.
13- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة”غرَّ”، ص604.
14- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، مادّة”جَنَى”، ص482.
دلالة المقطع:
1- أعظم البلاء ارتكاب المعاصي والآثام:
يُقَاس البلاء العظيم عند الناس -عادّة- بالأمور المادّيّة؛ من الفقر، والمرض، ولكنّ البلاء الحقيقي يترتّب على الذنوب التي تصدر من الإنسان؛ ما يستوجب الغضب الإلهي، واستحقاق العذاب الأخروي؛ الذي هو أعظم من كلّ عذابات الدنيا:
عن الإمام علي عليه السلام -في وصية له لابنه الإمام الحسن عليه السلام -: “إنّ من البلاء: الفاقة، وأشدّ من ذلك: مرض البدن، وأشدّ من ذلك: مرض القلب”15.
2 – الإفراط في المعاصي:
يحذر الإنسان في حياته ومعاشه الكثير من المضارّ الدنيوية، ولو سوَّلت له نفسه أن يفعل ما فيه الضرر الدنيوي؛ كالتدخين، ونحوه؛ فإنّه يتجنّب الإكثار منه؛ لأنّ ذلك يؤدّي به إلى الموت والهلاك. وكذلك الحال بالنسبة لارتكاب المعاصي؛ فإنّه إفراط بهذه النفس ومورد لهلاكها، فالإنسان يحفظ نفسه من المخاطر الماديّة، ولكنّه هل يفكّر في حفظ نفسه من المخاطر المعنوية؛ التي تنتهي به إلى جهنم؟!
روي عن الإمام الصادق عليه السلام: “كان أبي عليه السلام يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة؛ إنّ القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به؛ حتى تغلب عليه، فيصير أعلاه أسفله”16.
3 – قصور عمل الإنسان عن الوفاء بحقّ الله تعالى:
إنّ العمل الصالح قاصر عن تدارك الذنوب التي يقع بها العبد؛ فالعمل الصالح يُوجِب رفعة الدرجة، ولكنّ الذنوب تَذْهَب بكلّ ما يأتي به الإنسان من عمل صالح.
________________________________________
15- الطوسي، محمد بن الحسن: الأمالي، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة، ط1، قم المقدّسة، دار الثقافة، 1414هـ.ق، المجلس5، ح53، ص146-147.
16- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الذنوب، ح1، ص268.
ولو قمنا بمقايسة الأعمال الصالحة التي نقوم بها في هذه الدنيا، مع ثواب الآخرة؛ لأدركنا يقيناً مدى قصور أعمالنا عن استحقاق ذلك الثواب:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -في وصية له لأبي ذر الغفاري-: “لو كان لرجل عمل سبعين نبيّاً؛ لاستقلّ عمله؛ من شدّة ما يرى يومئذ -يعني يوم القيامة-“17.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاًـ: “لو أنّ رجلاً جرى على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في طاعة الله عزّ وجلّ؛ لحقّر ذلك يوم القيامة، ولودّ أنّه يُردّ إلى الدنيا؛ كيما يزداد من الأجر والثواب”18.