الرئيسية / تقاريـــر / الأزهر بين تطرفين – سامي رمزي

الأزهر بين تطرفين – سامي رمزي

في عصر الفتنة الوهابية التي تعصف بالمنطقة ، التي اضحت فيها مشاهد الخراب والدمار والدماء والمآسي والويلات والكوارث ، من مميزات المجتمعات العربية والاسلامية ، تشرئب الاعناق نحو الازهر الشريف ، بوصفه المرجعية الاسلامية الاولى للاعتدال والوسطية والعقلانية ، في العالم الاسلامي ، بهدف هداية السفينة العربية والاسلامية ، التي تكاد تغرق في بحر من الفتن والفوضى والجهل والظلام.

انتظار العرب المسلمين من الازهر للقيام بدور ريادي في عصر الفتنة “الداعشية” التكفيرية ، هو انتظار في محله ، فلجامع الازهر مكانة مميزة لدى المسلمين بمختلف مذاهبهم ومشاربهم على مدى قرون طويلة ، منذ ان كان يدرس فيه المذهب الشيعي في ظل الدولة الفاطمية ، وحتى بعد ان قام بتدريس المذاهب السنية الأربعة.

الازهر ليس كباقي المراكز العلمية في العالم الاسلامي ، فهو يضم الان عددا من الهيئات والكيانات من بينها جامعة الأزهر التي يدرس 450 ألف طالب في كلياتها ومراكزها العلمية والبحثية من بينهم طلاب وافدين من دول آسيوية وأفريقية. كما يضم سلسلة من المعاهد الدينية (مدارس) لمراحل التعليم قبل الجامعي المختلفة والتي يدرس بها نحو مليوني طالب وطالبة.

من الطبيعي جدا ان يتوقع العرب والمسلمون من هكذا مؤسسة ضخمة كمؤسسة الازهر ، ان تقف في وجه موجة التكفير “الداعشي” القاعدي ، التي اخذت تهدد وجود بلداننا ومجتمعاتنا ، ولكن للاسف الشديد ، ان المركز الذي يُتوقع منه ان يكون سدا منيعا امام التطرف والتكفير ، هو بالذات يعاني من هذا المرض ، الامر الذي يعقد مهمته في محاربة التكفير والتطرف ، ويزيد من مخاطر استفحال ظاهرتي التكفير والتطرف في مجتمعاتنا.

قبل الان ، اي قبل ظهور التكفيريين في مجتمعاتنا ، وتطبيقاتهم الدموية لما جاء في كتب التراث ، كان الجميع يمر مرور الكرام امام النصوص التي كانت تدرس للطلبة في الازهر ، ولكن اليوم ، بانت وانكشفت خطورة هذه المناهج التي تدرس في الازهر ، لما تتضمنه من ثقافة التكفير والحقد والكراهية والعتف والتطرف.

يوما بعد يوم تتكشف لنا خطورة هذه المناهج التي تدرس لطلبة المتوسطة والاعدادية والجامعية التابعة للازهر ، والتي تتضمن قضايا تقارب الخيال كقتل المرتد وتارك الصلاة والكافر والمشرك و.. دون الرجوع الى اي جهة رسمية ، والكارثة الاخرى ان من الممكن أكل لحم هؤلاء بعد قتلهم ، او وطىء الميتة ، وما الى ذلك من احكام وافكار شاذة تقتل في الانسان انسانيته وتحوله الى حيوان كاسر.

الادهى ان الازهر لا يعاني فقط من وجود هذه النصوص والاحكام المتطرفة والتكفيرية ، بل من وجود من يزعمون انهم اساتذة ازهريون ، من الذين يفترض ان يرفعوا لواء الوسطية والاعتدال لمحاربة التكفير والتطرف الوهابي ، ولكننا وللاسف نسمع كل يوم اصوتا من مشايخ الازهر ، يتولون تعليم الشباب الدين ، لا تقل عنفا وتطرفا وتكفيرا من الوهابية ، ويمكن مراجعة شبكات التواصل الاجتماعي للتأكد من هذا الامر.

وكنموذج لهؤلاء المشايخ ، خرج علينا مؤخرا شيخا ازهريا هو مازن السرساوي ، يدعو الرجال الى تكسير عظام النساء كي لا يطالبن بالحياة على الطريقة الاوروبية!!. فقبل ايام تداول عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، لهذا الشيخ الأزهري ، وهو يعطي محاضرة في كيفية التعامل مع الزوجة ، فدعا الأزواج إلى ضرب زوجاتهم بالعصا وتكسير عظامهن، مرجئا ذلك لمطالبة المرأة بالحياة على الطريقة الأوروبية بجانب تدليل الآباء لبناتهم.

وشن السرساوي، في الفيديو، هجوما عنيفا على الرجال الذين تربوا على غير الطريقة الشرعية فلا هم على الطريقة الاسلامية ولا هم على طريقة أهل المرؤة والرجولة وتربوا على الأفلام والمسلسلات فعشعش ابليس في رؤوسهم.

وختم السرساوي محاضرته!! بالقول ان الإعلام يريد أن يقلب الوضع وأن تهيمن المرأة على الرجل ، زاعمًا أن المرأة لا تصلح لقيادة سيارة فكيف لها أن تدير منزلا.

هل بالامكان محاربة الوهابية و”داعش” و القاعدة والتكفيريين ، بمثل هؤلاء المشايخ ، وبمثل هذه الافكار ، وبمثل هذه المناهج؟. هل بامكان الازهر في هذه الحالة ان يدعي الوسطية والاعتدال ؟، هل بامكان الازهر ان يدعي انه يتزعم محاربة التكفير والتطرف والعنف ؟.

ان على علماء الازهر ونخبه ، ان يبدأوا من داخل الازهر ويطهروه من هذه الافكار ومن هؤلاء المشايخ ، عندها فقط يمكن ان يتحول الى منار يهتدي بهديه شبابنا ، الذين سيجدون فيه المعين الذي يروي ضمأهم الروحي ، ولن يقعوا فريسة سهله للوهابية و”داعش”.

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...