رغم أن اللبنانيين اعتادوا التهديدات الاسرائيلية، كما اعتادوا الخروقات الاسرائيلية في البر والبحر والجو، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أنها تشكل اعتداء على لبنان واللبنانيين. لكن ما ميز التهديدات الاسرائيلية في الايام الاخيرة والتي وصلت الى حد التلويح بعمليات تهجير واسعة في لبنان ، أنها أتت في سياق مناورات، هجومية ودفاعية، وفي ظل تجدد الرهانات الاسرائيلية على مستجدات الوضع الميداني في سوريا، ما استوجب رداً تناسبياً ومن سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي هدد بدوره بتهجير ملايين الاسرائيليين.
يبدو أن التهديدات الاسرائيلية، أخذت منحى جديداً على خلفية تجدد الرهانات الاسرائيلية ازاء مستقبل الوضع في سوريا. وهو ما يمكن أن يكون قد دفع قادة تل ابيب الى افتراض أن حزب الله بات أكثر حذراً في مواجهة اسرائيل. ليست هذه المرة الاولى التي تبني فيها اسرائيل مواقفها انطلاقا من التطورات السورية . الرهانات السابقة باءت بالفشل والخيبة . ومن أبرز محطاتها ، عندما كان وزير الامن الاسرائيلي ايهود باراك يؤكد في العام 2012 على أن أسابيع تفصل عن سقوط الرئيس الاسد.
في المقابل يمكن القول أن مضمون الرد، بتهديد مماثل وما يزيد..، ولجهة أن المهدِّد هو سماحة الامين العام نفسه، حقق توازناً ما في المشهد الردعي. خاصة وأنه انطوى على تعهد بالرد بالمثل، في حال تجرأت اسرائيل على تنفيذ تهديداتها اضافة الى ان المدى الذي ذهب اليه سماحة السيد في الرد على التهديدات الاسرائيلية، كشف بطلان الاوهام المتجددة اذ ظهر أن المقاومة كانت وما زالت تملك المبادرة والقدرة على الرد بالمثل، ازاء اي اعتداء اسرائيلي.
ويلاحظ أن سماحته لم يركن الى ادراك العدو المسبق للقدرات التي تملكها المقاومة بل ارتقى الى مستوى التعهد العلني بالرد القاسي وعلى لسانه شخصيا. وهذا ما يعني أن ارادة تفعيل هذه القدرات ما زال هامشها واسعا ومتحررًا من القيود التي قد تكون موجودة في أوهام بعض الاسرائيليين.
من هنا يمكن فهم حالة المفاجأة التي اصابت العدو وجمهوره عقب رد السيد نصر الله . وهذا ما يؤكد نقطتين اساسيتين :
اولا : ان الرسالة وصلت الى حيث ينبغي أن تصل في تل ابيب. وبتعبير آخر بات من المؤكد أن هذه المواقف ستحضر بقوة أمام صانع القرار السياسي والامني في تل ابيب.
ثانيا: لقد حفرت رسالة السيد عميقا في وجدان الرأي العام الاسرائيلي خاصة ان كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية نقلت تهديدات الامين العام لحزب الله، وتصدر عنوان التهديد بتهجير ملايين الاسرائيليين الصحف والمواقع الالكترونية كما ان الجمهور الاسرائيلي عاين بنفسه مناورات الجبهة الداخلية التي تقوم على اساس سيناريو تلقي 1000 صاروخ يوميا ما يعطي لتصريحات السيد نصرالله مصداقية أكبر لدى الرأي العام الاسرائيلي اضافة الى اقرار قادته بجدية التهديد وواقعيته؛ فبنيامين نتنياهو بنفسه قال “اكتشفنا أن الجبهة الداخلية أصبحت جزءًا من جبهات القتال”.
نقلاً عن موقع العهد