عندما سقطت مدينة الموصل العراقية وسط ذهول الجميع تردد اسم “أثيل النجيفي” اكثر من غيره حيث كان محافظا لنينوى التي باتت تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي ليعلنها هذا التنظيم عاصمة “لخلافتها”، وحينها اتهم الكثيرون النجيفي بانه هو السبب لما حصل وان سقوط الموصل كان نتيجة تواطئه مع تنظيم داعش الارهابي. استغرق الأمر سنة كاملة لعزل النجيفي من منصبه والذي حصل قبل ايام وكان العراق قد شهد بطئا مماثلا في قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي كان ضالعا في قضايا ارهابية.
واصل النجيفي اعماله التخريبية طوال هذه الفترة الزمنية التي تلت سقوط الموصل حتى الآن حيث كان النجيفي المنسق الرئيسي لاجتماع اربيل الذي انعقد في ديسمبر عام ٢٠١٤ والذي شاركت فيه جهات سنية متطرفة وبعض الاكراد تحت اسم مكافحة التطرف ونص في بيانه الختامي على ضرورة مكافحة تنظيم داعش وكذلك مكافحة المنظمات الشعبية الشيعية، وكان ملفتا في ذلك الاجتماع حضور شخصيات اثبتت الجهات القضائية والامنية العراقية خيانتهم مثل طارق الهاشمي ووزير المالية السابق رافع العيساوي.
وفي ذلك الاجتماع كان النجيفي الشخصية الرئيسية التي كانت تسعى الى ايجاد جيش سني بهدف تقسيم العراق لغايات طائفية، وعندما سعى الاعضاء الجمهوريون في الكونغرس الامريكي الى الاعتراف بدولة للمسلحين السنة ودولة للمسلحين الاكراد في العراق قام اثيل النجيفي بزيارة الى واشنطن على رأس وفد من المتطرفين السنة ليطلب منهم دعم عملية التقسيم هذه وقد كتب في بيان اصدره بمناسبة هذه الزيارة: ان وفدا من العشائر العراقية قد اجرى لقاءات مع المسؤولين الامريكيين وان هؤلاء المسؤولين قد ابدوا دعمهم لتشكيل جيش مؤلف من مئة الف شخص في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين من اجل مواجهة تنظيم داعش.
ان التذكير بمواقف وافعال اثيل النجيفي خلال السنة الاخيرة والتي شرحنا بعضا منها يثبت بأن بطء عملية مواجهة مثل هذه الافعال والمواقف المخلة بالأمن سيجر على العراق مصائب امنية، فقد استغرق الامر سنة كاملة لكي تقوم الاجهزة القانونية العراقية بعزل النجيفي، فهل هذا البطء في اتخاذ القرارات يمكن ان يكون له تأثير رادع في بلد يشهد تطورات سريعة جدا كما يشهد خيانات من قبل مسؤولين كبار مثل نائب رئيس الجمهورية وقادة في الجيش وبعض نواب البرلمان ؟
ورغم السرعة التي نشاهدها في صفوف الجماعات غير الحكومية في العراق مثل الحشد الشعبي للدفاع عن العراق تلبية لدعوة المرجعية الدينية أو حتى تقديم الخدمات الى زوار الاربعين، الا ان هذه السرعة يقابلها البطء في الاجهزة الرسمية في مختلف المجالات فقد رأينا كيف تطول عملية تشكيل الحكومات في العراق منذ سقوط نظام صدام، ورغم ان التأخير في تشكيل الحكومة وتعيين رئيس الوزراء له اسباب داخلية وخارجية عديدة لكن هذا التأخير في القضايا التي تتصل بالأمن القومي والقضايا الدفاعية يجب ان ينتهي، لأن التأخير في التعامل مع المجرمين في القضايا الامنية في مختلف المستويات سيتسبب بالنتائج التالية:
• ستصبح الافعال الاجرامية لبعض المسؤولين المعارضين منظمة بشكل أكبر
• فقدان قوة الردع المطلوبة وامكانية تكرار مثل هذه الافعال في الاوساط المختلفة الأخرى
• تزايد امكانية التدخل الاجنبي للاخلال بالأمن في مجالات أكثر
• انكشاف مدى قدرة وقوة القوات العراقية امام اعداء العراق
• امكانية حصول تهديدات اكبر لمصالح العراق وامنه القومي في اللحظات الحساسة والمصيرية بسبب خيانة بعض المسؤولين
واخيرا يجب القول ان أثيل النجيفي قد اقاله البرلمان من منصبه بسبب قيامه بالتجسس لصالح الاجانب والتعاون مع تنظيم داعش الارهابي لكن عدم محاكمته يطرح تساؤلات كبيرة، فهل من يقوم بافعال مثل افعال اثيل النجيفي سوف لا يلقى قوة رادعة تردعه عن ارتكاب مثل هذه الخيانات؟
نقلاً عن موقع الوقت