الرئيسية / تقاريـــر / محور الارهاب في سوريا نحو الهزيمة – شارل أبي نادر

محور الارهاب في سوريا نحو الهزيمة – شارل أبي نادر

عندما وافق الكونغرس الأميركي على خطّة الرئيس الاميركي باراك أوباما منذ فترة، والمتعلقة بتعديل بعض القوانين حول التدخّل الأمنيّ والمخابراتيّ خارج الحدود لناحية التنسيق مع مجموعات كانت تُعتبر ذات صفة إرهابيّة بالنّسبة لهذه القوانين، وبتخصيص مُوازنة ضخمة تحت طابع سرّي لتدريب وتجهيز عناصر من “المعارضة المعتدلة” في سوريا لمواجهة داعش أوّلاً ودحرها من الأراضي السّوريّة وبعدها لمواجهة الجيش السّوري وحُلفائه والسيطرة على الحُكم في سوريا، وحيث تمّ ذكر الحدّ الأقصى لهؤلاء العناصر في حينه بقرابة 5,000 آلاف سنويّاً، اعتبر خُبراء ومُحلّلون استراتيجيّون أنّ هذا العدد هزيلٌ بالنّسبة لما تحتاجه هذه المهمّة الجبّارة من النّاحية الميدانيّة والعسكريّة، فماذا سيكون تعليق هؤلاء المحلّلين عندما يصرّح وزير الحرب الأميركي أشتون كارتر منذ أيّام بأنّ الولايات المتّحدة تُدرّب فقط نحو 60 مسلحا من المعارضة السّوريّة لقتال “داعش” في وقت تتدفق أعداد كبيرة من الارهابيين الأجانب وتلتحق للقتال إلى جانب كافّة العناصر والقوى التكفيرية في سوريا؟…

هذا من ناحية تنفيذ خطة التحالف الدولي لخلق وتدريب معارضة سورية معتدلة تشكل حلا لما “بعد الاسد”، وكأن هذا حاصل لا محالة، بينما ما يجري عمليا على الارض، وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على بداية الحرب الكونية على سوريا وجيشها ونظامها، لا يوحي بذلك اقله في المدى المنظور حيث اننا وفي دراسة دقيقة للتفاصيل العسكريّة في مُختلف جبهات القتال داخل سوريا بين الجيش السّوري وحلفائه من جهة وبين كافّة المجموعات الإرهابيّة التّابعة لتنظيم “القاعدة في بلاد الشام” والتي تختلف وتتعدّد تسمياتها الحركيّة أو التنظيمية، نجد ما يلي:

في الشمال الشرقي:

– يستعيد الجيش السّوري في الحسكة وريفها السيطرة على مواقع متعدّدة من “داعش”، حيث يعمد الأخير وبشكل يومي ومُتواصل إلى العمليّات الانتحاريّة بسيّارات مُفخّخة لإحداث خرق معيّن على معابر أو مداخل أو أحياء داخليّة، يتدفّق منه عدد من المسلّحين وينتشرون في الموقع المستهدف مباشرة بعد العمليّة الانتحاريّة ليُجبروا بعد فترة قصيرة على إخلاء الموقع مُرغمين بعد أن يتكبّدوا خسائر جسيمة في العديد والعتاد.

– في المناطق التابعة لوحدات حماية الشعب الكُردي، يتكرّر أيضاً السيناريو ذاته في بعض الخُروقات على مواقع ومُدن وأحياء بواسِطة العمليّات الانتحاريّة، وخصوصاً في تلّ أبيض وعين العرب ومؤخراً في عين عيسى المدينة الاستراتيجيّة التي بخسارتها خسرت “داعش” نقطة أماميّة حيويّة لحماية مدينة الرّقّة، وفي النّهاية وبعد انجلاء غبار العمليّات الانتحاريّة تستعيد الوحدات الكردية السيطرة مع تكبيد عناصر “داعش” خسائر ضخمة.

في الشمال:

– في حلب يجهد المسلّحون ومنذ فترة طويلة لإحداث خرق واضح على الجبهات الداخليّة لحلب في مركز معّين كالبحوث العلميّة مثلا أو حي جمعية الزهراء او حتى غير ذلك، أو في الشوارع الفرديّة المؤدية إلى حلب الجديدة حيث ينتشر عناصر الجيش السوري وحلفائه، ومع الاستعانة بانتحاريّين أيضاً تبقى هذه المواقع عصية عليهم ويتكبدون الخسائر تلو الخسائر دون جدوى.

– في أرياف إدلب الجنوبي واللاذقيّة الشمالي والشمال الشرقي، يتّكبد يوميّاً المسلّحون خسائر كبيرة أيضاً دون تمكّنهم من إحداث تقدّم واضح ملموس باتّجاه مراكز الجيش السّوري وحلفائه، بالرّغم من الدّعم التركي الفاضح لهم بالعديد والعتاد والتقنيّات العسكريّة المختلفة.

في الشرق:

في تدمر يستعيد الجيش السّوري وبِخُطى واثقة السيطرة على المداخل والمواقع الغربيّة للمدينة بعد التخبط الواضح لدى عناصر “داعش”، الذين لم يستطيعوا حتى الآن (وبعد سيطرتهم منذ فترة على تدمر ومحيطها) أن ينفّذوا انتشاراً متماسكاً على جبهة واضحة كي يُدافعوا عن مراكزهم ومواقعهم وذلك بسبب الاستدراج الاستراتيجي لهم من قِبَل الجيش السّوري إلى مواقع كانت عمليّاً أشبه بمواقع أفخاخ، وهم الآن يجهدون لإبقاء سيطرتهم عليها دون جدوى حيث تبيّن المعطيات الميدانية أن الجيش السوري على وشك الاطباق عليهم في عاصمة البادية.

في دمشق:

 – في الغوطة الشرقية، يُعاني المسلّحون بشكل دائم من أمرين، الأوّل الاعتراضات العنيفة التي تُلاحقهم من المواطنين السّوريّين نتيجة التعسّف في معاملتهم ونتيجة الإجراءات الظالمة بحقّهم على خلفيّة الاتّهامات الدّائمة لهؤلاء المواطنين بالتّعامل مع الجيش السّوري ضدّهم، والأمر الثاني هو فشلهم حتى الآن في إحداث أيّ خرق واضح له معنى أو قيمة عسكريّة باتّجاه مداخل العاصمة وأحيائها الشرقيّة، بالرّغم من الدّعم المفتوح الذي تؤمّنه لهم جهات إقليميّة معروفة بالمال والسّلاح والعديد والإعلام.

– في غرب دمشق وبعد سيطرة الجيش السّوري شبه الكاملة على القلمون وجرود عرسال ومع التقدّم الواضح على طريق استعادة السيطرة على مدينة الزّبداني ومحيطها والحصار المكتمل على الارهابيين في هذه المنطقة من قِبَل الجيش وحلفائه، يتلاشى يوماً بعد يوم أمل المسلّحين بإحداث أيّ تقدّم له قيمة عسكريّة أو ميدانيّة مُمكن أن يشكّل تأثيراً منتجاً لصالح اقترابهم الفعلي من العاصمة.

في الجنوب:

– ما زالت تتردّد أصداء الفشل الذّريع لـ”عاصفة الجنوب” في إحداث تقدّم ولو بسيط على جبهات مدينة درعا ومحيطها أو في أرياف القنيطرة في البلدات الاستراتيجيّة كحضر ومدينة البعث وخان أرنبة وغيرها، وهذا ما سبّب انقساماً حاداً بين أغلب العناصر الارهابية في تلك المنطقة حيث امتدّ هذا الانقسام إلى أكثر من منطقة بعيداً عن الجنوب السّوري ومنها على سبيل المثال الحراك المسلح الضّاغط في ادلب واريافها بين جبهة النّصرة والفصائل الأخرى حيث تدل هذه المواجهات إلى انقسام وتباعد بدأ يؤثّر على فاعليّة هؤلاء جميعاً في مواجهة الجيش السّوري وحلفائه.

بين الاعتراف الضّمني للولايات المتّحدة ولحلفائها في فشل سياسة أو استراتيجيّة خلق فصيل من المعارضة وتجهيزه لمواجهة “داعش” اولا، وليكون ثانيا نواة لجيش تتوحّد تحت رايته أغلب المجموعات التكفيرية بعد أن يلبسوها درع الاعتدال، وبين تقهقر هؤلاء وتراجعهم الميدانيّ في كافّة المناطق السّوريّة، وتنامي وانتشار حدة الانقسامات الداخلية بين أغلب مكوناتهم، ولجوئهم الدائم الى العمليات الانتحارية كونها الطريقة الوحيدة التي أصبحت تؤمن لهم احيانا خرقا محددا في هجماتهم على مواقع الجيش السوري وحلفائه، يعجزون عن تحقيقه في وسائل القتال التقليدية، وبين مرور اكثر من أربع سنوات على هذه الحرب الكونية دون تحقيق اي تقدم جدي يمكن ان نستنتج منه ان الجيش السوري على طريق الهزيمة ، تتجه هذه الحرب الى الفشل الكامل ولم يبق امام هؤلاء الرّعاة الدوليّين والاقليمين الّا العودة إلى رشدهم والاعتراف بأنّهم هُزموا في سوريا وبانه يجب عليهم إعادة لملمة الوضع بشكل عام والبحث عن مخرج لجميع من تورطوا في هذا النزيف القاتل والعمل على العودة الى الحلول والتسويات السياسية والى الحوار السلمي .