الرئيسية / تقاريـــر / المسخ الباطنى بين السلفية الدينية والسلفية العصرية – سالم الصباغ

المسخ الباطنى بين السلفية الدينية والسلفية العصرية – سالم الصباغ

عندما يأتي الحديث عن ( السلفية الدينية ) في القنوات الفضائية ، يبدأ الضيوف كلامهم بأننا كلنا سلفيين ، على أساس أن السلفية بمعنى إتباع السلف الصالح هو أمر واجب ومحمود ، … مع أن المتدبر في عموم أيات القرأن الكريم يجد ذم لإتباع الأباء والأئمة السابقين ، وترك هداة العصر ، يقول الله تعالي :

{ وكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَ لَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ )

ومعنى ( علي أمة ) أى على إتباع ألأئمة الذين كان أباؤهم يتبعونهم ( أي سلفهم ) ، ويقفون عندهم ويرفضون حتى ماجاءهم به الرسول صلوات الله عليه وأله ..

وكذلك قوله تعالي :
(بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22) الزخرف

ولاحظ ان الايات لا تتحدث عن عبدة أوثان بل تتحدث عن أديان لاحظ المفردات:
السلف : إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا
الأئمة : عَلَىٰ أُمَّةٍ
الهداية : وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ .

لأن الدين له عطاؤه في كل عصر ، وإلا فقد روحه ومعناه وتم تحنيطه عن زمن معين ، يقول تعالي :
( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )
فالسلفية مذمومة في القرأن ، فالدين لا يمكن فهمه بدون هاد معاصر ، ونحن قوم من الاقوام ، فمن هو الهاد ؟

ولذلك تتميز مدرسة أهل البيت عليهم السلام بعدم جواز تقليد الفقيه الميت إبتداء ، لأن الفقه لا ينفصل عن العصر ، مع مراعاة الثوابت دائما من عقائد وعبادات ..

السلفية العصرية والمسخ الباطنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كانت السلفية الدينية هي موضع النقد والمقصود الأساسي للأيات الكريمة ، ولما ظهر من متطرفيهم من فجائع قتل وحرق وتدمير وسبى وتكفير ،،،إلا أنه في رأيي يوجد نوع أخر من الممكن إطلاق إسم (السلفية العصرية) عليه ، وهى عبارة عن تقليد الاباء ـ أي إتباع السائد من عادات وتقاليد تتنافى مع قيم ومبادئ وشرائع الدين الحنيف ، ـ والحذر من مخالفة العادات وليس الحذر من مخالفة الله ـ هذه العادات التى في غالبها واردة من الغرب الذى له مشكلة مع الدين ليست عندنا ، لاحظ شعائر الأفراح ، والمناسبات ، ومايحدث من المترفين من بذخ ومخالفات علي الشواطئ ، والحفلات ، وأعتبار نجوم الأفلام من ممثلين وممثلات أو حتى راقصات هم المثل الأعلي للشباب الصاعد أو الهابط ، لاحظ مسلسلات شهر رمضان الكريم ، هذا النوع من التقليد للعادات السائدة ( السلفية العصرية ) لا يقل خطورة عن السلفية الدينية لأنه يؤدي إلي المسخ الباطنى للإنسان ، ولعل الأية الكريمة أختصت بالمترفين بالدرجة الاولى ، لاحظ كلمة ( مترفوها ) في قوله تعالى :

( وكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إلاَّ قَالَ (مُتْرَفُوهَا ) إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ )
والمشكلة أن بلادنا العربية وقعت بين مطرقة السلفية الدينيه وسندان السلفية العصرية ، فهل إلي خروج من سبيل ؟!