إني لأحزن كثيراَ عندما أري أن العلاقة بين أبناء الوطن الواحد ، أو الدين الواحد ، أو المذهب الواحد ، حتى الموالين في مصر ، رغم قلة عددهم وكثرة عدوهم والتربص بهم ، يتخذون بعضهم أعداءاَ لبعض ..!! ، مع خطورة هذا السلوك على الجميع ، كما أنه يصب في مربع مصلحة أعداء الله وأعداء الوطن وأعداء المؤمنين .
والحل لهذه المشكلة هو معرفة العدو الحقيقي الذى عَرفه الله لنا في القرأن ، وهما عدوان :
الأول : العدو الباطني وهو الشيطان :
يقول الله تعالى :
(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )
ويقول الله تعالى :
((إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) الإسراء: 53
ويرتبط بهذا العدو ، عدوا أخر هو ( النفس وقواها الشهوية والغضبية ) إذا خضعت للشيطان ، ولم تخضع للعقل والشرع ، وجهاد هذا العدو هو ( الجهاد الأكبر ) كما أطلق عليه الرسول الاعظم صلوات الله عليه وأله .
الثاني : العدو الظاهرى أو الخارجي : وهو ( اليهود والذين أشركوا )
يقول الله تعالي :
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) ؟
ولهذه الأية كما في غيرها من الأيات الكريمة ( مصاديق ) في كل عصر ، ومن أهم مصاديقها في هذا العصر هو العدو الصهيوني ( إسرائيل ) التى بذلت المحاولات لتضع في دستورها أنها ( دولة يهودية ) لتصدق القرأن ـ دون أن تدرى ـ في أن اليهود عندما يعلنون لهم ( دولة ) تظهر عداوتهم الكامنة للإسلام والمسلمين ، ويكون العداوة المقصودة لليهود ليست بسبب عقيدتهم ، ولكن بسبب عدوانهم وظلمهم وعلوهم وإستكبارهم عندما أغتصبوا دولة فلسطين من أهلها في هذا العصر ، ويلتحق بإسرائيل كل من والاها ، مثل أمريكا التى هي المظهر الأكبر للشيطان .
اما عداوة المشركين :
فمصداقها الواقعي في هذا العصر هو العصابات الداعشية والإرهابية ، ربما من حيث تصوراتهم المجسمة والمشبهة لله عز وجل ، سبحانه وتعالى عما يصفون ، أو من حيث تصرفاتهم مع الشعوب من قتل وذبح وحرق وسبى ، بدعوي أنهم ينفذون شرع الله وحاكميته كذباَ وزوراَ ، ويعملون ذلك تحت راية التوحيد ، للتضليل والخداع .. وحتى لا يتوهم أحد أن المقصود بالذين أشركوا هم المسيحيون ( النصارى ) ، ذكرت بقية الأيات أنهم أقرب مودة للذين أمنوا ،
يقول الله تعالى :
( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) ؟
وكما نرى أن هؤلاء الأعداء أو المثلث الشيطاني ( الشيطان / اليهود / المشركين / الذين ذكرهم الله في القرأن لو إتخذهم المؤمن فعلاَ أعداء ، واستعد لهم ، وأستيقظ وأنتبه لشرورهم ، لاستغرقت كل وقته وكل طاقته ، ولما وجد وقتاَ لمحاربة أخيه في الوطن أو الدين أو المذهب ، إن من عوامل توحد الامة هو معرفة عدوها جيدا ومقاومته ، وخاصة في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ الامة والمنطقة والعالم .