اكد الشيخ احمد قبلان انه “ينبغي أن نكون على استعداد تام لمواجهة التيارات التكفيرية والإرهابية عبر تأمين التنسيق اللازم والشراكة الكاملة بين بيروت ودمشق والقاهرة وبغداد، لأن فقدان التنسيق والشراكة يعني فشل القضاء على مشروع تدمير المنطقة”.
اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة التي القاها في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، “أننا نعيش لحظة وجع، وأزمة عيش، وفشل سلطة، وبطالة، وصراع انتماءات وخصومات عابرة، ومهاترات سخيفة، يعني أننا في بلد تتقاذفه شياطين الفرقة، ولصوص الشركات والمشاريع المرتبطة بمراكز النفوذ، لدرجة أن أكثرية أهل هذا البلد المقاوم يعيشون الجوع، والبطالة، والقلق اليومي والتعاسة الاجتماعية والخوف والرزية بمختلف أشكالها، وسط مؤشرات فقر وانهيار هي الأخطر على الإطلاق، ووفق ذهنية استعباد الناس، وهذا ما لا يجوز ولا يمكن أن نرضاه أبدا”.
وأكد أن “المطلوب كسر هذا الواقع، والخوض بحلول تبدأ بتكوين السلطة، وموقع المواطن منها، وذلك بخلفية أن مشروعية السلطة من مشروعية العدالة الاجتماعية، وهيكل القرار السياسي، الذي لا يجوز أن يتحول حكرا ووكرا للصفقات المختلفة، وسط أزمة تكاد تأخذ لبنان واللبنانيين نحو الهاوية. وما نراه اليوم بموضوع النفايات هو نتاج فساد السلطة المتراكم، من خلال ذهنية سياسية حولت البلد إلى جثة تتناهشها حيتان المال والسلطة، ووضعتنا أمام أزمات كبرى، أزمة رؤية، أزمة مشروع، أزمة طريقة حكم، ليس ببعده الطائفي فقط، بل بأنانية القوى المتسلطة، وطرق ابتزازها وهيمنتها على موارد الدولة وحقوق الناس. واللافت أننا مع كل صوت معارض نرمي بالمسؤولية على مجهول، فضلا عن عشوائية الاتهام والقتل السياسي وتصنيف الناس والاعتماد على مؤشرات أقل قيمة على مستوى التدقيق بصوت الناس، مع أن صوت المظلومين مقدس”.
وشدد على ضرورة “أن نلتفت إلى واقعنا وظروف بلدنا وحقيقة المؤثرات ولعبة الدول والشياطين الذين يعيشون على إثارة الفتن، والقلاقل بين الناس لإخفاء الحقائق. لهذا أصر أمير المؤمنين على معاقبة السلطة الفاسدة، مؤكدا حقيقة أن أمة تسكت عن الباطل لا يدوم فيها الحق، ولن تنعم بمشاريع العدل والأمان، مع أن العدل والحق ضرورة ماسة لمشروع الوطن والمواطن والإنسان، وهذا ما نعنيه جيدا بخصوص لبنان، لأننا لن نقبل بتضييع بلدنا، ولن نرضى بتحويل لبنان إلى جثة لا حياة فيها، وخاصة أن هذا البلد رمز التضحية والكرامة والعزة والنصر، فغياب السلطة وتعطيل المؤسسات، وعشوائية التحرك، وغوغائية طرح الأولويات، يضعنا أمام حالة من الفوضى وعدم الاتزان، ويؤشر إلى أن الخطر على وحدة لبنان واللبنانيين بات في شبه المؤكد، في ظل هذه التجاذبات السياسية، والانقسامات الطائفية والمذهبية، التي بلغت الذروة”.
ودعا المفتي قبلان الجميع “إلى الهدوء والتعقل والإبقاء على خيط التواصل ولو كان رفيعا”. وطالب “كل الأطراف بالمشاركة البناءة والمسؤولة في الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري، واغتنام هذه الفرصة التي قد لا تتكرر، واعتبار التاسع من أيلول موعد انعقاد جلسة الحوار بداية تحول سياسي ينقذ المؤسسات الدستورية، ويرسي منهجية سياسية راشدة، عبر قانون انتخابي عصري، يمنع الاستبداد، ويلغي الصوت الطائفي في عملية انتاج الأحلاف السياسية، لأن الاستمرار في النزاعات والكيديات يعني الإمعان في تخريب المؤسسات، وتدمير ما تبقى من البلد. كما ننصح بالعودة إلى المؤسسات، وتفعيل دورها، والحفاظ على هذه الحكومة التي تكاد تكون شرا لا بد منه، والعمل على مقاربة القضايا الملحة، والمشاكل المعقدة بوطنية عالية، بعيدا عن أي منطق طائفي أو استفزازي أو استئثاري أو تحريضي”.
وختم بالقول:”إن عملية طمر الرأس في الرمال، والتغاضي عن تحقيق المطالب المحقة والمشروعة، وعدم التجاوب مع صرخات الناس يعني مزيدا من الأزمات في البلد. لذا نقول لهذه الطبقة السياسية: كفى جنونا وتعصبا وعصبيات، فالوطن بحاجة إلى الجميع، وعلينا أن نكون معا متشاركين في السراء والضراء، عاملين بصدق على قيام الدولة، وإعادة بناء مؤسساتها، بما يضمن لجميع اللبنانيين الاستقرار، ويؤمن لهم العيش بحرية وكرامة”.
وختم:”كفى فسادا وإفسادا، كفى صفقات ومحاصصات وتوزيع مغانم، كفى نفاقا وخداعا، كفى حرمانا وإهمالا، كفى إفقارا وتجويعا وإذلالا للناس، وما نشهده من مظاهرات واعتصامات مشروعة، ما هو إلا إشارات لزلزال آت أيها السياسيون، فاحذروه، واعلموا أنه لا منجاة لأحد إذا ما استمرت نزاعاتكم وخلافاتكم وصار الأمر للشارع، فسارعوا إلى التلاقي والتحاور، وتجاوزوا سياسة التهور والتدليس والترقيع، واعتمدوا سياسة العقلنة والرؤى الإصلاحية والتطويرية، في بلد يستحق منا أن نعمل على النهوض به واستنهاضه وصونه من كل ما يتهدده من مخاطر، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة التي تستوجب وعيا كاملا، وتنبها شديدا للمخاطر المحدقة بنا، جراء ما يجري في المنطقة من تحولات ومتغيرات وظواهر تكفيرية وإرهابية، ينبغي أن نكون على استعداد تام لمواجهتها عبر تأمين التنسيق اللازم والشراكة الكاملة بين بيروت ودمشق والقاهرة وبغداد، لأن فقدان التنسيق والشراكة يعني فشل القضاء على مشروع تدمير المنطقة”.