06
إن الصادق عليه السلام أراد الحواس الخمس بغيرعقل لا توصل إلى معرفة الغائبات ، وان الذي أراه من حدوث الصورة معقول ، بني ألعلم به على محسوس (1)،
واعلم- آيدك اللّه – أن الاجسام إذا لم تخل من ألصورة – التي قد ثبت حدثها – فهي محدثة مثلها.
دليل آخرعلى حدث العالم: الذي يدلنا على ذلك ، أنّا نرى أجسامنا لاتخلو من الحوادث المتعاقبة عليها، ولا يتصورفي العقل أنها كانت خالية منها، وهذا يوضح أنها ، محدثه مثلها، لشهادة العقل بأن مالم يوجد عارياً من المحدث فإنه يجب أن يكون مثله محدثاً .
وهذه الحوادث هي : الاجتماع والافتراق ، والحركة والسكون ، والألوان وا لروائح والطعوم ، ونحو ذلك من صفات الأجسام .
والذي يدل على أنها أشياء غير الجسم ، مانراه من تعاقبها عليه ، وهو موجود مع كل واحد منها .
وهذا يبين أيضاً حدثها، لأن الضدين المتعاقبين لايجوزأن يكونا مجتمعين في ألجسم ، ولا يتصور اجتماعهما في العقل ، وإنما وجد أحدهما وعدم الآخر، فالذي طرأ ووجد هو المحدث ، لأنه كائن بعد أن لم يكن ، والذي انعدم أيضاً محدث ، لأنه لوكان غير محدث لم يجزأن ينعدم ، ولأن مثله أيضاً نراه قد تجدد وحدث .
والذي يشهد بأن الأجسام لم تخل من هذه الحوادث بَدائه العقول وأوائل العلوأ، إذ كان لايتصورفها وجود الجسم مع عدم هذه الاُمور، ولوجازأن يخلو الجسم منها فيما مضى، لجازأن يخلومنها الآن فيما يستقبل من الزمان .
فالذيَ يدل على أن حكم الجسم كحكمها في الحدوث ، أن المحدث هو الذي لوجوده أول ، والقديم هو المتقدم على كل محدث وليس لوجوده أول ، فلوكان الجسم قديما لكان موجوداً قبل الحوادث كلها خالياً منها، وفيما قدّمناه من استحالة خلوّه منها دلالة على أنه محدث مثلها، فالحمد للّه .
____________
1 – ارشاد المفيد: 381.