بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى أل بيته الطيبين الطاهرين
السلام على الحسين
وعلى علىُ بن الحسين
وعلى أولاد الحسين
وعلى أصحاب الحسين
وما زلنا نستخرج من بحر كربلاء لألئ الدروس والعبر ، نبحث عن أسرارها ، ونغوص في أعماقها ، لعلنا نجد فيها مايحل ألغازها ويفك شفرتها … !
…………..
فى رسالة الإمام الحسين عليه السلام لإخيه محمد بن الحنفية :
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن علي ومن قبله من بنى هاشم :
أما بعد فإن من لحق بى إستشهد ومن لم يلحق لم يدرك الفتح …
……………
والسؤال هنا :
ماهو الفتح في فاجعة كربلاء الذى يذكره الإمام الحسين عليه السلام ؟ ويحذر من لم يلحق به بعدم إدراك هذا الفتح ……….؟!
…………………………………………………………..
أين هذا الفتح ونتيجة الملحمة معروفة مقدماَ ، وأخبر عنها الرسول صلوات الله عليه وأله ، وهى ذبح الحسين عليه السلام وقطع عنقه ، وحمل رأسه ورؤوس أصحابه على أسنة الرماح ؟
أين هذا الفتح وزينب عليه السلام أخت الحسين وحبيبته تؤخذ سبية ، وتسير في موكب السبايا ، من الكوفة حيث قصر بن زياد إلى الشام حيث قصر يزيد بن معاوية عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين … ؟
معانى الفتح
ــــــــــــــــــــــ
ولنحاول أن نتعرف على مقصود الإمام الحسين عليه السلام بمعنى ( الفتح ) … فبالقراءة في نتائج واقعة كربلاء نجد الأتى :
1 ـ لقد تم إبطال ماشاع في إعتقادات المسلمين بعد وفاة الرسول الاعظم صلوات الله عليه وأله من أن الخليفة أو الحاكم الذى يجلس في محل رسول الله صلوات الله عليه وأله يمتلك نفس صلاحيات الرسول صلوات الله عليه وأله ويجب السمع والطاعة له وإن أخذ المال وجلد الظهر ، ومن يخرج عليه يستحق القتل كائنا من كان ؟ فجاءت ثورة الإمام الحسين عليه السلام لتبطل هذه الأفكار الخاطئة والمضللة ،،
يقول الإمام الحسين عليه السلام فى أول بياناته في كربلاء
:
«أيّها الناس، إنَّ رسولَ اللَّهِ (ص) قالَ: مَن رأى منكُم سُلطاناً جائِراً مُستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعَهدِه، مُخالِفاً لسنّةِ رسولِ الله، يَعملُ في عبادِه بالإثمِ والعدوانِ، فلم يغِرْ (وفي رواية فلم يُغيّر ما) عليهِ بقولٍ ولا بفعلٍ، كان حَقّاً على الله أن يُدخِله مَدخلَه». لم طبّق: «وقد عَلمتُم أنَّ هؤلاء القومَ _ ويشيرُ إلى بني أميّة وأتباعِهم _ قد لَزِموا طاعةَ الشيطانِ وتَولَوا عن طاعةِ الرحمنِ، وأظهرُوا الفسادَ وعطلّوا الحدودَ واستأثَروا بالفيء، وأحَلّوا حرامَ اللَّهِ وحَرَّموا حلالَهُ، وإنّي أحقُّ بهذا الأمر»
فكانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام ( فتحاَ ) لعالم إسلامي جديد يجعل الحاكم خاضعاَ لرقابة الشعب ، وأن لابد من مواجهة الحاكم الظالم بكل قول أو فعل يجعله يصلح من سياسته ، وأن هذا الأمر واجب على كل قادر على ردع السلطان الجائر المستحل لحرمات الله ..
وكانت النتيجة أن كثرة الثورات على الحكم الأموى الفاسد حتى سقطت دولتهم في النهاية ..
فهل هذا هو المقصود بالفتح ؟
2 ـ الإحتمال الثانى وهو أن طريق الألام الذى سار فيه الإمام الحسين عليه السلام قد أرتفع بالمقامات المعنوية للحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابة إلى أعلى عليين :
ـ فلقد أرتفعوا إلى مقام الشهادة ، وهو مقام الأحياء عند ربهم يرزقون .
ـ معرفة الناس بمظلومية أهل البيت عليهم السلام وأنهم أحق بمقام الخلافة بعد جدهم الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، وتعرفوا على مقاماتهم المعنوية العالية من التطهير والعصمة والعلم اللدنى والشجاعة والفصاحة والكرم والتضحية والفداء والإيثار .
وكذلك معرفة صفات حكامهم الطغاة من الكذب والفجور والقتل والفسق والظلم وعدم معرفة حدود الله ، وأنهم لا يرقبون فى مؤمن إلا ولاذمة ..
فهل يعتبر هذا هو ( الفتح ) الذى يقصده الإمام الحسين عليه السلام ؟
الفتح في القرأن الكريم :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم ذكر ثلاثة أنواع من الفتح في كتاب الله :
النوع الأول : الفتح القريب ( نصر من الله وفتح قريب )
النوع الثانى : الفتح المبين ( إنا فتحنا لك فتحاَ مبينا )
النوع الثالث : الفتح المطلق ( إذا جاء نصر الله والفتح )
وإن القراءة العرفانية لهذه الانواع من الفتوحات ، يجعلها فتوحات في طريق السير إلى الله تعالي ، وتحدث عنها العرفاء كثيراَ ، وبالتأكيد فلقد أدرك أصحاب الإمام الحسين عليه السلام هذه الفتوحات وهم في أرض المعركة ، حيث كانوا يشاهدون الجنة وقصورها ، والحور وجمالها ، فكنت تراهم مبتسمين ، مستبشرين ، يخترقون بنظراتهم عالم الغيب ..
فتح مكة في عصر الرسول صلوات الله عليه وأله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد إرتبط ( الفتح ) في التاريخ الإسلامى بفتح مكة ، وفى هذا الفتح تم قبول إسلام المشركين ، ولم يغلق باب التوبة في أعقاب هذا الفتح ، والمشهور قول الرسول صلوات الله عليه وأله للمشركين :
إذهبوا فأنتم الطلقاء
فتح العالم فى زمن المهدى عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن يوجد نوع أخر من الفتح تحدث عنه القرأن الكريم ، وهو فتح العالم فى زمن الإمام المهدى عليه السلام ، وهذا الفتح لاينفع الذين كفروا إيمانهم فلقد أغلق بعده باب التوبة .
يقول الله تعالى ؛
(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)﴾. [ سورة السجدة
ولاحظ الاية الكريمة (وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ) وعلاقتها بغيبة الإمام المهدى وإنتظاره الذى هو خير العبادة )
كربلاء والفتح المبين
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا. لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) سورة الفتح
لقد سمعت أحد العلماء يتحدث عن علاقة الفتح المبين بكربلاء ، ذاكراَ هذه الأية الكريمة ، ففتح لى باباَ للتفكر والتأمل في هذه القضية ، وفى ضوء قول الإمام الحسين عليه السلام : ومن لم يلحقنا لم يدرك الفتح
فأقول :
1 ـ إن هذه الأية هى الأية الأولى في سورة الفتح ، والأية السابقة لها تماماَ وهى الأية الأخيرة من سورة محمد وهى قوله تعالى :
( وإن تتولوا يستبدل قوماَ غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )
ولقد ورد في تفسير هذه الاية الكريمة أنهم قوم فارس ، وان الإيمان لو كان في الثريا لتناوله رجل من فارس أو من أهل فارس ..
نستنتج مرحلتين متتاليتين :
المرحلة الاولى : ظهور أهل فارس وإقامة الجمهورية الإسلامية للإعداد والتمهيد لعصر الظهور ، ولقد تحدثت في مقالات أخرى عن العديد من الأدلة على ذلك .
المرحلة الثانية : هى عصر الظهور وفتح العالم وهى التى تلى عصر الإستبدال
ويبقى السؤال الأخر :
ماعلاقة الفتح المبين بقوله تعالى : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا )
فالمعروف أن الرسول صلوات الله عليه وأله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام معصومون عصمة تامة فما هى هذه الذنوب ؟
ومامعنى ماتقدم وما تأخر ؟
للإجابة على هذا التساؤل ، تقول روايات أهل البيت عليهم السلام أن الذنوب هى ذنوب شيعتهم ومحبيهم على مدار تاريخ الرسالات ، تحملوها ـ أي محمد وأل محمد ـ صلوات الله عليهم ، وببركة والثواب العظيم لأعمالهم ، واعظمها إطلاقاَ إبتلاءات الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء ، فلقد كانت من أجل المؤمنين ، ومن أجل مغفرة ذنوب العصاه من المحبين ، فداءَاَ لهم من عذابات النيران ، وكأنها معنى الشفاعة التى ملكها الله لهم .
ففي مرويات أهل البيت عليهم السلام :
قلت لابي عبدالله عليه السلام قول الله في كتابه ” ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ” قال:
ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له.
ثم نختم المقال بالحديث التالى
رُوِيَ عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله ذات يوم، ودخل في أثره الحسن والحسين وجلسا إلى جانبيه، فأخذ الحسن على ركبته اليمنى، والحسين على ركبته اليسرى، وجعل يُقبّل هذا تارة وهذا أخرى، وإذا بجبرائيل قد نزل وقال: “يا رسول الله، إنك لتُحبّ الحسن والحسين “!
فقال: “وكيف لا أحبهما، وهما ريحانتاي من الدنيا وقرتا عيني”؟!
فقال جبرائيل: “يا نبيَّ الله، إنَّ الله قد حكم عليهما بأمرٍ فاصبر له”،
فقال: “وما هو يا أخي”؟ فقال: “قد حكم على هذا الحسن أن يموت مسموماً، وعلى هذا الحسين أن يموت مذبوحاً، وإنّ لكلّ نبيّ دعوة مستجابة، فإن شئت كانت دعوتك لولديك الحسن والحسين، فادع الله أن يسلّمهما من السّم والقتل، وإن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من أمتك يوم القيامة”، فقال النبيّ : “يا جبرائيل، أنا راض بحكم ربي، لا أريد إلاّ ما يُريده، وقد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العُصاة من أمتي، ويقضي الله في وُلْدي ما يشاء”.
بحار الأنوار: 44 / 241 ح 35، العوالم (الإمام الحسين): 119
فكان ثمن مصيبة الحسن والحسين هو الشفاعة للعصاه من الأمة ، وهذا من مظاهر الرحمة الألهية التى مظهرها التام محمد وأل محمد صلوات الله عليهم ، وتكون هذه الشفاعة هى مغفرة ماتقدم من ذنوب الأمة وما تأخر ، وتكون هى السبب فى دخول الجنة والنجاة من النار ، وبذلك تكون من مصاديق الفتح المبين للرسول الأعظم الذى هو رحمة الله للعالمين ، وبذلك نعرف الترابط بين غفران الذنوب ماتقدم منها وما تأخر وبين الفتح المبين المذكور بالأية الكريمة :
( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا. لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) سورة الفتح
ولنعرف أيضاَ أننا بذنوبنا الكثيرة نثقل ظهر إمام زماننا ، كما اثقلنا من قبل ظهر سيدنا محمد صلوات الله عليه وأله ( ووضعنا عنك وزرك الذى انقض ظهرك ) … وكما حملها أمير المؤمنين على ( عليه السلام ) فى الجمل وصفين والنهروان ، وحملها الحسين عليه السلام في كربلاء ، وحملها كل إمام فى عصره ، وحملها أهل بيت النبوة ، فقتل من قتل ، وسبى من سبى وسجن من سجن …
قصة حقيقية
ـــــــــــــــــ
حكى لى أحد الأصدقاء أن أحد الموالين المعتقلين فى نظام صدام فى العراق كان يتعذب بالجلد الشديد على ظهره ، وكان يتوسل بالإمام المهدى عليه السلام ، ولكن دون جدوي ، وعندما ضاق به الحال رأى الإمام المهدى عليه السلام فى المنام ، وسأله : لماذا لم ينقذه حينما إستغاث إلى الله به ، فكشف الإمام عن ظهره الشريف ، فوجد علامات السوط ممزقة لظهره ،،،
أى انهم يتحملون ألامنا ، ويوم القيامة سوف تتحول هذه الالام إلي نعيم مقيم
السلام علي الحسين
وعلى علي بن الحسين
وعلى اولاد الحسين
وعلى اصحابالحسين