تبدو الرياض مصرّة على تأمين موطئ قدم لعبد ربه منصور هادي في عدن، حيث تزايدت المعطيات خلال اليومين الماضيين عن حصول انزال بحري، نفاه التحالف وإن كانت المؤشرات تتحدث عن عشرات الإماراتيين من أصول يمنية، في ظل استعادة للنقاش السعودي المصري حول الدخول البري، مترافقاً مع تأكيد القاهرة لأولوية الحل السياسي عبر حوار يمني، وذلك عشية قمة تشاورية خليجية غداً، وقبل أيام من اللقاء المرتقب بين قادة الخليج وباراك اوباما في كامب ديفيد، في مقابل تحذير إيراني للمملكة الوهابية من أن «زمن المغامرات قد ولّى» إلى غير رجعة
يتجه العدوان السعودي على اليمن بخطى متسارعة إلى الانتقال نحو مراحل أخرى، يتطلّع من خلالها إلى تحقيق مكاسب ميدانية ملموسة، الأمر الذي لا يزال متعذراً حتى اللحظة. فيوم أمس، تضاربت الأنباء حول بدء التحالف عملية برّية محدودة في عدن بواسطة قوات عربية قادمة من جيبوتي برعاية أميركية وفرنسية، لدعم المجموعات المسلحة الموالية للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي في قتالها الجيش اليمني وجماعة «أنصار الله» في المدينة التي سعت الرياض وحلفاؤها منذ البداية إلى جعلها موطئ قدم لهادي وحكومته.
وفي وقتٍ تم فيه تأكيد وصول عشرات المسلحين القادمين من ميناء جيبوتي إلى ميناء عدن لمؤازرة المسلحين في معركة السيطرة على مطار عدن الدولي، نفى التحالف رسمياً هذه الأنباء، من دون أن يغلق الباب تماماً على احتمال تنفيذ عملية برّية في اليمن. مصادر خاصة، أكدت في حديثٍ إلى «الأخبار»، أن الترويج لإنزالٍ بحري في عدن، جاء على خلفية انهيار في صفوف قوات هادي، وخصوصاً في منطقة التواهي حيث تمكن الجيش و»أنصار الله» من تحقيق خروقات عدة، ما دفع إلى نشر هذه الأنباء لرفع معنويات هؤلاء. غير أن المصادر لم تستبعد في الوقت عينه، أن يكون التحالف قد أنزل «عشرات المرتزقة الإسلاميين لقلب موازين القوى على الأرض»، مستندين إلى انزال سابق من نوع كهذا قبل فترة، جرى في خلاله استقدام مقاتلين إسلاميين من أصول يمنية.
ويبدو أن الرياض ودول الخليج تحاول خلق واقع جديد في الميدان اليمني أو على الأقل الإيحاء بذلك، وخصوصاً قبيل القمة الخليجية الأميركية في كامب ديفيد الأسبوع المقبل، والذي ستسبقه قمة خليجية يوم غد.
ويلتقي قادة دول الخليج في الرياض غداً في قمة تشاورية لبحث «تهديد التطرف وانعكاسات الحرب في اليمن»، وذلك بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي سيكون أول زعيم غربي يحضر قمة خليجية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، ما من شأنه أن يعكس دور فرنسا البارز في سير العمليات العسكرية في اليمن.
وقال المتحدث باسم مجلس قيادة «المقاومة الشعبية» التابعة لهادي في عدن، على الأحمدي، إن «ما بين 40 و50 جندياً من القوات العربية الخاصة وصلوا إلى عدن يوم أمس، وانتشروا جنباً إلى جنب مع مقاتلين محليين يقاتلون الحوثيين». وأضاف إن القوات انخرطت في قتال في المنطقة حول مطار عدن. وأعلن مسؤول يمني محلي أن عدداً محدوداً من جنود التحالف العربي موجود على الأرض في المدينة لدعم القوات الموالية لهادي التي تقاتل الحوثيين. وقال المسؤول في حديثٍ إلى وكالة «فرانس برس»، إن قوة محدودة من التحالف دخلت إلى عدن، وهناك قوة أخرى قادمة».
بدوره، قال مسؤول في «اللجان الشعبية» الموالية لهادي، إن قوة محدودة دخلت «لمشاركتنا في دحر الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح»، في إشارةٍ إلى الجيش اليمني. وبعد نشر هذه الأنباء والتأكيدات، سارع المتحدث باسم التحالف، أحمد عسيري، إلى نفيها، مؤكداً أن التحالف لم يبدأ أي عملية برّية كبيرة في مدينة عدن. وقال عسيري إنه ليست هناك أي قوات غير يمنية تقاتل في عدن، إلا أن التحالف مستمر في مساعدة المقاتلين المحليين الذين يحاربون الحوثيين. غير أن عسيري قال في تصريحات لقناة «الإخبارية» السعودية، إنه «لا يستطيع التعليق على عمليات جارية»، وإن قوات التحالف «تبقي كل الخيارات مفتوحة لدعم المقاومة والحصول على النتائج المرجوة على الأرض». وأضاف المسؤول السعودي إنه «ليس من مصلحة سلامة العمليات والذين يقومون بها تقديم تفاصيل».السعودية استخدمت قنابل عنقودية محظورة أميركية
الصنع في اليمن
وكالة «الأناضول»، نقلت عن مصدر دبلوماسي غربي يوم أمس، قوله إن العملية البرية التي يفترض أنها حدثت، كانت مقررة منذ أوائل شهر نيسان الماضي، وتأجلت «لأسباب لوجستية». وفي وقتٍ أكد فيه سكان في عدن أن 30 عسكرياً جرى إنزالهم بحراً على ساحل منطقة الخيسة في عدن، عبر قوارب مطاطية أول من أمس، أوضح المصدر أن المواجهات العنيفة بين الجيش و»أنصار الله» من جهة، وأنصار هادي من جهة أخرى، أجلت تحقيق الخطوة البرية في عدن، فيما رجحت جهات أخرى أن العملية كانت مرتبطة بسيطرة الميليشيات الموالية لهادي في معركة على مطار عدن. في هذا السياق، قال المتحدث باسم مجلس قيادة «المقاومة الشعبية» في عدن، على الأحمدي، إن «المقاومة (أنصار هادي) تمكنت من بسط السيطرة على مطار عدن الدولي، بعد معارك ضارية بدأت نحو الثانية فجراً إلى ما بعد ظهر اليوم (أمس) وبمشاركة قوة عربية برية محدودة».
وكشف المصدر الدبلوماسي الغربي أن عملية الإنزال شارك فيها «بضعة آلاف من جنود قوات التحالف»، موضحاً أن هناك دوراً مهماً لواشنطن وباريس في العملية من خلال قاعدتين عسكريتين لهما في جيبوتي، حيث اختصرت واشنطن دورها في تقديم الدعم في المجال الجوي ومراقبة الأجواء وملاحقة عناصر «القاعدة» من خلال تعاونها مع السعودية في إطار اتفاقيات التعاون العسكري والأمني بين البلدين، فيما ستسخر فرنسا كل إمكانياتها البحرية في البحر الأحمر لعملية الإنزال. ومضت «الأناضول» نقلاً عن مصدرها، بالقول إن عدداً كبيراً من هؤلاء العسكريين هم من أبناء اليمن الجنوبي الذين هربوا بعد حرب 1993، حيث حصل الكثير منهم على الجنسية الإماراتية وعملوا في المؤسسة العسكرية هناك.
إلى ذلك، أدانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» استخدام التحالف ذخائر عنقودية محظورة مصدرها واشنطن في غاراته الجوية على اليمن.
وأفادت المنظمة الحقوقية في بيان عن وجود صور ومقاطع فيديو وغيرها من الأدلة التي تؤكد استخدام قنابل عنقودية في الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف خلال الأسابيع الأخيرة على محافظة صعدة شمال اليمن.
المصدر : موقع الاخبار