الرئيسية / تقاريـــر / الواقعية الإيرانية و رجل العراق القوِي – مراد غفوريان

الواقعية الإيرانية و رجل العراق القوِي – مراد غفوريان

وصفت الصحافة الإيرانية نوري المالكي بأنه ((رجل العراق القوي))؛ وذلك في خطوة لتوضيح رؤية النخبة الإيرانية للواقع العراقي. فقدنشرت صحيفة سياست روز (الأصولية) وصحيفة الوفاق (الناطقة باسم الحكومة الايرانية) و وكالات أنباء محلية إيرانية؛ مقالاً مهماً حول واقعية النخبة السياسية والإعلامية الإيرانية في رؤيتها للمحيط الإقليمي ودول الجوار، والشخصيات المؤثرة في هذا المحيط؛ من خلالنموذج نائب رئيس جمهورية العراق وأمين عام حزب الدعوة الإسلامية السيد نوري المالكي؛ وهي رؤية موضوعية توصيفية محضة؛ تستقي معطياتها من مؤسسات إستطلاع رأي ومراكز دراسات، وليست كالرؤية المسيسة والذاتية لبعض السياسيين والمحللين العراقيين والخليجيين.

وتترشح عن الرؤية التوصيفية نتيجة أساس تقضي بضرورة التعاطي الواقعي مع أمثال نوري المالكي؛ سواء من موقع التحالف معهم أو موقع معارضتهم؛ ولاسيما في نظام ديمقراطي مفتوح؛ كالنظام السياسي العراقي؛ حيث لا مكان لتصفية الخصوم الأقوياء المتجذرين أو تجاوزهم. وتؤمن هذه الرؤية بأن السيد نوري المالكي أخذ بالتجذر بعد عام 2008، وتحوًل من رئيس وزراء الى مشروع قيادة كاريزمية عامة؛ معتمداً على التفاعل مع نبض الشارع العراقي.

والتماهي مع حقائقه؛ بشكل غير مألوف في الوسط السياسي العراقي؛ وهو تفاعل عفوي وفطري؛ كما هو الحال مع قيادات كاريزمية إقليمية؛ كالسيد حسن نصر والسيد حسين الحوثي. ثم مالبث أن تحوًل الى قائد كاريزمي جماهيري بعد انتخابات عام 2010، وتكرس ذلك في انتخابات عام 2014.

وكان هذا الصعود الطبيعي المهيمن سبباً في إستنفار معظم الفرقاء السياسيين العراقيين والأنظمة الخليجية؛ وقبلهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن سياسة الولايات المتحدة وحلفائها العرب تمنع منعاً باتاً ظهور شخصية قيادية سياسية جماهيرية في عراق ما بعد 2003؛ يضمن للعراق والعراقيين وضعاً محلياً وإقليمياً كريماً ومستقلاً وقوياً. ومن هنا بدا وجود نوري المالكي بعد عام 2011 مزعجاً جداً لأمريكا وحلفائها العرب والعراقيين.

فبدأوا بتوجيه الضربات المنظمة الموجعة له، ومحاولة شل حركته وإسقاطه شعبياً؛ بالتزامن مع إسقاط نظام بشار الأسد. وكانت عمليات تمويل داعش وإعادة تنظيم خططه في عام 2013 ممهدة لإسقاط الأسد والمالكي معاً. وبلغ تكريس العمل العسكري والسياسي والإعلامي المضاد للمالكي ذروته في الفترة من فبراير الى يوليو 2014؛ بإسقاط ( وليس سقوط ) المحافظات والمدن السنية بيد داعش والبعث؛ وآخرها الموصل؛ بعد وقوف عواصم القرار الإقليمي والغربي على عدم إمكانية إسقاط المالكي عبر الإنتخابات البرلمانية.

أوالحيلوله دون توليه منصب رئاسة مجلس الوزراء لدورة ثالثة. ولكن مساعي الأضداد نجحت أخيراً في منع المالكي من تشكيل جكومته الثالثة؛ الأمر الذي ضاعف من شعبيته وحضوره في الوجدان العراقي. وبالتالي تعتقد الرؤية التي يطرحها هذا المقال ان السيد نوري المالكي لايزال يتفرّد بشعبية عراقية وشيعية إقليمية لايمتلكها سوى سبع شخصيات شيعية فقط في الشرق الأوسط؛ إذ تؤكد مراكز الدراسات ان اي انتخابات مبكرة في العراق سينتج عنها اكتساح غير متوقع للمالكي وحلفائه من جماعات المقاومة؛ وهو ما يجعل واشنطن وفريقها الإقليمي (تركيا، اسرائيل.

السعودية، قطر، الأردن، الجماعات السلفية الوهابية، داعش والأخوان المسلمين) وحلفاءها في العراق؛مستمرون بقوة وتركيز في عملية تدمير حلفاء نوري المالكي ميدانياً وسياسياً وإعلامياً؛ لأنهم الأقرب الى نبض الشارع العراقي، وأبرز سلاحين في هذه العملية: تجريد المالكي من أدوات الحضور الحكومي الرسمي و قنوات التواصل الشعبي، والدعوات لمحاكمة المالكي وتحميله إسقاط المحافظات والمدن السنية، ولكن هذه الأسلحة ستثبت عدم جدواها في إضعافه وضربه؛ وهو ما ستؤكده ميدانياً إنتخابات مجالس المحافظات والإنتخابات البرلمانية القادمة.. نص المقال: ((تتمتع النخبة الإعلامیة والسیاسية في ایران بفهم عمیق حيال ما یجري في المنطقة العربية والإسلامية.

ولاسيما الدول الأكثر قرباً؛ كتركيا واذربيجان والعراق وسوريا ولبنان والبحرین والیمن والسعودية وفلسطين وافغانستان وباكستان؛ لأنه فهم مبني على دراسات علمية تنتجها مؤسسات بحثية إيرانية عالية التخصص؛ فضلاً عن الخبرة العملية المكتسبة من الحركة الدؤوبة للأجهزة الرسمية وشبه الرسمية والأهلية. ومن هنا تأتي حسابات النخبة الإيرانية ـ غالباً ـ دقیقة جداً. ويعضِّد هذه الحسابات ثوابت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سياستها الخارجية، وهي ثوابت أصولیة إستراتيجية تنتمي الى حالة المقاومة والممانعة التي تتصدرها الجمهورية الإسلامية.

وهناك خطأ شائع لدى خصوم الجمهورية الإسلامية؛ إذ يتصورون ان مواقف إيران تجاه المنطقة؛ يبنيها العقل العسكري، أو مايسمونه بعقلية الجنرال قاسم سليماني. وهذا التصور مبني على إسقاط واقع النظم الدكتاتورية والوراثية والشمولية في منطقة الشرق الأوسط؛ والتي يكون فيها الحاكم هو المنظِّر والمفكر والمخطط والمنفذ. بينما يأخذ القرار في إيران سياقات غاية في التعقيد؛ عبر مؤسسات بحثية وتخطيطية وتنفيذية متخصصة؛ فيخرج القرار ومخرجاته وأساليب تنفيذه مستشرفاً نقاط النجاح، ولصيقاً بالواقع وحيثياته. والخطأ الآخر الذي يقع به الخصوم أيضاً؛ يتمثل في تصورهم أن إيران تبني سياستها الخارجية على أساس مصالحها الوطنية حصراً، وهذا التصور يدلّ على قصور كبير في فهم البنية الايديولوجية التي تقوم عليها الجمهورية الإسلامية. نعم؛ إيران تنظر الى مصالحها الوطنية بعناية ودقة متناهية؛ ولكن هناك ثوابت أخرى تتعلق بالبعد العقائدي للجمهورية الإسلامية، والذي يتمثل في أهداف الإسلام العالمية ومحورية جبهة الممانعة والمقاومة التي تعبر الحدود.

وقد لايعلم كثيرون إن المؤسسات الدينية غير الرسمية؛ كمرجعيات قم ومراكز القوى الدينية؛ لها مدخليتها الكبيرة في صناعة مناخات السياسة الخارجية الإيرانية؛ وهي مرجعيات ومراكز عابرة للرؤية الوطنية. ويدخل في هذا السياق أيضاً؛ الرؤية المرجعية للإمام الخامنئي؛ فهي رؤية تنطلق من المسؤولية العقائدية والفقهية لموقع المرجع الديني الأعلى والقائد الممانع. فالسيد الخامنئي ليس قائداً سياسياً وحسب؛ بل هو مرجعديني؛ عليه مسؤوليات دينية سياسية كبيرة تتعدى المصلحة الوطنية الإيرانية. وهذا المدخل ليس كلاماًنظرياً وتسويقياً؛ بل يدخل في صلب الواقع التطبيقي لسياسة الجمهورية الإسلامية. ومن أراد التعامل مع الجمهورية الإسلامية؛ بصرف النظر عن دينه ومذهبه وإنتمائه الوطني والقومي والفكري؛ لابدّ أن يعي هذه الحقائق؛ كي يكون تعامله واقعياً و عملياً. وهذا ماتعيه الدول والجماعات والمؤسسات التي تتعامل مع إيران بواقعية.

بإعتبارها قوة عالمية صاعدة؛ كأمريكا ودول أوربا وروسيا والصين واليابان. على العكس من كثير من الدول الإقليمية وبعض الجماعات العنصرية والطائفية فيها، والتي تتعامل مع إيران بأساليب التمنيات والأحلام والأوهام والإحتراب الخاسر؛ وهي لاتزال تنظر الى إيران عام 2015 على أنها إيران عامي 1979 و1980. وعليه؛ فإن رؤية النخبة السياسية والإعلامية الإيرانية في موضوعات السياسة الخارجية؛ تتجاوز البعد العاطفي والإنفعالي والوطني والمصلحي المحظ؛ لتنطلق في رحاب الأهداف التي تتسع للواقع الإسلامي ولمنظومةالعالم الثالث والجنوب والمستضعفين. هذه الرؤية الإيرانية النخبوية؛ إذا تم تطبيقها على نموذج من الشخصيات البارزة على مستوى المنطقة العربية والإسلامية؛ وهو نموذج السيد نوري المالكي؛ فسنرى إنها رؤية لصيقة بالواقع المنسجم مع ثوابت الجمهورية الإسلامية. وهي رؤية تنظر الى نوري المالكي على انه (( رجل العراق القوي )).

وكما ذكرنا فإن هذه الرؤية الإيرانية النخبوية ليست عاطفية أو إنفعالية، ولاعلاقة لها بقرب المالكي من إيران أو بعده عنها؛ فهناك شخصيات عراقية وعربية مرتبطة بإيران ولصيقة بها؛ ولكن إيران لاتوليها الأهمية نفسها. بينما لايعد المالكي أحد رجال إيران في العراق والمنطقة؛ بل هو حليف مستقل. وبالتالي تنطلق الرؤية الإيرانية للمالكي من إمتلاكه المساحة الشعبية الأكبر في العراق، ومن حصوله على ثلثي أصوات الوسط والجنوب العراقي في إنتخابات عام 2014، وثلث أصوات مجمل الناخبين العراقيين، وقيادته أكبر إئتلاف في البرلمان وفي الحكومات المحلية ( 104 عضو برلماني من مجموع 325 )، وكونه أمين عام أكبر وآهم حزب عراقي، وهو الحزب الذي ينتمي اليه رئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة منذ عام 2005 وحتى الآن، وكونه أيضاً الشخصية الأكثر التصاقاً بفصائل الحشد الشعبي التي تمسك بمفاتيح المواجهة المسلحة مع الإرهاب في العراق. والأهم من كل ذلك.

إن نوري المالكي هو الشخصية العراقية الأكثر شعبية؛ على وفق إستطلاعات الرأي العلمية والدراسات الخاصة. كما انه الشخصية السياسية العربية التي تتقاسم الشعبية مع السيد حسن نصر الله في الوسط الشيعي العربي غير العراقي. وبالتالي؛ يمتلك المالكي خصائص القائد الشعبي ورجل الدولة والسیاسي المقاوم؛ والذي یعمل بدأب من أجل تعزیز سیادة ‌العراق، ووحدته‌ الوطنیة، وتمكين جبهة المقاومة والممانعة في العراق والمنطقة، والوقوف بوجه التدخلات الأجنبیة وأدوات الإرهاب؛ كداعش والقاعدة وفلول حزب البعث. وبما ان الإيرانيين ينظرون الى الأمور بالواقعية المنسجمة مع توجهاتهم؛ فمن الطبيعي أن يحظى نوري المالكي باهتمامهم واحترامهم ودعمهم، ويتحول الى حليف مستقل وقوي. وفي المقابل؛ أصبح المالكي يتحرك بسياسة أصولية ذكية بعد عام 2011؛ باتجاه تعزیز العلاقات مع طهران سیاسیاً وعسكرياً واقتصادیاً و ثقافیاً؛ فضلاً عن  دفاعه عن محور المقاومة في المنطقة ومراكزها في لبنان و البحرین و الیمن، ومساعيه الإستراتيجية للحیلولة دون سقوط النظام السوری؛ وهي المنعطف المصيري الذي حوّل علاقة واشنطن به الى مرحلة العداء المعلن؛ وصولاً الى إصدار أمريكا قرار الفيتو على إعادة تسلمه رئاسة الحكومة العراقية لولاية ثالثة.كما تسبب هذا الموقف في تآمر الأمریکان والغرب والصهاینة وترکیة والسعودیة وقطر وغيرهم ضده؛ وصولاً الى التهديد بعزله عن مواقعه الحزبية والحكومية، وتقديمه للمحاكمة. وكانت هذه هي المكافأة الطبيعية التي يقدمها الخصوم لهذا القائد العراقي الشعبی الذي تحوّل تدريجياً الى رمزٍ لمواجهة الصهیونية و الوهابیة وأدواتهما. ولو وافق المالكي خلال عامي 2011 و 2012 على إسقاط النظام السوري ودعم هذا المسعى.

لسقط هذا النظام بالفعل عام 2012؛ ولما صدر الفيتو الأمريكي، ولما قال الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز: (( لن أضع عقالي على رأسي حتى أسقط المالكي)). وكانت الأهداف الإستراتيجية للجبهة الأمريكية البريطانية الإسرائيلية السعودية؛ تتمثل في إسقاط السيد حسن نصر الله عام 2006، وفشلت؛ ثم إسقاط الإمام الخامنئي عام 2009، وفشلت أيضاً؛ ثم إسقاط بشار الأسد عام 2011؛ وفشلت بمسعى مشترك من الإمام الخامنئي والسيد نوري المالكي والسيد حسن نصر الله؛ ثم إسقاط الحراك البحريني عام 2013؛ ونجحت بشكل نسبي؛ ثم إسقاط الحراك اليمني عام 2014؛ وفشلت؛ ثم إسقاط السيد نوري المالكي؛ بعد فشل محاولات إسقاطه في الأعوام 2008 و 2010 و2012. بيد أن الفيتو الأمريكي وإشعاعاته نجح في تنحية المالكي في عام 2014 عن رئاسة الحكومة العراقية. وفي هذا المجال يقول السيد المالكي؛ بأنه لم يكن ليتنازل عن إستحقاقه الشعبي في تولي رئاسة الحكومة عام 2014، وإنه كان سينتزع هذا الحق؛ رغماً عن أنف أمريكا والسعودية وتركيا؛ لولا نظرته الى مصلحة العراق وشعبه، والإشارة التي تلقفها من السيد القائد الخامنئي. وكلا النظرة والإشارة يكملان بعضهما ويلتقيان عند مصلحة الشعب العراقي العليا. ولايغيب حتى عن البسطاء والسذج؛ بأن إثارة الإتهامات والشکوك حول تقصير المالكي في سقوط الموصل وغيرها من الأراضي العراقية بيد تنظيم داعش الوهابي والحرب الإعلامية والسیاسية ضده في هذا الموضوع؛ إنما تهدف لإسقاطه سياسياً وشعبياً؛ كونه القائد الجماهيري الأقوى في العراق، وكونه رمزاً مركزياً في جبهة الممانعة في المنطقة؛ كما حصل مراراً مع السيد حسن نصر الله وبشار الأسد والسيد حسين الحوثي والشيخ علي سلمان وأحمدي نجاد وغيرهم من قادة المقاومة في المنطقة. وهذا الجهد المعادي لايقتصر على الخصوم الغربيين والطائفيين؛ بل يتعداه الى من أسماهم الإمام الخامنئي بشيعة لندن وواشنطن. وكان الإمام الخامنئي قد أكد رمزية السيد المالكي وإنجازاته وتضحياته وإيثاره في اللقائين الأخيرين اللذين جمعاهما في كانون الثاني/ يناير وآب/ اغسطس الماضيين. وهذا التأكيد هو المؤشر الأهم في الواقعية الإيرانية في نظرتها الى السيد المالكي، والتي تشير الى محوريته في واقع العراق والمنطقة العربية برمتها؛ وهي محورية لاعلاقة لها بمنصب السيد المالكي الحكومي؛ سواء كان رئيساً للوزراء أو نائباً لرئيس الجمهورية أو عضواً في البرلمان أو دون منصب رسمي. فالواقعية الإيرانية تنظر الى المالكي بعيداً عن المنصب الحكومي ومايترتب عليه من بروتوكولات دبلوماسية وسياسية.  وعلی الرغم من أن السید المالکي قد زار إيران في كانون الثاني / يناير الماضي،بعد تسنمه منصب نائب رئيس الجمهورية، وكانت زيارته ناجحة، وحظيت باهتمام كبير؛ و لکن زیارته الأخيرة في آب / أغسطس؛ كانت مختلفة في نوعية الإهتمام الإيراني به؛ سياسياً وإعلامياً، وفي طبيعة برنامجها؛ بل لعلها تختلف حتى عن زياراته السابقة وهو في موقع رئاسة الحكومة العراقية. كما ان مستوی لقاءات نوري المالکي في طهران، والكلمات التي ألقاها في مؤتمرين نوعيين، وحواره مع النخبة الثقافية والإعلامية الإيرانية؛ إنما هي مؤشرات من العيار الثقيل على هذه الواقعية.فعدا عن كبار المسؤولين الذين التقوه في مقر إقامته خلال زيارته الرسمية الأخيرة الى إيران في آب/ اغسطس الماضي؛ فإن عدداً من قادة الدولة أقاموا له مآدب عشاء أو غداء، كما استقبله نظيره النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الدكتور جهانكيري؛ بحفاوة بالغة. وكان لافتاً لنظر المراقبين أن يلقي نوري المالكي کلمةً في الجلسة الافتتاحیة لمؤتمر أهل البيت العالمي بعد كلمة رئيس الجمهورية الإسلامية الدكتور حسن روحاني مباشرة؛ بحضور 700 شخصية دينية وعلمية وسياسية شيعية من أكثر من 80 بلداً. ثم  يلقى بعد يومين كلمة في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر إتحاد التلفزیونات الإسلامیة بعد كلمة ممثل قائد الثورة الإسلامية مباشرة؛ بحضور أكثر من 500 شخصية ثقافية وسياسية وإعلامية من معظم دول العالم. كما نظّم إتحاد الصحفيين المسلمين في ايران جلسة حوارية مع المالكي بحضور النخبة الصحفية والإعلامية الإيرانية. وكان مقرراً أن تعقد الجلسة بحضور 30 شخصية فقط؛ إلا ان إنهيال الطلبات على الإتحاد من النخبة الصحفية والإعلامية؛ إضطره الى إختيار 80 شخصية منهم فقط. وظلت التقارير حول زيارة المالكي طيلة أربعة أيام تتصدّر الصحف ووسائل الإعلام الإيرانية. كما كانت نوعية إستقبال الزائرين الإيرانيين والعراقيين والعرب للسيد المالكي في صحن الإمام الرضا ( ع ) في مشهد؛ مثار دهشة المراقبين الإيرانيين أنفسهم. فقد أحاط به مئات الزائرين لإلقاء التحية عليه؛ بصورة لاتحدث إلا لعدد قليل من المسؤولين؛ الأمر الذي يشير الى شعبيته اللافتة؛ حتى في أوساط الناس العاديين من الإيرانيين والشيعة العرب. وقد تنبهت بعض وسائل الإعلام و الصحف العربية والعالمية الى نوعية الحلف المتجدد بين المالكي وإيران؛ فقد عنونت صحیفة‌ “القدس العربي” اللندنية رأيها اليومي بهذا العنوان التحريضي: (( ‌هل تتخلی ایران عن نصرالله العراقي؟ ))؛ إذ ذكرت الصحيفة بأن إيران أصبحت تنظر الى المالكي (( بأنه نصر الله العراق ))؛ أي الحليف القوي والركيزة العراقية الصلبة في جبهة الممانعة. وهذا المقال يعكس الرعب الإقليمي الطائفي من ازدیاد شعبیة المالکي و دوره الوطني و الاقلیمي الصاعد، وإحتفاظه بموقع رجل العراق القوي. وهو ما يريد خصوم المالكي إسقاطه بأي ثمن، ويسعون بكل أساليب التآمر لضربه. علماً أن مروحة خصوم المالكي لاتبدء بأمريكا ولاتنتهي ببعض الجماعات الشيعية. إلّا أن إستطلاعات الرأي والدراسات أشارت الى إرتفاع شعبية نوري المالكي في العراق خلال أشهر حزيران و تموز وآب الماضية؛ وهي الأشهر التي بدأت فيها بعض نقاشات اللجنة البرلمانية للتحقيق في سقوط الموصل تتسرب الى الشارع؛ وهي تتضمن إتهامات للسيد المالكي، كما انطلقت في هذه الأشهر التظاهرات الشعبية المطالبة بالخدمات والإصلاح، ومارافقها من حزمات إصلاحية حكومية. وكان بعض السياسيين العراقيين والإقليميين؛ ولا سيما السعوديين والاتراك؛  يتوقعون أو ـ بكلمة أدق ـ يتمنون إنهيار شعبية المالكي وسقوطه سياسياً؛ بالنظر للحرب السياسية والإعلامية المركّزة التي مارستها ضده الماكنات السياسية والمخابراتية والإعلامية المحلية والإقليمية في الأشهر الماضية. ولكن هذه الحرب الشاملة التي ارادوا بها طحن المالكي؛ جاءت بنتائج عكسية بالكامل كما أشرنا؛ الأمر الذي ظل يثير حفيظة واشنطن والرياض وانقره وخصوم المالكي المحليين. وتبعث تلك الإستطلاعات والدراسات رسائل الى حلفاء المالكي في إيران ولبنان والعراق بصوابية خيارهم. كما تبعث رسائل الى خصوم المالكي بأن محاولاتهم إسقاطه سياسياً وشعبياً وإعلامياً؛ لا جدوى منها؛ فهو الجزء الأقوى  والأكبر مساحة في واقع العراق والمنطقة، ولا يمكن تجاوزه والعبور عليه؛ ولابد من الواقعية في التعامل معه. ومن هذه الحقائق التي يراها الإيرانيون بوضوح، ولايريد أن يراها كثير من العراقيين والسعوديين والاتراك والأمريكيين؛ تنطلق الواقعية الإيرانية؛ فهي لاتريد أن تصنع زعيماً إسمه المالكي أو تنفخ فيه لتحضِّره لموقع مستقبلي، أو يكون رجلها الذي تراهن عليه في العراق؛ بل إنها تتعامل مع زعيم جاهز؛ صنعه تاريخه وحضوره وإنجازه )).

 

7

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...