06 القسم الثالث :
فيما ورد من السجود على غير الأرض لعذر .
1 – أنس بن مالك : كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يستطع
أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض من شدة الحر طرح ثوبه ثم سجد عليه .
وفي لفظ البخاري : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا
طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود .
وفي لفظ مسلم : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم
يستطع ( 1 ) أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه .
وفي لفظ : كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف
الثوب من شدة الحر مكان السجود ( 2 )
قال الشوكاني في النيل : الحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء
حر الأرض ، وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل ، لتعليق
بسط ثوب بعدم الاستطاعة ، وقد استدل بالحديث على جواز السجود على الثوب
المتصل بالمصلي ، قال النووي : وبه قال أبو حنيفة والجمهور أ ه .
2 – أنس بن مالك : كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر .
أخرجه ابن ماجة في صحيحه : 2 / 216 وقال الإمام السندي في شرحه :
الظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر نصف النهار ” سجدنا على ثيابنا ” الظاهر أنها
الثياب التي هم لابسوها ضرورة أن الثياب في ذلك الوقت قليلة ، فمن أين لهم ثياب
فاضلة ؟ فهذا يدل على جواز أن يسجد المصلي على ثوب هو لابسه كما عليه
الجمهور أ ه . وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء عن ابن عباس : رأيت
رسول الله يصلي يسجد على ثوبه ( 1 ) .
وأخرج البخاري في الصحيح : 1 / 101 في باب السجود على الثوب في شدة
الحر : وقال الحسن : كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه .
لفت نظر :
هناك حديث حمله الفقهاء على هذه الصورة أيضا مع أنه ليس فيه ذكر عن
السجدة على الثوب ، ألا وهو :
عن ابن عباس : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كساء أبيض في غداة
باردة يتقي بالكساء برد الأرض بيده ورجله .
وفي لفظ أحمد : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير وهو
يتقي الطين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سجد .
وعن ثابت بن صامت : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قام يصلي في مسجد بني عبد الأشهل وعليه كساء ملتف به يضع يده عليه
يقيه برد الحصى .
وفي لفظ : رأيته واضعا يديه في ثوبه إذا سجد .
في لفظ ابن ماجة : فرأيته واضعا يديه على ثوبه إذا سجد ( 1 ) .
قال الشوكاني في نيل الأوطار : الحديث يدل على جواز الاتقاء بطرف الثوب
الذي على المصلي ولكن للعذر ، أما عذر المطر كما في الحديث ، أو الحر والبرد كما
في رواية ابن أبي شيبة وهذا الحديث مصرح بأن الكساء الذي سجد عليه كان
متصلا به أ ه .
ونحن لم نر هذا الحمل في محله إذ الحديث لا يدل بظاهره إلا على اتقاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالكساء برد الأرض بيده ورجله فحسب ، وليس فيه إيعاز
قط إلى السجدة والجبهة ، وسبيله سبيل حديث السيدة عائشة : كان
رسول الله إذا صلى لا يضع تحت قدميه شيئا إلا أنا مطرنا يوما فوضع تحت قدميه
نطعا ( 1 ) .
وهناك مرفوعة أخرجها أحمد في المسند : 4 / 254 عن محمد بن ربيعة عن
يونس بن الحرث الطائفي عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أو يستحب أن يصلي على فروة مدبوغة
( 2 ) .
والإسناد ضعيف بالمرة وبمثله يستدل في الأحكام ، فيه يونس بن الحرث ، قال
أحمد : أحاديثه مضطربة ، وقال عبد الله بن أحمد : سألته عنه مرة أخرى فضعفه . وعن
ابن معين : لا شئ ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، وقال النسائي : ضعيف . وقال
مرة : ليس بالقوي ، وقال ابن أبي شيبة : سألت ابن معين عنه فقال : كنا نضعفه
ضعفا شديدا . وقال الساجي : ضعيف إلا أنه لا يتهم بالكذب .
تهذيب التهذيب : 11 / 437 .
وفيه أبو عون عبيد الله بن سعيد الثقفي الكوفي قال أبو حاتم كما في الجرح
والتعديل لابنه : هو مجهول . وقال ابن حجر : حديثه عن المغيرة مرسل .
على أن متن المرفوعة ساكت عن السجدة وحكمها ، والملازمة بين الصلاة
على الفروة والسجدة عليها منتفية . القول الفصل :
هذا تمام ما ورد في الصحاح ، والمسانيد مرفوعا وموقوفا فيما يجوز السجود
عليه برمته ، ولم يبق هناك حديث لم نذكره ، وهي تدل بنصها على أن الأصل في
ذلك لدى القدرة والإمكان الأرض كلها ، ويتبعها المصنوع مما ينبت منها أخذا
بأحاديث الخمرة عنه والفحل والحصير والبساط ، ولا مندوحة عنها عند فقدان
العذر ، وأما في حال العذر وعدم التمكن منها فيجوز السجود على الثوب المتصل
دون المنفصل لعدم ذكره في السنة .
شاهد أيضاً
السجود على التربة الحسينية – الشيخ عبد الحسين الأميني
08 أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع : 9 / 191 رجاله ثقات . هي ...