عندما تسمع عن انشاء تحالف واسع مكوّن من حوالي 34 دولة عربية واسلامية ، وبعد ان تعلم عن مخططاته لمواجهة الارهاب عبر ثلاثة اتجاهات عسكرية وفكرية واعلامية ، وبقيادة السعودية، تخال نفسك امام دولة عريقة بالديمقراطية وبالانفتاح الاجتماعي والاعلامي والفكري ولها تجارب ناجحة في داخلها وفي محيطها حول قدراتها الميدانية والامنية والعسكرية والفكرية والعلمية ، لتعود وتنتظر بفارغ الصبر ومعك الكثير من المتسائلين لرؤية كيف سيتم العمل لمواجهة هذا الارهاب وما هي اهدافه المرسومة.
لم تتأخر كثيرا المملكة للرد على المتسائلين عن اهداف التحالف الاسلامي العربي الذي انشأته في غفلة عن اغلب اعضائه الذين سمّتهم دون علمهم ، فقدّمت نموذجا واضحا عن نظرتها الموتورة وتفسيرها المذهبي الرخيص لما قد يهدف اليه هذا التحالف ، وذلك عندما اقدمت على إعدام آية الله الشيخ نمر النمر ردا على معارضته السلمية للاسرة الحاكمة عبر خطبه ومواقفه ودعواته لرفع الظلم والاضطهاد الديني والاجتماعي والسياسي عن مجموعة كبيرة من ابناء شرق المملكة .
في الحقيقة ، جاء هذا الاعلان عن انشاء التحالف مترافقا مع ما تعيشه المملكة من ضياع ناتج عما تتخبط فيه من خسائر وفشل كامل من جراء انغماسها المذل في المستنقع اليمني عسكريا وامنيا واعلاميا وسياسيا، ومن جراء التبدل الواضح في سيطرة الدولة العراقية على اراضيها بعد انتزاعها من داعش ، ومن جراء ارتباك واسع حول فشل رهاناتها كاملة في سوريا لناحية صمود الرئيس الاسد على رأس الدولة ولناحية هزيمة المجموعات المسلحة التي تدعمها بالكامل هناك، وايضا من خلال الجدار الصلب الذي بنته روسيا على طريق دعم الدولة والجيش والشرعية في سوريا وعلى طريق وضع السكة الصحيحة لمحاربة الارهاب والتي ستؤدي حتما الى حشر المملكة واحراجها في اكثر من نقطة ، ليضغط ذلك عليها ويسرّع من خطواتها للبحث عن مخرج ، فجاء اعلانها هذا ليشكل لها هروبا الى الامام ترجمته باقدامها ، ومن خلال اظهار وجهها الحقيقي في نظرتها للارهاب ، على ارتكاب هذه الجريمة التي سوف تكون لها تداعيات مهمة على مكانتها الدولية والعربية والاسلامية ، وستفتح افاقا واسعة امام اغلب دول هذا التحالف لاعادة النظر باهدافه وبمصداقية المملكة في مواجهة الارهاب وذلك من خلال التساؤلات التالية:
– هل لدى مسؤولي هذه الدول تفسير حول العدد الكاسح من الانتحاريين الذين يحملون الجنسية السعودية ممن ينفذون عملياتهم الارهابية في كافة دول العالم وفي العراق وسوريا ولبنان وبعض دول افريقيا الشمالية ؟
– هل لدى هؤلاء المسؤولين المذكورين اعلاه فكرة عن أن العدد الراجح من الذين يتزعمون او يقودون او ينصّبون انفسهم امراء المجموعات الارهابية التي تقاتل على مساحة اغلب الدول الاسلامية والعربية حكومات وشعوب وجيوش هذه الدول هم من اصحاب الجنسية السعودية ؟
– هل يمكن ايجاد مصدر آخر لهذا الكم الهائل من الاموال التي تُدفع للمجموعات الارهابية في حربها الواسعة تمويلا لاسلحتها ولحاجاتها القتالية وبدل رواتب ومكافآت مادية غير اموال النفط التي تؤمنها المملكة وبعض من يدور في فلكها من دول نفطية حليفة لها ؟
– هل يمكن اعطاء معنى لهذا التكفير الواسع في المدارس والجمعيات الدينية داخل المملكة ضد ( النصارى والروافض والصليبيين والايرانيين والمرتدين والكفار ؟ او هل يمكن ايجاد معنى لهذا التحريض المذهبي المسموم في وسائل الاعلام وفي الفضائيات التي تسيطر عليها المملكة ماديا واداريا ؟
واخيرا … فقد يمكن لهذا التحالف المزعوم ان ينجح ويكون عمله منتجا ومثمرا على صعيد مكافحة الارهاب ، وعلى صعيد مواجهة فعالة لهذه الآفة الخطرة التي تهدد ثقافات ومجتمعات دولنا واوطاننا ، وذلك عن طريق اخراج دولة واحدة من هذا التحالف وتشكيل جبهة واسعة ضدها ومواجهتها والتضييق عليها واجبارها على اتباع سياسة مغايرة تماما لسياساتها الحالية من الناحية الفكرية والاعلامية والامنية والمخابراتية ، وهذه الدولة هي المملكة العربية السعودية .
شارل أبي نادر – عميد متقاعد
نقلاً عن موقع العهد