يبدو أن أصواتا في أميركا بدأت تعلو لمعرفة المدى الذي يمكن معه الاستمرار في شرعنة العدوان السعودي على اليمن بعد ارتفاع أرقام ضحايا المجازر السعودية بحق المدنيين والحرب التي تبدو بلا طريق للنهاية .
صناع القرار وموجهوو الرأي العام في أميركا بدأوا يدركون حجم الخداع الذي مارسته بحقهم السعودية حين أوهمتهم أنها قادرة على حسم المعركة في اليمن ووضعت أهدافا عريضة لم تستطع أن تحقق منها شيئا بعد أكثر من ثمانية أشهر .
كما أن الادانات الدولية التي تزداد يوميا بفعل الاستهداف الممنهج للمدنيين في اليمن ومحاولة إخضاعه من خلال تدمير البنى التحتية والمراهنة على عامل الوقت جعلت الاميركيين يتحسسون رؤوسهم بشأن الدعم والغطاء الذي وفروه للسعودية خلال عدوانها على اليمن.
وزير الخارجية الأميركي الأسبق “ﻛﻮﻟﻦ ﺑﺎﻭﻝ” قال إن الادارة الاميركية ﺃﺧﻄﺄت ﺑﺘﺮﻙ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩية ﺗﻬﺎﺟﻢ ﺍﻟﻴﻤﻦ مضيفا أنه ما ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺼﺪﻕ ﻭﻋﻮﺩﻫﻢ.
وأكد في تصريحات نقلتها قناة فوكس نيوز الاميركية في مايو آيار من العام الماضي أن ملك السعودية ﺳﻠﻤﺎﻥ ﻭﺍﺑﻨﻪ خدعوا الادارة الاميركية حين قالوا إن ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻤﺮ 10 ﺍﻳﺎﻡ ﻭأﻥ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩية ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﺧﻮﻝ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺑﺪاية ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ لكن ﺍﻟﻨﺘﺠﻴة ﻛﺎﻧﺖ أنه ﺑﻌﺪ 41 ﻳﻮما ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﻒ :”ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺻﺮﺍﺥ ﺣﻠﻔﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﻴﻦ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺍﻟﻨﺠﺪﻩ لأﻥ ﺍﻟﻴﻤنيون ﺩﺧﻠﻮا ﻣﺪنا ﺳﻌﻮﺩية ﻭﻗﺘﻠﻮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﻴﻦ ﻭﺻﺎﺩﺭﻭ أسلحة ﺳﻌﻮﺩية ﺭﻏﻢ أﻧﻨﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﺩعما ﻟﻮجيستيا كبيرا لهم واخطأنا لأﻧﻨﺎ ﺭﺍﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﺶ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻭﺯﻳﺮ ﺩﻓﺎﻉ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻜﺮﻩ ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺣﺮﺏ” بحسب المسؤول الأميركي الأسبق.
الفشل الذريع في اليمن حث كولن باول ومسؤولين أميركيين لتحذير السعودية من الدخول في حرب مع إيران لأن هذا يعني عودة ﺍﻟﺴﻌﻮﺩية إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺧﻼﻝ ﺳﺎﻋﺎﺕ ، ﻭﺍﻋﺘﺮﻑ الوزير الأميركي الأسبق ﺑأﻧﻨﺎ لن نكون ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ ﺍﻻﻳﺮﺍﻧﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴة التحتية ﻟﻠﺴﻌﻮﺩية ﻭﻭﻗﺘﻬﺎ ﻟﻦ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩيون ﺧﻂ ﻫﺎﺗﻒ ﻳﻜﻠﻤﻮﻧﻨﺎ ﻣﻨﻪ !.
الخبير السياسي في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات الأميركية، جون هانا، حذر من أن الحرب على اليمن تفرض “تحديات خطيرة تواجه السعودية تهدد استقرارها، وهي سائرة ربما في طريقها إلى الهاوية” مشيرا لأن الحرب أشعلت النزاعات الداخلية داخل العائلة المالكة لأنها تستمر من دون أفق للحل، وتنذر بالخروج عن سلطة الملك سلمان ونجله اللذان “يقودان البلاد في مسار نحو خراب سياسي واقتصادي وعسكري خطير”.
نائب رئيس تحرير صحيفة “واشنطن بوست”، ديفيد إغناتيوس، فتح النار في مقالته الأسبوعية باتجاه المملكة السعودية، بسبب التخبط الباهظ في سياساتها والحرب على اليمن – والتي تكلف ما يفوق المليار دولار شهرياً – دون أية نتائج ملموسة على الأرض، كما رأى أن النظام السعودي يعاني من الخوف، وهو ما دفعه إلى فعل أشياء متهورة وغير فعالة.
ويتساءل : ما الذي دفع المملكة العربية السعودية إلى اتخاذ هذه الإجراءات الخطيرة، وما هي السياسات الأمريكية التي قد تقلل من خطر الفوضى في الشرق الأوسط؟ لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة دون فحص المخاوف الأمنية لدى السعوديين، والتي دفعتهم إلى اتخاذ خيارات سيئة.
غياب الأفق لإنهاء العدوان السعودي على اليمن يضع الادارة الاميركية الحالية و القادمة على المحك في التعامل مع السعودية خاصة بعد التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني وهو ما عارضته السعودية وأنفقت المليارات لتحريض الاميركيين على رفضه، إلا أنه لم تظهر بعد مؤشرات على نية الادارة الاميركية تغيير سياساتها تجاه السعودية وتحديدا في الموقف من العدوان على اليمن والاستمرار في إضفاء الشرعية على ممارساتها وجرائمها .
الموقف الأميركي المحكوم بالمصالح والنظر للسعودية على أنها البقرة الحلوب لتمويل الجماعات الارهابية التي تطيل أمد الحرب في سورية وضخ المليارات لابقاء حاملات الطائرات الأميركية في مياه الخليج يمكن أن يتغير إذا ما شعرت أميركا أن السعودية بدأت تخرج عن طوعها وتسبب لها حرجا دوليا بسبب دعمها .
العائلة السعودية الحاكمة بدأت تشعر أن الادارة الاميركية لن تتحمل كثيرا رعونة التصرفات السعودية في المنطقة وباتت تخشى أن تلاقي مصير الابن المدلل لأميركا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي دعمت أميركا خلعه وسمحت بوصول جماعة الاخوان المسلمين للحكم وبدأ ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان إرسال تطمينات بأن السعودية لا تريد حربا مع إيران ولن تسمح باندلاعها لاقناع أميركا بالاستمرار في حماية النظام السعودي لأن أميركا تدرك جيدا أن اندلاع حرب مع إيران لن يستطيع أحد من صناع القرار الامريكيين تخمين عواقبه.
العلاقة بين السعودية وأميركا لخصها المرشح المحتمل للرئاسة الاميركية دونالد ترامب حين قال لشبكة “سي إن إن” إن السعودية عليها دفع الاموال لاستمرار توفير الحماية لها في المنطقة، لكن السؤال الأبرز هو كيف سيكون شكل هذه العلاقة إذا لم تجد السعودية ما تدفعه لأميركا مع عجز يقترب من المئة مليار دولار في الموازنة السعودية للعام 2016 ؟.
نقلاً عن موقع بانوراما الشرق الاوسط