فما هو معنى الإسلام؟ وما هي مراتبه والآثار المترتّبة على هذه المراتب؟
الإسلام لغةً واصطلاحاً
للإسلام في اللغة عدّة استعمالات:
منها: اعتناق الدين الإسلامي والدخول فيه، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ﴾ .
ومنها: الانقياد والطاعة.
ومنها: الصلح والسلام.
ومنها: الخذلان وترك النصرة.
ومنها: بيع السلف والسلَم.
وإذا راجعنا المعاجم اللغوية نجد أنّ أكثر معنى ذُكر للإسلام هو الاستسلام والانقياد.
نستنتج أنّ أحد معاني الإسلام هو الاستسلام والخضوع أو أنّ من لوازمه هو الاستسلام والانقياد والخضوع.
معنى الإسلام في القرآن الكريم
وردت كلمة “الإسلام” بلفظها في القرآن الكريم أحياناً وبألفاظ أخر من مادّتها واحد وثمانون مرّة تقريباً. وهي في كلّ هذه المرّات تدور حول ثلاثة أوجه:
الأول: الإسلام بمعنى الإخلاص. ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ .
الثاني: الاعتراف باللسان. ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ . يعني اعترفنا باللسان فقط.
الثالث: التسليم الكامل والمطلق لله ربّ العالمين. وذلك يجمع الاعتراف باللسان، والتصديق بالقلب، والوفاء بالفعل، والاستسلام لله تعالى في جميع ما قضى وقدّر، ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ .
استخدامات الإسلام في القرآن
تُطلق كلمة الإسلام في القرآن على عدّة معاني منها:
1- الشرائع السابقة ولا تختصّ بالدين الإسلامي. فقد أُطلقت على شريعة الأنبياء السابقين للنبي منهم نبي الله نوح، إبراهيم، موسى، سليمان، عيسى .
2- النبي الأعظم وأتباعه. يقول الله تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ .
3- الدعوة للمؤمنين للدخول في السلم قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ .
4- التسليم لحكم رسول الله، قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ . بيّن سبحانه أنّ الإيمان به إنّما هو بالتزام حكم رسوله والرضا به . إلى غيرها من الاطلاقات .
مراتب الإسلام في القرآن
التقسيم الأول:
قسّم العلامة المصطفوي مراتب الإسلام إلى ثلاثة مراتب على الشكل التالي:
الأولى: الإسلام في الأعمال الظاهريّة والأعضاء الجسمانيّة.
الثانية: موافقة الظاهر للباطن بحيث لا تختلف أعماله عمّا في قلبه ونيّته.
الثالثة: الاستغراق في بحر الوجود الحقّ بحيث لا يبقى إنيّة ولا تشخّص نفسيّ، ولا رؤية نفس، وتتجلَّى في هذه المرتبة حقيقة مفهوم التسليم والموافقة الحقّة المطلقة ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾ .
التقسيم الثاني:
للعلامة الطباطبائي تقسيم أشمل للمراتب حيث اعتبر أنّ مراتب الإسلام أربعة حسب ما جاء في القرآن .
– المرتبة الأولى: القبول لظواهر الأوامر والنواهي بتلقّي الشهادتين لساناً، سواء وافقه القلب، أو خالفه، قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا﴾ .
– المرتبة الثانية: الاعتقاد التفصيلي بالحقائق الدينية: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ .
– المرتبة الثالثة: انقياد جميع القوى البهيمية والسبعية لقوى العقل بحيث يُصبح الإنسان يعبد الله كأنّه يراه فإنْ لم يكن يراه فإنّ الله يراه, والأخلاق الفاضلة من الرضاء والتسليم، والحسبة والصبر في الله، وتمام الزهد والورع، والحب والبغض في الله من لوازم هذه المرتبة. قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ .
– المرتبة الرابعة: التسليم الصرف لما يُريده المولى أو يُحبّه ويرتضيه، وهذه المرتبة إفاضة إلهية لا تأثير لإرادة الانسان فيه، وهذا ما طلبه ابراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾ فإبراهيم كان مسلماً باختياره، لكنّ سؤاله في أواخر عمره مع ابنه إسماعيل الإسلام وإراءة المناسك سؤال لأمر ليس زمامه بيده، أو سؤال لثبات على أمر ليس بيده .