الصحيفة الثانية
في أول من جمع حديثاً إلى مثله في باب واحد وعنوان واحد من الصحابة الشيعة
وهو أبو عبد اللّه سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري رضي اللّه عنه،
[ 46 ]
وقد نص على ذلك رشيد الدين ابن شهر اشوب في كتابه «معالم علماء الشيعة»، وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي شيخ الشيعة، والشيخ أبو العباس النجاشي في كتابيهما، في «فهرست أسماء المصنفين من الشيعة» مصنفاً لأبي عبد اللّه سلمان الفارسي، ومصنفاً لأبي ذر الغفاري، وأوصلا إسنادهما إلى رواية كتاب سلمان، وكتاب أبي ذر، وكتاب سلمان: كتاب «حديث الجاثيليق»، وكتاب أبي ذر كتاب كالخطبة، يشرح فيه الأمور بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وحكى السيد الخونساري في كتاب «الروضات في أحوال العلماء والسادات» عن كتاب الزينة لأبي حاتم في الجزء الثالث منه: إن لفظ الشيعة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان لقب أربعة من الصحابة: سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد ابن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وقد ذكر في «كشف الظنون» كتاب «الزينة» لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفى سنة خمس ومائتين هـ.
الصحيفة الثالثة
في أول من صنف الآثار من كبار التابعين من الشيعة
صنف هؤلاء في عصر واحد، لا ندري أيهم السابق في ذلك، وهم علي بن أبي رافع صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، وخازن بيت ماله، وكاتبه.
قال النجاشي في كتابه في أسماء الطبقة الأولى من المصنفين من أصحابنا عند ذكره: تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين،
[ 47 ]
وكان كاتباً له، وحفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة، وسائر الأبواب، ثم أوصل إسناده إلى روايته.
ولأخيه عبيد اللّه بن أبي رافع كاتب أميرالمؤمنين عليه السلام كتاب «قضايا أمير المؤمنين عليه السلام»، وكتاب «تسمية من شهد مع أميرالمؤمنين عليه السلام الجمل وصفين والنهروان من الصحابة» كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس سره.
وفي تقريب ابن حجر، كان كاتب علي وهو ثقة من الثالثة.
وأصبغ بن نباتة المجاشعي من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام، وعمر بعده روى عنه عهده للأشتر، قال النجاشي: وهو كتاب معروف ووصيته إلى ابنه محمد بن الحنفيه، وزاد الشيخ أبو جعفر الطوسي في «الفهرست»: إن له كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام، رواه عنه الدوري.
وسليم بن قيس الهلالي أبو صادق، صاحب أمير المؤمنين عليه السلام له كتاب جليل عظيم، روى فيه عن علي، وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد، وعمار بن ياسر، وجماعة من كبار الصحابة.
قال الشيخ الإمام أبو عبد اللّه النعماني المتقدم ذكره في أئمة التفسير في كتابه في الغيبه بعد نقل حديث من كتاب سليم بن قيس، ما نصه: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة خلاف في أن كتاب سليم ابن قيس الهلالي أصل من كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت وأقدمها – إلى أن قال: وهو من الأصول التي ترجع الشيعة
[ 48 ]
أليها، وتعول عليها، انتهى. ومات سليم بن قيس في أول إمارة الحجاج ابن يوسف بالكوفة.
وميثم بن يحيى أبو صالح التمار من خواص أميرالمؤمنين عليه السلام، وصاحب سره، له كتاب في الحديث جليل، أكثر النقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي، والشيلي أبو عمرو الكشي، والطبري في «بشارة المصطفى» مات ميثم بالكوفة، قتله عبيد اللّه بن زياد على التشيع.
ومحمد بن قيس البجلي، له كتاب يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام، ذكره الشيوخ في التابعين من الشيعة، ورووا كتابه، وأستند الشيخ أبو جعفر الطوسي في «الفهرست» عن عبيد بن محمد بن قيس، قال: عرضنا هذا الكتاب على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام فقال: هذا قول علي بن أبي طالب عليه السلام، وأول الكتاب كان يقول: إذا صلى قال في أول الصلاة إلى آخر الكتاب.
ويعلي بن مرة له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، والنجاشي في الفهرست أوصل إسناده ألى رواية النسخة عنه، وعبيد اللّه ابن الحر، الجعفي، التابعي، الكوفي، الشاعر، الفارس، الفاتك، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، ومات أيام المختار، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من المصنفين في الشيعة ربيعة بن سميع له كتاب في زكاة النعم، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من الشيعة المصنفين، وأنه من كبار التابعين.
والحرث بن عبد اللّه الأعور الهمداني أبو زهير، صاحب أمير المؤمنين
[ 49 ]
عليه السلام، له كتاب يروي فيه المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين – عليه السلام – اليهودي، يرويها عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحرث الهمداني، عن أمير المؤمنين عليه السلام، كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي، مات في خلافة ابن الزبير هذا.
ولكن قد ذكر الشيخ رشيد الدين ابن شهر اشوب في أول كتابه «معالم العلماء» ترتيباً في جواب ما حكاه عن الغزالي: أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج «في الآثار وحروف التفاسير» عن مجاهد وعطاء بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن، ثم كتاب «الموطأ» لمالك ابن أنس، ثم جامع سفيان الثوري، ما لفظه بحروفه.
بل الصحيح أن أول من صنف في الإسلام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، ثم ابوذر الغفاري رضي اللّه عنه، ثم أصبغ بن نباتة، ثم عبيد اللّه بن أبي رافع، ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليه السلام، إلى آخر كلامه، والشيخ أبو العباس النجاشي ذكر الطبقة الأولى من المصنفين – كما ذكرنا – ولم يعين السابق ولا ذكر ترتيبا بينهم.
وكذلك الشيخ أبو جعفر الطوسي ذكرهم بلا ترتيب، فلعل الشيخ ابن شهر اشوب عثر على ما لم يعثرا عليه. واللّه سبحانه ولي التوفيق.
تنبيه: نص الحافظ الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب علي أن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، ثم قال: فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بينة، انتهى.
[ 50 ]
قلت: تدبر هذا الكلام من هذا الحافظ الكبير، واعرف شرف تقدم الذين ذكرناهم ونذكرهم بعد ذلك من التابعين وتابعيهم من الشيعة.