سلسلة الآداب والسنن آداب الصوم 06
23 أبريل,2018
طرائف الحكم
1,105 زيارة
وإذا عرفت هذا فاعلم أنَّ كلَّ ما يلحقك من الأحوال والأفعال والأقوال المبعّدة لك عن مراتب الحضور والتذكُّر، فهو مخالف لمراد مولاك من تشريفك بهذه الدعوة والضيافة، ولا ترضى أن تكون في دار ضيافة هذا الملك الجليل المنعم لك بهذا التشريف والتقريب، العالم بسرائرك وخطرات قلبك، غافلاً عنه وهو مراقب لك، ومعرضاً عنه وهو مقبلٌ عليك، بل إنَّ هذا في حكم العقل من القبائح العظيمة التي لا يرضى العاقل أن يعامل صديقه بذلك، ولكن كان من رفق الله وفضله لم يحرِّم مثال هذه الغفلات، وسامح عباده وكلّفهم دون وسعهم هذا، ولكنّ الكرام من العبيد أيضاً لا يعاملون ذلك مع سيّدهم عند كلِّ واجب وحرام،
بل يعاملونه بما يقتضيه حقُّ السِّيادة والعبوديَّة، ويعدُّون من اقتصر بذلك من اللِّئام.
وبالجملة يعملون في صومهم بما وصى به الصادق عليه السلام وهي أمور: منها أن يكون حالك في صومك أن ترى نفسك مشرفاً للآخرة، ويكون حالك حال الخضوع والخشوع، والانكسار والذلَّة، ويكون حالك حال عبدٍ خائفٍ من مولاه، وقلبك طاهراً من العيوب، وباطنك من الحيل والمكر، وتتبرّأ إلى الله من كلِّ ما هو دونه، تخلص في صومك ولايتك لله، وتخاف من الله القهَّار حقَّ مخافته، وتبذل روحك وبدنك لله عزَّ وجلَّ في أيّام صومك، وتفرغ قلبك لمحبَّته وذكره، وبدنك للعمل بأوامره وما دعاك إليه، إلى غير ذلك ممّا أوصى به من حفظ الجوارح من المحذورات والمخالفات، ولا سيّما الِّلسان، حتّى المجادلة واليمين الصادقة،
ثمّ قال في آخر الرواية: إن عملت بجميع ما بيَّنتُ لك فقد علمتَ بما يحقُّ على الصائم، وإن نقصت من ذلك فينقص من فضل صومك وثوابه بقدر ما نقصت ممّا ذكرت.
آداب الصوم 2018-04-23