بعدما بين الرحمن كيف انه تعالى علّم القرآن لمحمد (ص) ليبلّغه للناس، وقلنا ان القرآن هو اعظم النعم الإلهية وخلق الإنسان ثم علّمه البيان لكي يتسنى له من خلاله ان يستفيد وان يوصل ما يروم التعبير عنه للآخرين مع ما اشتمل هذا البيان من مقدمات في القوى المدركة والمفكرة والمحافظة التي تسبق نعمة البيان كما أشرنا من قبل، وقد تبين لنا جلياً ان الباري تعالى قد عرف لنا النموذجين من رحمته العامة (الرحمانية)،
ثم عقّب تعالى ذلك بذكر نموذجين آخرين من نعمه العلويات ونموذجين تاليين من نعمه السفليات، اما عن نعمه العلوية فهما (الشمس والقمر بحسبان). وكلمة ـ بحسبان ـ هي جار ومجرور يتعلقان بفعل مقدر نحو (يجريان) ومعنى كلمة بحسبان تعني بحسابز.
منتظم وحسبان مصدر على وزن غفران من باب نصر ينصر وهو الحساب والنظم والترتيب، وتكون خلاصة معنى الآية هي (ان الشمس والقمر يتحركان بحركة منتظمة محسوبة دون أدنى تغيير أو عشوائية في دورانهما.