أًمُـفَـلَّـجُ ثَغْرِكَ أَمْ جَوْهَرْ ورحيقُ رُضابِكَ(1) أَمْ سُكَّرْ *قد قالَ لِثَغرِكَ صانِعُهُ إنَّا أعطيناكَ الكوثرْ
والخالُ بِخَدِّكَ أَمْ مِسْكٌ نقَّطتَ به الوردَ الأحمرْ
أَمْ ذاكَ الخالُ بِذاكَ الخد فَتِيتُ النَّدِّ(2) على مَجْمَرْ(3)
عجباً من جَمرَتِهِ تَذكو وبها لا يحترقُ العَنْبَرْ
يا مَنْ تبدو لي وَفْرَتُهُ(4) في صبحِ مُحَيّاه الأزهَرْ
فَأُجَنُّ به بالليلِ إذا يغشى والصبح إذا أَسْفَرْ
ارحمْ أرِقاً لو لَمْ يمرضْ بنعاس جفونِكَ لم يسهَرْ
تَبْيَضُّ لهجْرِكَ عيناهُ حزناً ومدامعُهُ تحمَرَّ
يا للعُشّاقِ لمفتونٍ يهوى رَشَأً أحوَى أحْوَرْ(5)
إنْ يَبْدُ لِذي طَرَبٍ غَنّى أو لاحَ لذي نُسُكٍ كَبَّرْ
آمَنْتُ هوىً بنبُوَّتِهِ وبعينيهِ سحرٌ يُؤثَرْ
أَصْفَيتُ الودَّ لِذي مَلَلِ عَيشي بقطيعته كَدَّرْ
يا مَنْ قد آثرَ هِجْراني وَعَلَيَّ بِلُقياهُ استأثَرْ
أقسمتُ عليك بما أولَتْكَ النضرةُ من حسنِ المنظَرْ
وبوجهِكَ إِذْ يحمرُّ حَياً وبوجهِ مُحبكَ إذ يصفَرْ
وبلؤلؤِ مَبْسَمِكَ المنظومِ ولؤلؤ دمعِيَ إذ يُنْثَرْ
إِنْ تَتْرُك هذا الهجرَ فليس يليقُ بمثليَ أَنْ يُهجَرْ
فَأَجِلِ الأقداحَ بصرف الراح عسى الأفراحُ بها تُنشر
واشغل يمناك بصبِّ الكأسِ وخلِّ يسارك للمزهرْ
فدمُ العنقودِ ولحنُ العود يعيدُ الخيرَ وينفي الشر
بَكِّرْ للسُّكرِ قُبيل الفجرِ فَصَفْوُ الدَّهرِ لِمَنْ بَكَّرْ
هذا عملي فاسلك سبلي إنْ كنتَ تقرُّ على المُنْكَرْ
فلقد أسرفتُ وما أسلفتُ لنفسيَ ما فيه أعذَرْ
سوَّدتُ صحيفة أعمالي وَوَكَلْتُ الأمرَ إلى حيدَرْ
هوَ كهفيَ من نُوَبِ الدنيا وشفيعيَ في يوم المحشَرْ
قد تمَّتْ لي بولايته نعَمٌ جمَّت(6) عن أن تُشكَرْ
لأُصيبَ بها الحظَّ الأوفى وأُخَصَّص بالسهمِ الأوفَرْ
بالحفظِ مِنَ النّار الكبرى والأمنِ مِنَ الفزعِ الأكبَرْ
هل يمنعني وهو السّاقي أن أشرب من حوض الكوثَرْ؟
أم يطردني عن مائدةٍ وُضعت للقانعِ والمُعتَرّْ
يا مَنْ قد أنكر من آيات أبي حَسَنٍ ما لا يُنكَرْ
إنْ كنتَ لجهلك بالأيامِ جحدتَ مقامَ أبي شُبَّرْ
فاسأل بدراً واسأل أُحُداً وسلِ الأحزاب وسلْ خَيْبَرْ
مَنْ دبَّر فيها الأمرَ ومَنْ أردى الأبطال ومن دمَّرْ
مَنْ هدَّ حُصونَ الشِّركِ ومَنْ شادَ الإسلامَ ومَنْ عَمَّرْ
مَنْ قدَّمَهُ طهَ وعلى أهلِ الإيمانِ له أمَّرْ
قاسُوكَ أبا حسنٍ بسواكَ وهل بالطَّوْدِ يُقاسُ الذَّرْ؟
أنَّى ساوَوْكَ بِمَنْ ناوَوْكَ وهل ساوَوْا نعلَيْ قَنْبَرْ؟
مَنْ غيركَ مَن يُدعى للحرب وللمحرابِ وللمِنْبَرْ؟
أفعالُ الخيرِ إذا انتشرت في الناس فأنتَ لها مصدَرْ
وإذا ذُكِرَ المعروفُ فما لِسِواك به شيءٌ يُذكَرْ
أَحيَيْتَ الدِّين بأبيضَ(7) قَدْ أَوْدَعْتَ به الموتَ الأحمَرْ
قُطْباً للحربِ يُديرُ الضَّربَ ويَجلُو الكُربَ(8) بيومِ الكَرْ(9)
فاصدَع بالأمرِ فناصرُكَ البَتَّارُ وشانِئُكَ الأَبْتَرْ
لَوْ لَمْ تُؤْمَرْ بالصبر وكَظْمِ الغَيْظِ وليتَكَ لَمْ تُؤْمَرْ
لكنْ أعراضَ العاجلِ ما عَلُقَتْ بِرِدائِكَ يا جَوْهَرْ
أنتَ المُهتَمُّ بحفظِ الدِّينِ وغيرُكَ بالدُّنيا يَغْتَرْ
أفعالُكَ ما كانت فيها إلّا ذكرى لِمَن اذّكَّرْ
حججاً أَلزمتَ بها الخُصَماءَ وتبْصِرةً لِمَنِ اسْتَبْصَرْ
آياتُ جلالِكَ لا تُحْصَى وصِفاتُ كمالِكَ لا تُحْصَرْ
مَنْ طَوَّل فيك مدائِحَهُ عن أدنى واجبها قَصَّرْ
فاقبَلْ يا كعبةَ آمالي مِنْ هَدْيِ مَديحي ما استَيْسَرْ
(*) السيد رضا الهندي اللكهنوئي الأصل النجفي المولد والمدفن (1290 – 1362هـ).
1.الريق.
2.القطعة الصغيرة من العنبر.
3.مكان يوضع فيه الجمر.
4.الشعر المجتمع في الرأس.
5.رشأ: ولد الظبية؛ أحوى: ذو حمرة تميل إلى السواد؛ أحور: ذو بياض يحيط بالسواد.
6.كثرت وزادت.
7.السيف.
8.الحزن والهم.
9.الهجوم.