لعله من مهازل الدهر ان تكافئ أمة عدوها بالنصرة او تكافئ وحرّة مغتصبها بقبلة.. كما يفعل العرب اليوم مع العدوان والاحتلال والاغتصاب الصهيوني للارض المباركة ولكل القيم الانسانية..
أجل.. هذا هو حال الانظمة العربية واغلب شعوب الامة التي يزيد عدد نفوسها على 400 مليون نسمة والممتدة “من المحيط الاطلسي حتى الخليج الفارسي” حسب وصف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر..
ففي مقابل سياسة التهويد التي تتبعها الحكومة الصهيونية والاقتحامات الاستفزازية المتزايدة للاقصى المبارك وتصاعد وتيرة الاستيطان للاراضي المحتلة عام 1967 والتي اثارت حنق وغضب الشعوب الاخرى، حيث فرضت بعض الدول الاوروبية وفي مناطق اخرى من العالم عقوبات على الكيان المحتل بسبب تمسكه بسياسة الاستيطان في الضفة والقدس المحتلتين ورفضها لمبادرات التسوية التي يتوسلها العرب.. نجد العرب مهرولين تجاه تل ابيب كاشفين عن سيقانهم وشره التطبيع مع الغاصبين والجزارين، حتى بلغ الامر بمجرم مثل نتنياهو ان يتفاخر بـ”انقلاب” في علاقات نظامه العنصري مع العرب!
وللاسف تتزامن هذه الهرولة مع الانتفاضة الثالثة، انتفاضة القدس المباركة التي يسعى العرب جاهدين الى خنقها والقضاء عليها.. من بومة رام الله العمياء، المنسق امنيا مع الصهاينة والذي يشارك في اعتقال المقاومين والوشاية بهم للاحتلال، حتى خونة بلاد الحرمين ومن على شاكلتهم في البلدان الخليجية والاردن ومصر والمغرب والسودان ومرتزقتهم من سلفيين وغيرهم.
ففي خبر عكسته وكالة انباء القدس نقلا عن تقرير بثته العام الماضي القناة الصهيونية السابعة، اكدت فيه ان حكومة نتنياهو خصصت 500 مليون شيكل سنويا (الدولار الاميركي يساوي 3,8 شيكل) لصالح التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس خلال السنوات الثلاث القادمة، كمساهمة في “ازدهار الاستيطان” حسب وصفها!
من جانبه، اكد القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية نبيل شعث مؤخرا في لقاء خاص مع قناة العالم الاخبارية نشر في 14 حزيران ـ يونيو 2016.. اكد ان تطبيع “بعض” العرب مع الكيان الصهيوني بأنه كارثة، معتبرا ان الفلسطينيين خسروا منذ اوسلو، مع تضاعف الاستيطان اربع مرات.
الى ذلك أعلن مكتب منسق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية “أوتشا” أن قوات الاحتلال الإسرائيلي هدمت في 12و13 من يوليو الجاري (2016) 23 منزلاً تعود للفلسطينيين في المناطق المصنفة “ج” في القدس المحتلة.. ليصل عدد المنازل المهدمة منذ حزيران الفائت في القدس وحدها الى 43 منزلا.
ولكن في مقابل هذا التعنت والصلف الصهیوني والاستمرار في سیاسة التهوید والاستیطان، تسابق العرب علی التصویت للاحتلال في الامم المتحدة واصبحت اللقاءات السعودیة الصهیونیة في العلن وما خفي منها كان اعظم (نقل المغرد السعودي الشهير عن لقاء جمع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع نتنياهو في العقبة الاردنية تمت مناقشة التعاون بين النظامين الوهابي والصهيوني ضد ايران وسوريا وحزب الله وايضا مشاركة الصهاينة بقوة في العدوان السعودي على اليمن، وقيل حينها ان الصهاينة طالبوا بقاعدة عسكرية دائمة في تعز!
وهذا علم الاحتلال یرفرف في ابوظبي ويد القادة الصهاينة تصافح ايادي الاعلاميين في الدوحة وغيرها والتعاون مع الصهاینة في مجال ضبط الامن وقمع اي تحرك جماهيري في البلدان الخليجية في ذروته، وشراء السلاح والعتاد منهم ومشاركتهم الحرب ضد سوریا الممنوعة اعرابيا من استلام مقعدها في الجامعة العربیة، حتى السودان فقد لوح بعصى بشيره الذي خلع جلباب مقارعته للاستعمار والاستكبار عندما شعر بدفئ الحضن السعودي ولهب ريالاتهم الى ضرورة التطبيع مع الصهاينة خدمة للامة العربية وقضية “السعودية والسودان وجيبوتي” الاولى (فلسطين)!